إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد عقدين على رحيل الزعيم عرفات.. جولة في بيت أبو عمار في تونس.. ماذا بقي من مسيرة الختيار ؟


بقلم: اسيا العتروس 
في شارع يوغرطة حيث يوجد مقر اقامة الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي اختاره ليعيش فيه بعد العدوان الاسرائيلي على حمام الشط في أكتوبر 1985 والذي عرف بعملية الساق الخشبية التي استهدف فيها كيان الاحتلال القيادة الفلسطينية بتونس، بعد عشرين عاما على رحيله، لا يزال بيت الزعيم شاهدا على واحدة من محطات الزعيم عرفات النضالية التاريخية بعد ان حل بتونس قادما من لبنان..هل كان عرفات يعلم أنه سيعود من تونس الى فلسطين ؟
لا أحد بإمكانه تأكيد ذلك، ولكن عندما كان عرفات يغادر بيروت على متن السفينة التي ستنقله مع رجاله الى ميناء بنزرت، سأله أحد الصحفيين الى أين  تذهب؟ فردّ  "الى فلسطين إلى فلسطين إلى فلسطين.." اعتقد الكثيرون ان عرفات يهذي بسبب ما مرّ به في لبنان.. ولكن حدث ذلك وعاد عرفات إلى أرض فلسطين ..
تعود الذكرى العشرين لاستشهاد عرفات في الحادي عشر من نوفمبر 2004، فيما لا يزال بيته العائلي المتواضع  ومقر اجتماعاته  الرسمية مفتوحا يستقبل زائريه كما في كل ذكرى سنوية لإشعال شمعة وقراءة الفاتحة لروحه والاطلاع على مسيرة الرجل ابن القدس الذي سيعرف التشرد مبكرا بسبب النكبة، قبل أن يكون المهندس ثم  مؤسس حركة فتح ثم المقاتل  والمناضل و الزعيم والديبلوماسي، إلى ان تقرر محاصرته وعزله في المقاطعة وتسميمه لتنتهي قصة عرفات، ولكن لتظل قضية فلسطين متوارثة جيلا بعد جيل في الذاكرة الفلسطينية و الانسانية ..
البيت متواضع وهو من طابقين والسور الخارجي المتداعي يؤكد أنه يحتاج للترميم وأنه يجب أن يبقى مزارا ومتحفا وشاهدا على مكانة وقيمة الختيار وكل الجيل الذي فرض القضية الفلسطينية على العالم بعد ان كانت مجرد قضية ارقام ولاجئين يحتاجون للغذاء والدواء .. كل شيئ في البيت على حاله كما كان زمن الزعيم الراحل، وكأنه في احدى المهمات وسيعود الى مكانه، غرفة نومه، كوفيته، ملابسه، أحذيته، اقلامه، كتبه، حتى ما بقي في قنينه العطر لا يزال هناك، المكتبة بمحتوياتها، البيت كان يتسع لكل اللقاءات والاجتماعات مع كوادر المنظمة ..
كان بإمكان عرفات أن يكون مهندسا ويكون له ثروة في الخليج حيث كانت بداياته، ولكنه اختار طريقا مختلفا، فقد تمتع عرفات بكاريزما وهو الذي حمل قضيته في دمه وعقله..
لقد اخرج أبو عمار القضية من دائرة النسيان والتجاهل وجعلها عنوانا حاضرا في مختلف المحافل  الاقليمية والدولية ، ولا تزال مسيرة عرفات محل دراسة و بحث للوقوف على ما خفي منها  من نجاحات أو إخفاقات والاستفادة من مختلف المحطات التي مر بها ..
كان عرفات أحد رموز القرن العشرين وهو من جعل كوفيته جواز سفر عابر للقارات حمل القضية إلى جميع أحرار العالم.
كان عرفات ربان السفينة وضمير القضية وحكيمها الذي ستتضافر كل اللوبيات والقوى الصهيونية لجرّه الى اتفاق تاريخي للسلام سرعان ما سيتحول الى فخ لابتلاع الأرض و هتك العرض واهانة المقدسات والدوس على كرامة البشر ..
احتل ياسر عرفات مساحة كبيرة من المشهد الفلسطيني والعربي والدولي ببدلته العسكرية وبندقيته ومسدسه ولاحقا غصن الزيتون الذي رفعه عاليا امام العالم في الأمم المتحدة مناشدا السلام ..
“يا جبل ما يهزك ريح ..هذا شعب الجبارين …لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي …سيرفع شبل من أشبالنا راية فلسطين في القدس… يريدونني اما قتيلا واما اسيرا واما طريدا ولكن أقول لهم شهيدا، شهيدا، شهيدا… اننا حتما سننتصر ..ثورتكم هذه وجدت لتنتصر وستنتصر طال الزمن او قصر.” ..
هذه بعض من كلمات رددها الزيم الفلسطيني ياسر عرفات وحفظها عنه  الصغار قبل الكبار في المدن الفلسطينية و المخيمات و الشتات.. لم يكن عرفات شخصا عاديا ليسقط في النسيان برحيله، ولكنه كان زعيما و قائدا ومناضلا أخطأ احيانا وأصاب أحيانا أخرى، ولكنه استحق احترام شعبه واستحق قبل ذلك احترام خصومه واعدائه. 
ربما اعتقد الاحتلال انه بزوال عرفات وغيابه عن المشهد زالت الثوابت التي تمسك بها ولكن ومنذ غياب عرفات ما انفكت الساحة الفلسطينية الولادة، تقدم صورا مختلفة عن جل من الفدائيين الذين يواصلون رسم الملحمة في السجون و المعتقلات وفي ساحات المعارك اليومة من جنين الى القدس والخليل الى غزة.. بالتأكيد أن الوفاء لعرفات مهم ولكن الوفاء للقضية أولى وأهم …
لا خلاف أن الرجل الذي لا تزال أسباب وفاته محاطة بكثير من الغموض، في ظل قناعة راسخة لدى الفلسطينيين بأن ابو عمار تعرض للاغتيال بتسميم طعامه عندما كان محاصرا في المقاطعة برام الله من طرف أعوان البلدوزر شارون آنذاك.. 
كان عرفات مزعجا في حياته بالنسبة لمختلف حكومات الاحتلال  و بقي كذلك حتى بعد رحيله وهو الذي لا يختلف  الفلسطينيون حوله عندما يتعرضون لسيرته الطويلة حتى وان اختلفوا معه ولعل في هذا السبب وغيره، ما يجعل من ذكرى رحيل عرفات منذ 2004 موعدا يذكر الفصائل الفلسطينية بأنه لا بديل عن  توحيد الصفوف لاسيما عندما يكون الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب ابادة مسعورة و تكون غزة تحت القصف الهمجي و يواجه أهلها مخاطر التجويع و التهجير والتصفية الجماعية حتى يفرض كيان الاحتلال سلطاته على أرض غزة.. 
نجا عرفات من اكثر من محاولة اغتيال، ولا تزال محاولة تسميمه في المقاطعة محل تعتيم مستمر بعد عقدين على رحيله. 
للتاريخ أكثر من قراءة، والأكيد ان فصول القضية الفلسطينية لم يكتب الفصل الأخير منها، و هي تنتظر مسيرة الاجيال القادمة التي ستعيد كتابة التاريخ بما يرتقي لتضحيات الشعب الفلسطيني على مدى أجيال. 
كتب عنه يفجيني بريماكوف، وزير خارجية الاتحاد السوفياتي، مقالا مطولا كشف فيه انه عرف الزعيم عرفات منذ عام 1968، ويقول في مقال نشر ب"الشرق الاوسط “:" التقيته عشرات المرات، ويمكن القول بأنه تحت سمعي وبصري تحول هذا الرجل، الذي ولد في أتون نضال الفلسطينيين المسلح، فدافع من أجل حقوقهم، تدريجيا، الى سياسي متبصر ورشيد وواقعي، فأصبح العالم بأسره يأخذه بعين الاعتبار بصورة أو أخرى.."
ولد أبو عمار في القدس في الـرابع من أوت عام 1929، واسمه بالكامل محمد ياسر عبد الرؤوف داود سليمان عرفات القدوة الحسيني، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956. درس في كلية الهندسة بالقاهرة، وعمل بالكويت وشارك منذ صباه في بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال نشاطه في صفوف اتحاد طلبة فلسطين، الذي تسلم زمام رئاسته لاحقاً…
كما شارك في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في الخمسينات، وأصبح ناطقا رسميا باسمها عام 1968، وانتخب رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في فيفري 1969، بعد أن شغل المنصب قبل ذلك أحمد الشقيري، ويحيى حمودة.حل الزعيم ياسر عرفات وقيادة وكادر منظمة التحرير ضيوفا على تونس، ومن هناك بدأ استكمال خطواته الحثيثة نحو فلسطين.
عقب إعلان الاستقلال في الجزائر في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988، أطلق الراحل في الثالث عشر والرابع عشر من جانفي للعام ذاته في الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط، حيث انتقلت الجمعية العامة وقتها إلى جنيف بسبب رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة سفر إلى نيويورك، وأسست هذه المبادرة لقرار الإدارة الأميركية برئاسة رونالد ريغان في الـ16 من الشهر ذاته، والقاضي بالشروع في إجراء حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية في تونس اعتبارا من 30  مارس 1989.
ووقّع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين عام 1993، اتفاق إعلان المبادئ “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل في البيت الأبيض، في الثالث عشر من سبتمبر ، حيث عاد ياسر عرفات بموجبه على رأس كادر منظمة التحرير إلى فلسطين…
بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في 2000 نتيجة التعنت الإسرائيلي والانحياز الامريكي و اصرار عرفات على عدم التفريط بالحقوق الفلسطينية والمساس بثوابتها، اندلعت انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من سبتمبر 2000، وحاصرت قوات ودبابات الاحتلال الرئيس عرفات في مقره، بذريعة اتهامه بقيادة الانتفاضة، واجتاحت عدة مدن في عملية أطلقت عليها اسم “السور الواقي”، وأبقت الحصار مطبقا عليه في حيز ضيق يفتقر للشروط الدنيا للحياة الآدمية…
11 نوفمبر 2004/ 11 نوفمبر 2024، عشرون عاما  مضت على رحيل عرفات.. وقد آن الأوان لاعادة التفكير في ارث ومسيرة الرجل وما تحقق وما لم يتحقق،  حتى تتوفر الحكمة الكافية من أجل عدم إفساد القضية التي وهب لها عرفات حياته..
 
444dfrt.jpeg
22222frt.jpeg

333frt.jpeg
 
Messenger_creation_EF2262D8-9ACB-4E5B-836A-148D677055BA.jpeg
 
1111frt.jpg
 
بعد عقدين على رحيل الزعيم عرفات..  جولة في بيت أبو عمار في تونس.. ماذا بقي من مسيرة الختيار ؟

بقلم: اسيا العتروس 
في شارع يوغرطة حيث يوجد مقر اقامة الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي اختاره ليعيش فيه بعد العدوان الاسرائيلي على حمام الشط في أكتوبر 1985 والذي عرف بعملية الساق الخشبية التي استهدف فيها كيان الاحتلال القيادة الفلسطينية بتونس، بعد عشرين عاما على رحيله، لا يزال بيت الزعيم شاهدا على واحدة من محطات الزعيم عرفات النضالية التاريخية بعد ان حل بتونس قادما من لبنان..هل كان عرفات يعلم أنه سيعود من تونس الى فلسطين ؟
لا أحد بإمكانه تأكيد ذلك، ولكن عندما كان عرفات يغادر بيروت على متن السفينة التي ستنقله مع رجاله الى ميناء بنزرت، سأله أحد الصحفيين الى أين  تذهب؟ فردّ  "الى فلسطين إلى فلسطين إلى فلسطين.." اعتقد الكثيرون ان عرفات يهذي بسبب ما مرّ به في لبنان.. ولكن حدث ذلك وعاد عرفات إلى أرض فلسطين ..
تعود الذكرى العشرين لاستشهاد عرفات في الحادي عشر من نوفمبر 2004، فيما لا يزال بيته العائلي المتواضع  ومقر اجتماعاته  الرسمية مفتوحا يستقبل زائريه كما في كل ذكرى سنوية لإشعال شمعة وقراءة الفاتحة لروحه والاطلاع على مسيرة الرجل ابن القدس الذي سيعرف التشرد مبكرا بسبب النكبة، قبل أن يكون المهندس ثم  مؤسس حركة فتح ثم المقاتل  والمناضل و الزعيم والديبلوماسي، إلى ان تقرر محاصرته وعزله في المقاطعة وتسميمه لتنتهي قصة عرفات، ولكن لتظل قضية فلسطين متوارثة جيلا بعد جيل في الذاكرة الفلسطينية و الانسانية ..
البيت متواضع وهو من طابقين والسور الخارجي المتداعي يؤكد أنه يحتاج للترميم وأنه يجب أن يبقى مزارا ومتحفا وشاهدا على مكانة وقيمة الختيار وكل الجيل الذي فرض القضية الفلسطينية على العالم بعد ان كانت مجرد قضية ارقام ولاجئين يحتاجون للغذاء والدواء .. كل شيئ في البيت على حاله كما كان زمن الزعيم الراحل، وكأنه في احدى المهمات وسيعود الى مكانه، غرفة نومه، كوفيته، ملابسه، أحذيته، اقلامه، كتبه، حتى ما بقي في قنينه العطر لا يزال هناك، المكتبة بمحتوياتها، البيت كان يتسع لكل اللقاءات والاجتماعات مع كوادر المنظمة ..
كان بإمكان عرفات أن يكون مهندسا ويكون له ثروة في الخليج حيث كانت بداياته، ولكنه اختار طريقا مختلفا، فقد تمتع عرفات بكاريزما وهو الذي حمل قضيته في دمه وعقله..
لقد اخرج أبو عمار القضية من دائرة النسيان والتجاهل وجعلها عنوانا حاضرا في مختلف المحافل  الاقليمية والدولية ، ولا تزال مسيرة عرفات محل دراسة و بحث للوقوف على ما خفي منها  من نجاحات أو إخفاقات والاستفادة من مختلف المحطات التي مر بها ..
كان عرفات أحد رموز القرن العشرين وهو من جعل كوفيته جواز سفر عابر للقارات حمل القضية إلى جميع أحرار العالم.
كان عرفات ربان السفينة وضمير القضية وحكيمها الذي ستتضافر كل اللوبيات والقوى الصهيونية لجرّه الى اتفاق تاريخي للسلام سرعان ما سيتحول الى فخ لابتلاع الأرض و هتك العرض واهانة المقدسات والدوس على كرامة البشر ..
احتل ياسر عرفات مساحة كبيرة من المشهد الفلسطيني والعربي والدولي ببدلته العسكرية وبندقيته ومسدسه ولاحقا غصن الزيتون الذي رفعه عاليا امام العالم في الأمم المتحدة مناشدا السلام ..
“يا جبل ما يهزك ريح ..هذا شعب الجبارين …لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي …سيرفع شبل من أشبالنا راية فلسطين في القدس… يريدونني اما قتيلا واما اسيرا واما طريدا ولكن أقول لهم شهيدا، شهيدا، شهيدا… اننا حتما سننتصر ..ثورتكم هذه وجدت لتنتصر وستنتصر طال الزمن او قصر.” ..
هذه بعض من كلمات رددها الزيم الفلسطيني ياسر عرفات وحفظها عنه  الصغار قبل الكبار في المدن الفلسطينية و المخيمات و الشتات.. لم يكن عرفات شخصا عاديا ليسقط في النسيان برحيله، ولكنه كان زعيما و قائدا ومناضلا أخطأ احيانا وأصاب أحيانا أخرى، ولكنه استحق احترام شعبه واستحق قبل ذلك احترام خصومه واعدائه. 
ربما اعتقد الاحتلال انه بزوال عرفات وغيابه عن المشهد زالت الثوابت التي تمسك بها ولكن ومنذ غياب عرفات ما انفكت الساحة الفلسطينية الولادة، تقدم صورا مختلفة عن جل من الفدائيين الذين يواصلون رسم الملحمة في السجون و المعتقلات وفي ساحات المعارك اليومة من جنين الى القدس والخليل الى غزة.. بالتأكيد أن الوفاء لعرفات مهم ولكن الوفاء للقضية أولى وأهم …
لا خلاف أن الرجل الذي لا تزال أسباب وفاته محاطة بكثير من الغموض، في ظل قناعة راسخة لدى الفلسطينيين بأن ابو عمار تعرض للاغتيال بتسميم طعامه عندما كان محاصرا في المقاطعة برام الله من طرف أعوان البلدوزر شارون آنذاك.. 
كان عرفات مزعجا في حياته بالنسبة لمختلف حكومات الاحتلال  و بقي كذلك حتى بعد رحيله وهو الذي لا يختلف  الفلسطينيون حوله عندما يتعرضون لسيرته الطويلة حتى وان اختلفوا معه ولعل في هذا السبب وغيره، ما يجعل من ذكرى رحيل عرفات منذ 2004 موعدا يذكر الفصائل الفلسطينية بأنه لا بديل عن  توحيد الصفوف لاسيما عندما يكون الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب ابادة مسعورة و تكون غزة تحت القصف الهمجي و يواجه أهلها مخاطر التجويع و التهجير والتصفية الجماعية حتى يفرض كيان الاحتلال سلطاته على أرض غزة.. 
نجا عرفات من اكثر من محاولة اغتيال، ولا تزال محاولة تسميمه في المقاطعة محل تعتيم مستمر بعد عقدين على رحيله. 
للتاريخ أكثر من قراءة، والأكيد ان فصول القضية الفلسطينية لم يكتب الفصل الأخير منها، و هي تنتظر مسيرة الاجيال القادمة التي ستعيد كتابة التاريخ بما يرتقي لتضحيات الشعب الفلسطيني على مدى أجيال. 
كتب عنه يفجيني بريماكوف، وزير خارجية الاتحاد السوفياتي، مقالا مطولا كشف فيه انه عرف الزعيم عرفات منذ عام 1968، ويقول في مقال نشر ب"الشرق الاوسط “:" التقيته عشرات المرات، ويمكن القول بأنه تحت سمعي وبصري تحول هذا الرجل، الذي ولد في أتون نضال الفلسطينيين المسلح، فدافع من أجل حقوقهم، تدريجيا، الى سياسي متبصر ورشيد وواقعي، فأصبح العالم بأسره يأخذه بعين الاعتبار بصورة أو أخرى.."
ولد أبو عمار في القدس في الـرابع من أوت عام 1929، واسمه بالكامل محمد ياسر عبد الرؤوف داود سليمان عرفات القدوة الحسيني، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956. درس في كلية الهندسة بالقاهرة، وعمل بالكويت وشارك منذ صباه في بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال نشاطه في صفوف اتحاد طلبة فلسطين، الذي تسلم زمام رئاسته لاحقاً…
كما شارك في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في الخمسينات، وأصبح ناطقا رسميا باسمها عام 1968، وانتخب رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في فيفري 1969، بعد أن شغل المنصب قبل ذلك أحمد الشقيري، ويحيى حمودة.حل الزعيم ياسر عرفات وقيادة وكادر منظمة التحرير ضيوفا على تونس، ومن هناك بدأ استكمال خطواته الحثيثة نحو فلسطين.
عقب إعلان الاستقلال في الجزائر في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988، أطلق الراحل في الثالث عشر والرابع عشر من جانفي للعام ذاته في الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط، حيث انتقلت الجمعية العامة وقتها إلى جنيف بسبب رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة سفر إلى نيويورك، وأسست هذه المبادرة لقرار الإدارة الأميركية برئاسة رونالد ريغان في الـ16 من الشهر ذاته، والقاضي بالشروع في إجراء حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية في تونس اعتبارا من 30  مارس 1989.
ووقّع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين عام 1993، اتفاق إعلان المبادئ “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل في البيت الأبيض، في الثالث عشر من سبتمبر ، حيث عاد ياسر عرفات بموجبه على رأس كادر منظمة التحرير إلى فلسطين…
بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في 2000 نتيجة التعنت الإسرائيلي والانحياز الامريكي و اصرار عرفات على عدم التفريط بالحقوق الفلسطينية والمساس بثوابتها، اندلعت انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من سبتمبر 2000، وحاصرت قوات ودبابات الاحتلال الرئيس عرفات في مقره، بذريعة اتهامه بقيادة الانتفاضة، واجتاحت عدة مدن في عملية أطلقت عليها اسم “السور الواقي”، وأبقت الحصار مطبقا عليه في حيز ضيق يفتقر للشروط الدنيا للحياة الآدمية…
11 نوفمبر 2004/ 11 نوفمبر 2024، عشرون عاما  مضت على رحيل عرفات.. وقد آن الأوان لاعادة التفكير في ارث ومسيرة الرجل وما تحقق وما لم يتحقق،  حتى تتوفر الحكمة الكافية من أجل عدم إفساد القضية التي وهب لها عرفات حياته..
 
444dfrt.jpeg
22222frt.jpeg

333frt.jpeg
 
Messenger_creation_EF2262D8-9ACB-4E5B-836A-148D677055BA.jpeg
 
1111frt.jpg
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews