الأدوية في خبر كان..والعيادات التكميلية عمقت أوجاع المرضى
تونس-الصباح
مازال العالم يعيش على وقع جائحة كوفيد-19 ولا شك أنه ومنذ ظهور الوباء خصصت كل الدول ميزانيات إضافية للنهوض بالقطاع الصحي حتى يواكب حاجيات كل المرضى ولا يقتصر العمل ، كما هو الحال في بلادنا، على مرضى كوفيد، حيث بقيت وضعيات باقي المرضى (أمراض مزمنة وسرطانية) معلقة بما في ذلك إجراء العمليات المستعجلة.
ولا شك أن المساعدات التي تحصلت عليها تونس من عدة دول صديقة ومؤسسات دولية قد ساهمت في تطويق الوضع الوبائي وتدعيم بعض المؤسسات الصحية ببعض المعدات، إلا أن الوضع في مستشفياتنا لم يتغير بل أصبح أكثر تعقيدا بسبب النقص الفادح في المعدات وأطباء الاختصاص والعملة في كل المؤسسات الصحية دون استثناء، هذا إلى جانب تواصل غياب أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية.
القطاع الصحي اليوم وبعد أزمة كوفيد تحت مجهر مراسلو " الصباح" وفي ما يلي وضع المؤسسات الصحية كما هو في عدد من الولايات.
حنان قيراط
جندوبة: قطاع عليل..مراكز صحية دون أطباء ومعدات..و90 % منها تشكو بنية مهترئة
مثلت وفاة الدكتور بدر الدين العلوي طبيب جراح مقيم بمستشفى جندوبة على اثر سقوطه من أعلى المصعد (10م) بعد أن وضع ساق في الصندوق والذي كان فارغا ليسقط أرضا ويتوفى على عين المكان لحظة تاريخية كشفت حقيقة أزمة القطاع الصحي بولاية جندوبة والذي يتخبط في عدة إشكاليات أثرت سلبا على حياة المواطن في ظل تردي الخدمات المقدمة.
90 بالمائة من المراكز الصحية تعاني من بنية مهترئة
وفاة الطبيب جاءت مرة أخرى لتؤكد حقيقة أزمة القطاع الصحي بالجهة والذي يعاني من عدة إشكاليات فمن بين 114مركزا صحيا يعاني 90 بالمائة منها بنية تحتية متهرئة، وتفتقر للماء الصالح للشراب، وتصنف 95 منها أيضا ضمن صنف2 وتؤمن حوالي12 بالمائة فقط عيادات أسبوعية ويعاني أغلبها من انعدام التجهيزات الحديثة والضرورية كما أن 40 بالمائة من أسطول السيارات في حالة سيئة وغير صالحة للاستعمال وتعاني الخطوط الوسطى من خلال المستشفى الجهوي بجندوبة وطبرقة من عدم توفر ميزانية كافية تتلاءم والظروف الاجتماعية والاقتصادية للجهة إذ يتكفل المستشفى الجهوي بجندوبة بـ60 بالمائة من علاج المرضى المنضوين تحت نظام مجانية العلاج.
هذا وتتخبط أغلب المستشفيات بالجهة في الديون كما تفتقر لأطباء الاختصاص إذ يوجد طبيب مختص فقط لكل 6200 ساكن بالجهة في حين أن المعدل الوطني يسجل تواجد طبيب مختص لكل 1700ساكن.
من جهة اخرى تعتبر المشاريع في القطاع الصحي بالجهة متواضعة وتعاني من البيروقراطية وعدم انجازها في الآجال المحددة الى جانب قضايا الفساد التي تنخر القطاع الصحي بالجهة والتي طالبت النقابات الجهوية بفتحها.
وأكدت الوقفات الاحتجاجية وغضب الأهالي منذ سنوات ومطالبتهم بمستشفى جامعي وتدعيمه بآلات حديثة وخاصة مع تكرر الحوادث الأليمة من حين لآخر بالمستشفى الجهوي بجندوبة والذي يعاني من صعوبات عدة ترجمتها اقالة المدير الجهوي للصحة مؤخرا ، الا أن الاصلاحات الجذرية والجوهرية لقطاع الصحة بالجهة لاتكمن في الأشخاص أو المناصب وإنما في معالجة الاشكاليات والنقائص في مناطق حدودية وتعاني من آفة الارهاب والأمراض المزمنة وبقاء انقاذ المرضى رهين وصولهم الى مستشفيات العاصمة.
مشاريع في مهب الريح
تعددت الجلسات والاجتماعات والوعود على اثر كل كارثة تقع بالجهة ويتم الإعلان في كل مرة عن جملة من الاجراءات والمشاريع لكنها تبقى سجينة الرفوف من ذلك:
* تعزيز الجهة بـ:
2 سيارات إسعاف رباعية الدفع.
1 سيارة إسعاف صنف أ.
3 سيارات إسعاف صنف ب .
2 سيارات نفعية .
7 سيارات خدمات.
توفير تجهيزات لمركز الإسعاف الطبي الاستعجالي
توفير 7 كراسي طب أسنان .
* مراجعة المعايير المتعلقة بتوزيع وسائل الحماية الفردية بمشاركة كل الأطراف المعنية .
*النظر في سبل توجيه أطباء مقيمين بالجهة الصحية بجندوبة وخاصة من الاختصاصات المتعلقة بمرض كورونا الجديد .
* تسخير أقسام بالمستشفى الجهوي بجندوبة لتخصيص نشاطها لايواء مرضى كوفيد .
* التسريع في إضفاء الصبغة الجامعية لبقية أقسام المستشفى الجهوي بجندوبة ليتحول إلى مستشفى جامعي.
* إحداث وحدة نقل الدم بالمستشفى الجهوي بطبرقة .
* دراسة إمكانية إحداث مجمع للصحة الأساسية بطبرقة .
* الإسراع في إتمام المشاريع المعطلة وخاصة قاعة القسطرة وتجهيزات الكهرباء والتسخين المركزي بالمستشفى الجهوي بجندوبة .
* التسريع في إصدار الأمر المتعلق بإعطاء الاستقلالية المالية والإدارية لمركز علاج الأورام بجندوبة .
* اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحداث قسم طب الولدان بالمستشفى الجهوي بجندوبة، الا أن هذه المشاريع لم تر النور الى حد الآن ما عمق أزمة القطاع الصحي بالجهة.
إشكاليات عديدة يعاني منها القطاع الصحي بالجهة خاصة منها غياب طب الاختصاص بالمستشفيات المحلية والجهوية وتواصل العطب الحاصل في آلة السكانار بالمستشفى الجهوي بجندوبة الى جانب وتردي البنية التحتية بالمصحات الأساسية الى جانب ما يعانيه المستشفى الجهوي بغار الدماء مثل العطب الحاصل في آلتي "السكانار" و"urm "بالإضافة الى تعطل الأشغال بالمستشفى المحلي بعين دراهم والتي انطلقت منذ سنتين ولم تنته الى حد الآن.
فمتى يلملم هذا القطاع جراح سنوات من الإهمال والفساد واللامبالاة؟
عمارمويهبي
كاتب عام النقابة الأساسيّة بفرحات حشّاد لـ "الصباح ": سرطان العيادات التّكميليّة أكبر علامة مرضيّة بالمؤسّسات الإستشفائيّة العموميّة
يعتبر المستشفى الجامعي فرحات حشّاد بسوسة واحدا من أبرز المؤسّسات الصحيّة العموميّة بالجهة باعتبار حجم ما يؤمّنه من خدمات صحيّة لعدد مهمّ من المرضى من مختلف جهات الجمهورية حيث يبلغ المعدّل اليومي للمنتفعين بما تسديه مختلف عيادات طبّ الإختصاص بالمستشفى أكثر من 700 عيادة يتصدّرها طبّ الشغل والأمراض المهنيّة يليها قسم طبّ العيون ثمّ قسم علاج الأورام السّرطانيّة بنسبة 53% وهو ما يخلق نوعا من الإكتظاظ بهذه الأقسام ويجعل الإطار الصحّي العامل بالمستشفى النهاري يواجه تحديّات يوميّة من أجل التعهّد بمختلف الحالات حيث أكّد كاتب عام النقابة الأساسيّة بالمستشفى الجامعي فرحات حشّاد بسوسة طارق القلاعي أنّ معدّل الإيواء بالمستشفى ولئن شهد تراجعا بنسبة 11% جرّاء جائحة كورونا فإنّه لم ينزل تحت 7 آلاف حالة ايواء في كلّ ثلاثة أشهر دون اعتبار التّحويلات بين الأقسام .
نقص في الإطار الصحّي وفي بعض التّجهيزات الأساسيّة
بيّن طارق القلاعي كاتب عام النقابة الأساسيّة بمستشفى فرحات حشّاد أنّ نسق العمل وإسداء الخدمات بالمستشفى بدأ يستعيد سيره العادي بعد تسجيل تحسّن ملحوظ في الوضع الوبائي وهو ما بات يخلق اكتظاظا على مستوى عدد من الأقسام في ظلّ تواضع الرصيد البشري من الإطار الصحي بعد وقف عمليّات الانتداب منذ 2011سنة والاقتصار على العمل بالعقود الهشّة أو ما يعرف بعقود كوفيد التي تبقى أنصاف حلول لتجاوز النّقص الفادح في الإطار الصحّي والذي يتعمّق من سنة إلى أخرى بسبب الإجازات طويلة الأمد أو حالات الوفاة أو الإحالة على شرف المهنة.
كما أوضح القلاعي أنّ عديد التّجهيزات والمعدّات الطبيّة الضرورية في حالة رديئة وبعضها أصبح غير قابل للاستعمال بحكم تجاوزه للعمر الافتراضي فكثرة أعطابه من ذلك مثلا جهازي التّصوير بالرنين المغناطيسي و"السكانار" وهو ما يجعل المرضى يتوجّهون إلى المستشفى الجامعي سهلول حيث تطول المواعيد ومدّة الإنتفاع بالخدمة جرّاء العدد الهائل من الراغبين في الانتفاع بخدمة هذين الجهازين، ودعا القلاعي سلطة الإشراف إلى تدارك الوضعية مشيرا في الوقت ذاته إلى أنّ قسم جراحة العيون في حاجة إلى تجديد جهاز العلاج باللّيزر لأهميّته وبما يسمح بانعاش ميزانيّة المستشفى بدل توجيه المرضى إلى المؤسّسات الصحيّة الخاصّة.
وأبرز أن قسم طبّ الأسنان بفرحات حشّاد ورغم أهمّيته والحجم المهم للخدمات التي يقدمها فأنّه يشكو من الحالة السيّئة جدّا لتجهيزاته التي لم تواكب التطوّر التكنولوجي في ظل القفزة النوعيّة التي يعيشها طبّ الأسنان كما أنّ البنية التحتيّة للقسم في حاجة إلى تدخّلات عاجلة للصيانة والتّوسعة خصوصا وأنّ القسم يستقبل عددا محترما من الطلبة الجامعيين.
وشدد محدّثنا على ضرورة التّعجيل باستكمال أشغال صيانة قسم العمليّات الجراحيّة بالمستشفى حتّى يتسنّى التكفّل بجميع المرضى والعمل بطاقة كاملة والتّخفيف من حجم العمل بالمستشفى الجامعي سهلول الذي يتمّ تحويل أغلب الحالات المستعجلة إليه ما يخلق ضغطا على قسم العمليات الجراحية واستنزافا لجهود الإطار الصحّي ، وختم كاتب عام النقابة إلى معضلة نقص الأدوية بالمستشفى غلى غرار باقي المستشفيات العمومية .
حوالي 40 مليون دينار مستحقّات المستشفى لدى مؤسسات مختلفة
وأكّد طارق القلاعي أنّ مستحقّات المستشفى الجامعي فرحات حشّاد بسوسة لدى الصندوق الوطني للتّأمين على المرض تناهز 32 مليون دينار كما أنّ قيمة فوترة شهائد التكفّل بالعلاج المتعلّق بمختلف المؤسّسات قد بلغت نحو 7 مليون دينار وهي مبالغ مهمّة قد تكون جزءا من الحلّ لتجاوز عديد النّقائص بالمستشفى في حال تمّ التعجيل بتسويتها .
العيادات التّكميليّة الخاصّة ..استنزفت المريض والمؤسّسة
وفي سياق متصل عبّر عدد من المرضى لـ"الصباح " عن تذمّرهم الشديدة تجاه ما اعتبروه استغلالا فاحشا من قبل بعض أطبّاء الإختصاص ممّن يؤمّنون العيادات التّكميليّة الخاصّة بكلّ من المستشفيين الجامعيين فرحات حشّاد وسهلول، وأبدوا امتعاضهم من الممارسات غير الإنسانيّة التي يتعرّضون لها عندما يقصدون العيادات الخارجيّة بالمستشفى في إحدى الاختصاصات الطبيّة باعتبار طول مواعيد الانتظار التي لا تقلّ عن 3 أسابيع إلى جانب عدم تأمين الخدمة من قبل طبيب صاحب خبرة وأقدميّة ممّا يضطرّ الكثير منهم إلى الالتجاء قسرا إلى التّسجيل بالعيادات التّكميلية التي غالبا ما يؤمّنها رؤساء الأقسام ورأى بعض المستجوبين أنّ العيادات التكميلية كلمة حقّ أريد بها باطل إذ أن الهدف منها كان نبيلا ومسؤولا وهو المحافظة على الانتفاع بخبرة وتجربة أطبّاء الاختصاص خاصة من الناحية التكوينية والأكاديميّة والحيلولة دون التحاقهم بالقطاع الخاصّ وهجر القطاع العمومي غير أنّ بعض المنتسبين للقطاع استغلّوا هذه الرّغبة الشّديدة أحسن استغلال ليظهروا جشعا كبيرا إذ سيطرت عليهم الحسابات وطغت عليهم المادة حيث يعمدون إلى توجيه مرضاهم بطريقة أو بأخرى إلى العيادات التكميلية ، موقف وجد صداه لدى كاتب عام النقابة الأساسية الذي اعتبر أنّ " العمل بالعيادات التكميليّة الخاصّة أحد أبرز أسباب تراجع دور المرفق الصحّي العمومي وتخريبه " ودعا سلطة الإشراف إلى وجوب مراجعة العمل بهذه المنظومة بما يضمن حقّ المريض ويحميه من الاستغلال من ناحية أولى وحقّ المؤسّسات الصحيّة الاستشفائيّة العموميّة من ناحية ثانية مؤكّدا على وجود عديد التّجاوزات والممارسات غير الإنسانيّة من بعض الأطبّاء كما رأى بضرورة إيجاد صيغة رقابيّة تضع حدّا للتلاعب وتحفظ حقّ المرفق العمومي من العائدات المتأتّية من العيادات التّكميليّة الخاصّة بالمستشفيات العموميّة التي يمكن أن توفّر حلولا ماديّة وازنة لدعم ميزانيّة المؤسسات الصحية العموميّة .
أنور قلالة
سليانة : نقص طب الاختصاص معظلة ..وعدد من المشاريع تنتظر الإحداث
لازال واقع المؤسسات الصحية بولاية سليانة يعاني بعض الهنات ورغم المساعي لتجاوزها من خلال التدخل رغم ضعف الامكانيات في دعم المستشفيات المحلية التي راهنت عليها الادارة خلال مواجهة موجة كورونا وذلك عبر تركيز مسالك صحية بالمستشفيات المحلية ووحدات خاصة بالكوفيد بها الى جانب اسبقية افتتاح مراكز تلقيح بها ، يبقى طب الاختصاص معضلة الصحة العمومية في سليانة .
تعطل عديد المشاريع
عادل الحدادي المدير الجهوي للصحة بسليانة في لقاء مع " الصباح" كشف أن عددا من المشاريع في طور الإنجاز واخرى في طور الدراسة للنهوض بقطاع الصحة بالولاية خاصة بالمستشفى الجهوي بسليانة وهو الوحيد بالجهة.
وأضاف أن المستشفى في حاجة لانجاز في حدود 13 مشروعا لاستكمال بقية الاختصاصات غير ان نقص الموارد الطبية خاصة منها طب الاختصاص يبقى اشكالا القائما على غرار طب النساء والتوليد ، والاشعة ، والانعاش الطبي ، والتخدير والانعاش ، الى جانب نقص العملة ،موضحا ان عدد العملة غير كافٍ امام توفر عدد لابأس به من الاطارات شبه طبية .
الحدادي اشار من جانب آخر ان النهوض بالقطاع الصحي يتطلب تجميع بعض المؤسسات الصحية الريفية ، 80 مركزا للصحة اساسية بسليانة ، في قطب طبي يشمل توسعة احد المراكز وتدعيمه بالتجهيزات والأقسام لتسهيل التنقل للمواطنين وتقريب الخدمات وتجنب مشقة التنقل لمركز المدينة من جهة وتخفيف الضغط على المراكز الصحية بالمدينة والمستشفى الجهوي .
مساعدات كورونا ساهمت في تدعيم القطاع
وفي سياق متصل ذكر بما قدمه برنامج الصحة عزيزة لفائدة المؤسسات الصحية بالجهة من خلال دعم اقسام الاستعجالي واقسام اخرى بتجهيزات خاصة خلال جائحة كورونا.
اخرها تسلم كرسي اسنان متنقل سيتم استغلاله لفائدة المناطق الريفية،
من ناحية اخرى اشار الحدادي انه سيتم الانطلاق في تنفيذ عديد المشاريع منها بقرية الفضول التابعة لمعتمدية كسرى وذلك عبر بناء مركز للصحة الأساسية وقرية المقاربة التابعة لمعتمدية سليانة الشمالية ، كما تم الانطلاق في اعداد دراسة بناء المستشفى الجهوي بمكثر من طرف المكتب الكويتي التونسي تم خلالها زيارة الارض المخصصة للغرض والانطلاق في دراسة المشروع على امل تحقيق حلم الاهالي في اقرب الآجال .
نبيهة الصادق
المهدية: غياب المستشفيات الجهوية.. ونقص فادح في الاطار الطبي والعملة
تشهد المؤسسات الصحيّة العمومية في ولاية المهدية، في ظل انعدام خارطة صحيّة متكاملة، عدة نقائص تحول دون تمتع المواطن بالخدمات الأساسيّة بالقطاع العام ليتوجّه مضطرّا إلى القطاع الخاص، وتتوزع مشاكل هذا القطاع بين بنية تحتيّة مهترئة وعدم توفر طب الاختصاص أو حتى المعدات الوقائية، بالإضافة إلى نقص الأدوية وبعض التجهيزات الطبية اللازمة.
وتتوفر الخارطة الصحية بالمهدية على مستشفى جامعيّ وحيد و10 مستشفيات محليّة 3 منها فقط بها قدرات استشفائية وقادرة على إيواء المرضى وهي مستشفيات الجم، الشابة والسواسي. كما يوجد بالجهة 110 مركزا للصحّة الأساسيّة أغلبها بالأرياف.
تشكّيات بالجملة
ويجد سكّان المناطق الداخلية بولاية المهدية صعوبة في التنقّل إلى مراكز الصحّة الأساسيّة وإلى المستشفيات المحليّة بسبب غياب وسائل النقل المرتبطة بحالة الطرقات التي تزداد سوء في فصل الشتاء. بالإضافة إلى ذلك، يشتكي عدد من المواطنين بالمهديّة من طول ساعات الانتظار وتباعد المواعيد بالمؤسسات الصحيّة العموميّة وغياب أطبّاء الإختصاص وانقطاع الأدوية وخاصّة منها أدوية الأمراض المزمنة، مما يضطرّ بعض المرضى للتوجّه الى القطاع الخاص رغم ارتفاع تكلفة العلاج.
كما يشتكي الإطار الطبيّ وشبه الطبيّ والعملة بقطاع الصحة بالمهدية من نقص الأدوية والتجهيزات الطبية والمعدّات الوقائيّة كالقفّازات والكمّامات ووسائل التعقيم.
وضعيّة المستشفيات المحليّة
عن وضعيّة المؤسسات والدوائر الصحية بالمهدية، تحدّثت مديرة المستشفى المحليّ بالجم، منيرة قلولو لـ"الصباح" عن ظروف عمل صعبة في ظلّ نقص هام في أطباء الاختصاص وفي عمّال التنظيف والصيانة وأعوان الحراسة والسائقين. وأوضحت قلولو أنّ المستشفى المحلي بالجم يستقبل يوميا 320 مريضا من عدة مناطق بحكم موقعه القريب من عديد المعتمديات ومن الطريق السيارة. كما يستقبل مصابي وجرحى حوادث الطرقات ومع ذلك يفتقر إلى أطبّاء مختصّين في التّصوير الطبي وأطبّاء تخدير وإنعاش كما يسجّل المستشفى شغورا في عدّة اختصاصات طبيّة أخرى... وأبرزت مديرة المستشفى المحليّ بالجم عدّة نقائص أخرى منها عدم توفّر التجهيزات اللاّزمة بقاعة العمليات وغياب بنك دم بالمستشفى. يضاف إلى ذلك تسجيل نقص في أدوية الأمراض المزمنة وعدم توفّر السيارات الإدارية بالدائرة الصحية بالجم التي تحتوي على مستشفى محلي وثلاثة عشر مركزا للصحة الأساسية. كما بيّنت منيرة قلولو النقص الفادح في عملة التنظيف والصيانة والسائقين. كما يملك المستشفى سيارة إسعاف واحدة فقط صنف "أ" مجهزة لإسعاف المصابين.
من جانبه، أوضح مدير المستشفى المحلي قصور الساف-سلقطة، لطفي الميساوي لـ"الصباح" أن أهم مشكل تواجهه مؤسسته الصحيّة يتمثل في غياب الأمن، حيث لا يوجد حارس بالمؤسسة مما يخلق مشاكل مع أطباء الاستعجالي والمداومة الليلية. هذا الى جانب الغياب التام لعمال الحراسة، كما لفت الميساوي إلى النقص الفادح في عملة النظافة، حيث يتم تنظيف المستشفى مرة واحدة في الأسبوع ليتنقل العملة بقية الأيام بين 10 مراكز صحة أساسية تابعة للدائرة الصحية بقصور الساف. وأكّد في حواره مع"الصباح" أن المستشفى المحلي يمتلك ثلاث سيارات إسعاف صنف "ب" غير معدّة لإسعاف المصابين في حوادث الطرقات، كما تفتقر المؤسسة إلى أيّة سيارة إدارية لنقل الادوية والأطباء والعملة الى مراكز الصحّة الأساسية.
مستشفى الطّاهر صفر، طاقة استيعاب محدودة وبنية متصدّعة
بدوره يعاني المستشفى الجامعي الطاهر صفر بالمهدية، الذي يقدم خدمات صحيّة لآلاف المواطنين من كامل معتمديات الولاية، من نقص في الإطار الطبيّ العام والمختص وفي العملة. كما يشكو من تصدعات في البنية التحتية ونقص في الفضاءات ومن طاقة إيواء محدودة، أثّرت كل هذه العوامل سلبا على جودة الخدمات التي يقدّمها.
وأوضح المدير الجهوي للصحة بالمهدية، الدكتور عمر منصور لـ"الصباح" أن المستشفى الجامعي الطاهر صفر يفتقر إلى أطباء الاختصاص، إذ يوجد فقط طبيبان مختصان في التصوير الطبي، في حين "يتطلب المستشفى أربعة أطباء تصوير طبي على الأقل". كما يسجل "الطاهر صفر" نقصا في عدة اختصاصات أخرى أهمّها الجراحة والإنعاش والتبنيج. وأقرّ المسؤول بأن البنية التحتية للمستشفى تتطلب التدخل عبر الصّيانة وإعادة تهيئة الأقسام كما تستوجب بناء قسم خاص بالتصوير الطبي، ضف إلى ذلك "إشكال العيادات الخارجية وإشكال في طاقة الإيواء الفعلية". وتحدّث عمر بن منصور للصباح عن برامج الإدارة الجهوية للصحة لتحسين البنية التحتية للمستشفى الجامعي وتدعيم طاقة الإيواء، مشيرا إلى أن انطلاق العمل بقسم الاستعجالي الجديد بالمستشفى من شأنه أن يخفّف من حدة الاكتظاظ كما سيوظّف مكان قسم الاستعجالي الحالي لتركيز قسم خاص بالتصوير الطبي.
وفي حوصلة لمشاكل قطاع الصحة بالمهدية، ذكر المدير الجهوي للصحة بالمهدية عمر منصور أنّ أهمّها غياب المستشفيات الجهوية وتسجيل الدوائر الصحيّة لشغورات في الموارد البشريّة سواء في الطب العام وفي طب الاختصاص، إلى جانب نقص الإطار شبه الطبي وعملة التنظيف والصيانة وأعوان الحراسة والسائقين ونقص في السيارات الإدارية لنقل الأطباء والقابلات والأدوية لمراكز الصحة الأساسية في الأرياف التي تنعدم فيها وسائل النقل بالإضافة إلى تأدية زيارات التفقد والإشراف، موضحا أن مشكل الأدوية مرتبط أساسا بتوفرها في الصيدلية المركزية.
الحلول المطروحة
أوضح المدير الجهوي للصحّة بالمهديّة عمر منصور أن تحويل المستشفى المحليّ بالجم إلى مستشفى جهويّ وتدعيمه بأطباء الاختصاص من شأنه أن يغير الخارطة الصحية بولاية المهديّة ويوفّر عبء التنقل على المواطنين كما يخفّف الضّغط عن المستشفى الجامعيّ الطاهر صفر بالمهدية.
ومن بين الحلول التي ذكرها أيضا الدكتور منصور لتجاوز النقص الفادح في أطباء الاختصاص، إبرام عقود تعاون مع أطباء القطاع الخاص تكفل تفرّغهم يوما في الأسبوع لدعم القطاع العام.
تبدو المؤسسات الصحية بمختلف مناطق ولاية المهدية في حاجة ملحة إلى تدخلات عاجلة من أجل الارتقاء بخدماتها وتعزيز إمكانياتها المادية والبشرية وتقليص فترات الانتظار وتهيئة بيئة استشفائية ملائمة لإرساء التوازن في الجهة.
تهاني الإميّم