إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قصص من باكالوريا القصرين: من محارب السرطان الى الأب الصغير قاهر اليتم ..لا مستحيل مع الارادة

 


رغم انها احتلت المرتبة 20 وطنيا في نتائج الباكالوريا الدورة الرئيسية 2021 بنسبة نجاح 39.63 بالمئة  وتسجليها عدة معدلات عالية في اغلب الشعب بلغت أقصاها 19,22 .الا ان بعض قصص النجاح الاخرى خطفت الاضواء بالجهة من أصحاب أعلى المعدلات في امتحان الباكالوريا على المستوى الجهوي..
 اخترنا في"الصباح نيوز" قصتين من نجاح لشابين لم تكن معدلاتهما عالية ولكن كانا من أصحاب الهمم والعزائم الفولاذية تحدت المرض واليتم وقساوة الجغرافيا وقهر القدر ولم يكونا من ذوي حظ في الحياة لتهبهما بساط الراحة والنعم ..
في  منطقة الافراش، اقصى معتمدية ماجل بلعباس تمكن التلميذ و رب العائلة محمد طيب فارحي من اجتياز امتحان الباكالوريا بمعدل 10.31 شعبة آداب رغم أنه لم يتمكن من الدراسة طيلة العام وذلك لانشغاله باعانة عائلته التي وجد نفسه كافلها منذ السنوات الاولى لطفولته.
وفي حديثه لنا ورغم مرحه الا ان عبارة" عايلتي في حاجة لي" اختزلت حرقة 20 سنة من الكد والتعب الشديد بعد وفاة والده وهو تلميذ الابتدائي الذي لم يجد حتى الوقت للحزن.. يروي محمد الطيب بنبرة ضاحكة شريطا قصيرا عن تلك الدروب الشائكة والاماكن التي اقتحمها للعمل بذلك الجسد الصغير الذي حمل صناديق التجار بالاسواق بمقابل وخبر الحقول والضيعات  الفلاحية بأجر زهيد للانفاق على والدته المريضة بأمراض مزمنة واعاقة عضوية وأخ أصغر سهر محمد الطاهر على راحته التي لم يذق طعمها وحرص على دراسته اكثر من مشواره رغم حبه الشديد للدراسة . حتى انه اختار في بعض الاوقات غمار الاخطار على الحدود المفتوحة لتهريب المحروقات من اجل مايسد به حاجة عائلته .
 
محمد  كان الأب والأم أحيانا عند اشتداد مرضها فيقوم بكل أعمال البيت ودائما على استعداد تام  لأي عمل يقتات منه بساعده الطفولي وفي كل وقت ومكان ولا يبدي حاجته للغير، لا هم للصغير غير وضع والدته ودراسة أخيه ورغم انه حرم العام الماضي من اجتياز امتحان الباكالوريا لمرض والدته الشديد واضطراره للاعتناء بها وبمواعيدها الطبية حتى خارج الولاية لكنه لم يخف ابدا تلك الرغبة الجامحة في عدم التفريط في فرصته هذا العام وتمكن من اقتلاع نجاح من الدورة الرئيسية رغم كل تلك الظروف وعناء التنقل المعهد البعيد ،نجاح ثمنه كل من سمع قصته بالجهة وخارجها .
وعبر محمد الطيب عن فرحته بهذا النجاح الذي شفى بشكل ما، ما بالنفس من ألم التفريط في فرصته السابقة.. لكن يبقى هاجس الرجل الصغير وضع عائلته ما دفعه بعدم التفكير في اكمال مشواره مجبرا لا مخيرا فلا أحد بعده سيهتم بكل مافي حياته ولا يستطيع الابتعاد عنهم تترجمه  كلماته "يجب أن أشارك  في أي  مناظرة بشكل سريع وبالتالي عمل يحفظ كرامته وعائلته " .
حلم الدراسة مابعد الباكالوريا أصبح صعبا جدا رغم حبه دخول اسوار الجامعات ولكن لا وقت أمامه ليضيع أمام واقع كان ثقله أقوى من قوة المحارب.
أما في مدينة فريانة ومن حملة #كلناصابر التي يسمع صداها الى اليوم على جدران شوارع فريانة وضواحيها ذلك التلميذ الذي انهك جسمه مرض السرطان وتهافت كل من يحمل في طبعه الخير جهويا ووطنيا وحتى خارج الوطن والتكفل بالعلاج تحسنت حالة صابر عبدلي و تمكن من النجاح في الباكالوريا بمعدل 11,78  شعبة اقتصاد وتصرف .
وفي حديثنا مع صابر الذي اشترك مع محمد الطيب في نقطة عدم اجتياز امتحان الباكالوريا السنة الفارطة بسبب وضعه الصحي وخضوعه للعلاج الكيميائي والمراقبة الطبية لكنه أصر هذا العام ورغم تحذيرات الاطباء له بعدم اجتياز امتحانات الباكالوريا وذلك لعودة المرض الى ساقه وتزامن الامتحانات مع فترة اجرائه لعملية جراحية الا أنه أبى التفريط مجددا في هذا العام وتمكن بعزيمة محارب من النجاح الذي كان بنكهات عديدة ،نجاح في مقاومة عذابات المرض وعلاجه ونجاح يمحو الخيبات باختلافها . 
هذا الشاب القوي خاض  حربه المتواصلة مع السرطان  بغرام القول والكتابة فن الشارع والشباب "الراب" الذي وجد فيه صابر المتنفس ومجالا للغضب والألم والفرحة ومحاكاة هذا الواقع المرير و الام الناس والوطن ليخط ويزن القول والايقاع للمقاومة والمقارعة بكل شجاعة عدوه الذي لن يثنيه عن اختيار وجهته المستقبلية بأن يكون من رجال التعليم وذلك تأثرا بما وجده من عناية ومساندة مطلقة من الاطار التربوي والاداري بالمعهد الثانوي بفريانة في محنته وكذلك ليزرع رسالة المقاومة ولا شيء مستحيل في نفوس الاجيال القادمة .  معبرا عن أمله في اجراء عمليته الأهم المقدرة ب50 ألف دينار مع ضرورة توفر"بروتاج" من فرنسا آملا في مساعدة الاخرين له في هذه المرحلة .
كما لا يمكن نسيان جازية حاسي الفريد كما يحلو للأهالي تسميتها، حنين محمدي والتي  أيقظت الفرح والحلم لرقعة جغرافية تناستها الدولة تماما واكتوى أجيالها المتعاقبة بالفقر والعطش والانقطاع عن الدراسة لبعد المؤسسات التربوية ونخر جسدها الارهاب والتهريب بتحقيقها لمعدل 18,14  في شعبة علوم التجريبية .
نماذج أرادت بصوت المفقرين والاقاصي المعدمة ايصال رسائل عديدة بهذا النجاح بأن لا شيء مستحيل مهما تكالبت عليهم وعلى اترابهم و بقاعهم ألف ظلم وظلمات بل يصنعون من كل ذلك الألم شموع تنير منافي البلاد .
                                                 صفوة قرمازي 
 
 
قصص من باكالوريا القصرين: من محارب السرطان الى الأب الصغير قاهر اليتم ..لا مستحيل مع الارادة

 


رغم انها احتلت المرتبة 20 وطنيا في نتائج الباكالوريا الدورة الرئيسية 2021 بنسبة نجاح 39.63 بالمئة  وتسجليها عدة معدلات عالية في اغلب الشعب بلغت أقصاها 19,22 .الا ان بعض قصص النجاح الاخرى خطفت الاضواء بالجهة من أصحاب أعلى المعدلات في امتحان الباكالوريا على المستوى الجهوي..
 اخترنا في"الصباح نيوز" قصتين من نجاح لشابين لم تكن معدلاتهما عالية ولكن كانا من أصحاب الهمم والعزائم الفولاذية تحدت المرض واليتم وقساوة الجغرافيا وقهر القدر ولم يكونا من ذوي حظ في الحياة لتهبهما بساط الراحة والنعم ..
في  منطقة الافراش، اقصى معتمدية ماجل بلعباس تمكن التلميذ و رب العائلة محمد طيب فارحي من اجتياز امتحان الباكالوريا بمعدل 10.31 شعبة آداب رغم أنه لم يتمكن من الدراسة طيلة العام وذلك لانشغاله باعانة عائلته التي وجد نفسه كافلها منذ السنوات الاولى لطفولته.
وفي حديثه لنا ورغم مرحه الا ان عبارة" عايلتي في حاجة لي" اختزلت حرقة 20 سنة من الكد والتعب الشديد بعد وفاة والده وهو تلميذ الابتدائي الذي لم يجد حتى الوقت للحزن.. يروي محمد الطيب بنبرة ضاحكة شريطا قصيرا عن تلك الدروب الشائكة والاماكن التي اقتحمها للعمل بذلك الجسد الصغير الذي حمل صناديق التجار بالاسواق بمقابل وخبر الحقول والضيعات  الفلاحية بأجر زهيد للانفاق على والدته المريضة بأمراض مزمنة واعاقة عضوية وأخ أصغر سهر محمد الطاهر على راحته التي لم يذق طعمها وحرص على دراسته اكثر من مشواره رغم حبه الشديد للدراسة . حتى انه اختار في بعض الاوقات غمار الاخطار على الحدود المفتوحة لتهريب المحروقات من اجل مايسد به حاجة عائلته .
 
محمد  كان الأب والأم أحيانا عند اشتداد مرضها فيقوم بكل أعمال البيت ودائما على استعداد تام  لأي عمل يقتات منه بساعده الطفولي وفي كل وقت ومكان ولا يبدي حاجته للغير، لا هم للصغير غير وضع والدته ودراسة أخيه ورغم انه حرم العام الماضي من اجتياز امتحان الباكالوريا لمرض والدته الشديد واضطراره للاعتناء بها وبمواعيدها الطبية حتى خارج الولاية لكنه لم يخف ابدا تلك الرغبة الجامحة في عدم التفريط في فرصته هذا العام وتمكن من اقتلاع نجاح من الدورة الرئيسية رغم كل تلك الظروف وعناء التنقل المعهد البعيد ،نجاح ثمنه كل من سمع قصته بالجهة وخارجها .
وعبر محمد الطيب عن فرحته بهذا النجاح الذي شفى بشكل ما، ما بالنفس من ألم التفريط في فرصته السابقة.. لكن يبقى هاجس الرجل الصغير وضع عائلته ما دفعه بعدم التفكير في اكمال مشواره مجبرا لا مخيرا فلا أحد بعده سيهتم بكل مافي حياته ولا يستطيع الابتعاد عنهم تترجمه  كلماته "يجب أن أشارك  في أي  مناظرة بشكل سريع وبالتالي عمل يحفظ كرامته وعائلته " .
حلم الدراسة مابعد الباكالوريا أصبح صعبا جدا رغم حبه دخول اسوار الجامعات ولكن لا وقت أمامه ليضيع أمام واقع كان ثقله أقوى من قوة المحارب.
أما في مدينة فريانة ومن حملة #كلناصابر التي يسمع صداها الى اليوم على جدران شوارع فريانة وضواحيها ذلك التلميذ الذي انهك جسمه مرض السرطان وتهافت كل من يحمل في طبعه الخير جهويا ووطنيا وحتى خارج الوطن والتكفل بالعلاج تحسنت حالة صابر عبدلي و تمكن من النجاح في الباكالوريا بمعدل 11,78  شعبة اقتصاد وتصرف .
وفي حديثنا مع صابر الذي اشترك مع محمد الطيب في نقطة عدم اجتياز امتحان الباكالوريا السنة الفارطة بسبب وضعه الصحي وخضوعه للعلاج الكيميائي والمراقبة الطبية لكنه أصر هذا العام ورغم تحذيرات الاطباء له بعدم اجتياز امتحانات الباكالوريا وذلك لعودة المرض الى ساقه وتزامن الامتحانات مع فترة اجرائه لعملية جراحية الا أنه أبى التفريط مجددا في هذا العام وتمكن بعزيمة محارب من النجاح الذي كان بنكهات عديدة ،نجاح في مقاومة عذابات المرض وعلاجه ونجاح يمحو الخيبات باختلافها . 
هذا الشاب القوي خاض  حربه المتواصلة مع السرطان  بغرام القول والكتابة فن الشارع والشباب "الراب" الذي وجد فيه صابر المتنفس ومجالا للغضب والألم والفرحة ومحاكاة هذا الواقع المرير و الام الناس والوطن ليخط ويزن القول والايقاع للمقاومة والمقارعة بكل شجاعة عدوه الذي لن يثنيه عن اختيار وجهته المستقبلية بأن يكون من رجال التعليم وذلك تأثرا بما وجده من عناية ومساندة مطلقة من الاطار التربوي والاداري بالمعهد الثانوي بفريانة في محنته وكذلك ليزرع رسالة المقاومة ولا شيء مستحيل في نفوس الاجيال القادمة .  معبرا عن أمله في اجراء عمليته الأهم المقدرة ب50 ألف دينار مع ضرورة توفر"بروتاج" من فرنسا آملا في مساعدة الاخرين له في هذه المرحلة .
كما لا يمكن نسيان جازية حاسي الفريد كما يحلو للأهالي تسميتها، حنين محمدي والتي  أيقظت الفرح والحلم لرقعة جغرافية تناستها الدولة تماما واكتوى أجيالها المتعاقبة بالفقر والعطش والانقطاع عن الدراسة لبعد المؤسسات التربوية ونخر جسدها الارهاب والتهريب بتحقيقها لمعدل 18,14  في شعبة علوم التجريبية .
نماذج أرادت بصوت المفقرين والاقاصي المعدمة ايصال رسائل عديدة بهذا النجاح بأن لا شيء مستحيل مهما تكالبت عليهم وعلى اترابهم و بقاعهم ألف ظلم وظلمات بل يصنعون من كل ذلك الألم شموع تنير منافي البلاد .
                                                 صفوة قرمازي 
 
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews