خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، الخميس الماضي، تصنيف تونس من (B) إلى(-B) ، مع نظرة مستقبلية سلبية، وقالت الوكالة في بيان، إن "خفض التصنيف والتوقعات السلبية، يعكس زيادة مخاطر السيولة المالية، مع المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي".
واكدت وكالة التصنيف العالمي ، ان اتفاق تونس مع صندوق النقد بات "ضروريا للوصول إلى دعم الميزانية من قبل الدائنين الرسميين ، مشيرة في بيانها: "إن عدم وضوح المشهد السياسي والمعارضة الاجتماعية، يحدان من قدرة الحكومة على سنّ تدابير قوية لضبط أوضاع المالية العمومية".
وأشارت الوكالة أنه "في حالة عدم وجود إصلاحات قوية، قد يعتبر الدائنون الرسميون إعادة هيكلة الديون أمرا ضروريا قبل تقديم دعم إضافي"، وتوقعت الوكالة أن يبقى عجز الميزانية مرتفعا عند 8.9 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، على أن ينخفض إلى 6.7 بالمائة في 2022، و5.5 بالمائة عام 2023.
ورجحت الوكالة توصّل الحكومة التونسية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية العام الحالي، لكنها حذرت من أنه "في حال استمرار المعارضة الاجتماعية القوية للإصلاحات المالية، وهشاشة الدعم البرلماني للحكومة، قد لا يتم التوصل إلى اتفاق".واكد محافظ البنك المركزي مروان العباسي، أمس ، أن الوضعية الاقتصادية اليوم في تونس حرجة ، لافتا إلى ضرورة إقرار "هدنة سياسية واجتماعية " والمضي في التوافق حول الإصلاحات الاقتصادية.
وأوضح محافظ البنك المركزي، في تصريح لإذاعة "اكسبرس اف ام" ان عدم وضوح الرؤية أدى إلى استفحال الأزمة الاقتصادية، قائلا "لا وضوح في الرؤية الاقتصادية ولا ميزانية واضحة و لا قانون مالية تكميلي واضح"، داعيا الى ضرورة التوافق اليوم بين جميع الأطراف السياسية.
نجونا بأعجوبة من التصنيف "c"
وشدد مروان العباسي، على ضرورة المضي اولا نحو التوافق السياسي، ومن ثم تفعيل الإصلاحات التي تم عرضها على صندوق النقد الدولي خلال مفاوضاته مع الحكومة التونسية، معتبرا أن تونس تعد محظوظة باعتبار انها نجت من تصنيف C ، اسوإ التصنيفات، وذلك رغم الوضع السياسي والصحي الحرج الذي تمر به البلاد في الآونة الاخيرة ، لافتا الى أن 50 بالمائة من التصنيف الجديد سببه الازمة السياسية.
وحمل الخبير الاقتصادي سمير الطرابلسي المقيم بكندا، امس، المسؤولية الكاملة لتراجع تصنيف تونس الى سوء الحوكمة والتي وصفها بالرديئة ، لافتا الى ان تونس حكمتها العشرات من الحكومات وأكثر من 400 وزير بعد عام 2011، وادت أخطاء الحوكمة الى تخفيض ثلاث وكالات للتصنيف الائتماني لتونس طيلة 10 سنوات. ، وارتفاع ديونها من 39٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 إلى اكثر من 85٪ من الناتج المحلي الإجمالي اليوم ، ومع معدل نمو سلبي ، وضغوط ضريبية تبلغ حوالي 35٪ ، وارتفاع معدل بطالة، فإن قدرة تونس على النجاة باتت محدودة للغاية.
واضاف الخبير الاقتصادي انه وفقًا للتصنيفات الحالية الصادرة عن وكالة فيتش وموديز ، يتعين على تونس سداد ديونها الدولية بمعدلات تتجاوز 10٪ (خمسة أضعاف ما تدفعه للمغرب)، وعلى سبيل المثال فإن مليار دولار أمريكي الذي اقترضته تونس ، يجب عليها تسديده بأكثر من ملياري دولار خلال 7 سنوات ، وهو ما يعد استنزافا لموارد البلاد المالية.
هروب المستثمرين وصعوبة الاقتراض مستقبلا
واعرب عدد من الخبراء ، امس ، عن غضبهم الشديد للاوضاع الاقتصادية التي بلغتها بلادنا، والتي ستزيد من زعزعة ثقة الدائنين في قدرة تونس على تسديد ديونها ،بالإضافة إلى إرباك المستثمرين الأجانب، في ظل آفاق سلبية للاقتصاد التونسي، وسيكون لهذا التراجع أيضًا نتائج سلبية على حظوظ تونس في الاقتراض من الأسواق الدولية وأيضًا على قدرتها على خلاص وارداتها والمحافظة على قيمة الدينار في مواجهة العملات الأجنبية.
ويزداد الامر صعوبة اليوم، بسبب التصنيفات السلبية التي تواجهها تونس، حيث يؤكد الخبراء ان تونس لن تكون قادرة على الحصول على تمويلات خارجية الا بنسبة فائدة مشطة ومرتفعة تتجاوز 10 بالمائة ،خاصة بعد ان وضعت وكالة موديز تونس قيد المراجعة نحو التخفيض، وقامت وكالة التصنيف الأمريكية فيتش رايتنغ بمراجعة تصنيف تونس بتخفيضه إلى بي سلبية، وهذه المؤشرات تقضي على آفاق تونس مستقبلا في الحصول على قروض جديدة من المؤسسات المالية العالمية، وتزيد من تردد المقرضين أمام الوضعية الاقتصادية الخطيرة التي تعيشها أغلب مؤسسات الدولة.
وتتخوف الأوساط الاقتصادية من إقرار ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطنين وهروب رؤوس الاموال وتراجع عدد الشاركات التي تستثمر في تونس، الامر الذي قد يكلف البلاد خسائر لا تقوى على تحملها وتفتح الباب على مصرعيه أمام اضطرابات اجتماعية ستزيد في صعوبة محاولات الانقاذ التي تبدو في الوقت الحالي منعدمة.
ويذهب عدد من الخبراء الى طرح أولويات جديدة للمرحلة القادمة على رأسها الحاجة الملحة إلى هدنة اجتماعية في تونس لمدة عام أو أكثر لتعبئة الموارد وتجنب تعطل الإنتاج، والشروع في جملة من الاصلاحات الاقتصادية لإنقاذ المؤسسات العمومية والخاصة من خطر الافلاس.
كما يشدد جل الخبراء على ان سياسة الترقيع التي تعتمد عليها الحكومات السابقة والقادمة لن تعالج المعضلة المالية العامة لتونس من جذورها، حيث إنها لم تقم الى حد الان بالإصلاحات المطلوبة كتحرير السوق وفرض المنافسة النزيهة والقضاء على الاقتصاد الريعي والبيروقراطية وتكريس الانفتاح الاقتصادي على العالم بأسره.
شبح الافلاس يهدد بلادنا في 2021
كما تتخوف الاوساط الاقتصادية اليوم من الازمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد ، والتي أدت الى تعطل الانتاج في جل القطاعات الحيوية للبلاد وخاصة انتاج النفط والفسفاط ، مؤكدين ان هذه العوامل ساهمت بشكل كبير في تراجع الثروة الوطنية في البلاد ، وتسببت في غياب الانتاج ، وبالتالي في شح موارد الدولة المالية ، زد على ذلك الانتدابات العشوائية من دون مقابل في الانتاج، بالاضافة الى غياب الاصلاحات.
واعتبر العديد من الخبراء ان تدخل البنك المركزي وقبوله بتمويل جزء من الميزانية، وجب ان يقابل بالاصلاحات المطلوبة من الدولة التونسية على المدى القصير ، مشددين على ان بلادنا في حاجة اليوم الى أكثر من 22 مليار دينار من القروض ، وهناك عدة فرضيات لتجنب سيناريو الافلاس ، أبرزها القيام بالاصلاحات المطلوبة من الجهات المانحة والحصول على القروض المطلوبة لتسديد ديون تونس لسنة 2021 ، وهذه العملية ستنقذ تونس من شبح الافلاس في سنة 2021 ، الا ان الازمة ستمتد للسنوات التي تليها، وحتى نتمكن من ضمان الاستقرار المطلوب، على الحكومة ان تبادر من اليوم في الاصلاحات المطلوبة منها وفي كافة القطاعات، حتى تسترجع ثقة الجهات الدولية المانحة، وبالتالي عودة الاستثمارات في البلاد ، وقد يجنب ذلك بلادنا شبح الافلاس خلال الاشهر القادمة.
وتقدر القروض المزمع تعبئتها لتمويل ميزانية الدولة بنحو 59% من موارد الدولة المقدرة بـ33 مليار دينار، فيما سيكون العجز في هذه السنة مرتفعا وربما الأسوإ في تاريخ تونس الحديثة ، ،كما يتوقع أن يتجاوز إجمالي الدين العام التونسي ، المستويات الدولية المطلوبة، وذلك بسبب تزامن فترات استخلاص مختلف القروض الخارجية التي تحصلت عليها تونس.
التصنيفات السيئة لم تنته بعد!
وبلغ العجز الاقتصادي المسجل مستوى خطير ،ارتفعت معه المديونية، وأصبح عجز التمويل يهدد مؤسسات الدولة ويجعلها غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها ، وهو الخطر الذي حذر منه اغلب الخبراء الفاعلين في الشان الاقتصادي والذين شددوا على ان لا يتجاوز العجز حاجز 7٪ خوفا من عدم امكانية حصول تونس على قروض خارجية من المؤسسات المالية العالمية.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب الحكومات السابقة بحزمة من الاصلاحات، منذ 2016 وجدد تطبيقها موفى سنتي 2019 و2020 وتشمل الضغط على كتلة الاجور وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري لخفض عجز الميزانية، مع الحفاظ على الاستثمارات العامة وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض، وفرض سياسة نقدية صارمة لكبح التضخم، وتحسين مناخ الأعمال، وتوسيع فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الخاصة، ومكافحة الفساد.
ولا يستبعد بعض الخبراء، ان تتواصل التصنيفات الائتمانية السيئة لبلادنا، فنجاتها بأعجوبة من تصنيف c مع وكالة "فيتش" لا يجعلها بمأمن عن بقية التصنيفات للوكالات الاخرى، حيث ان الارقام السلبية للاقتصاد الوطني والذي انكمش بنسبة 3 بالمائة خلال الثلاثي الاول ، والازمة المالية التي تمر بها البلاد خلال السنة الحالية ،وتأخر رد صندوق النقد الدولي رغم التطمينات الصادرة عن مسؤولي البنك ، يضع البلاد على صفيح ساخن قابل للاشتعال والانفجار في أي لحظة!.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، الخميس الماضي، تصنيف تونس من (B) إلى(-B) ، مع نظرة مستقبلية سلبية، وقالت الوكالة في بيان، إن "خفض التصنيف والتوقعات السلبية، يعكس زيادة مخاطر السيولة المالية، مع المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي".
واكدت وكالة التصنيف العالمي ، ان اتفاق تونس مع صندوق النقد بات "ضروريا للوصول إلى دعم الميزانية من قبل الدائنين الرسميين ، مشيرة في بيانها: "إن عدم وضوح المشهد السياسي والمعارضة الاجتماعية، يحدان من قدرة الحكومة على سنّ تدابير قوية لضبط أوضاع المالية العمومية".
وأشارت الوكالة أنه "في حالة عدم وجود إصلاحات قوية، قد يعتبر الدائنون الرسميون إعادة هيكلة الديون أمرا ضروريا قبل تقديم دعم إضافي"، وتوقعت الوكالة أن يبقى عجز الميزانية مرتفعا عند 8.9 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، على أن ينخفض إلى 6.7 بالمائة في 2022، و5.5 بالمائة عام 2023.
ورجحت الوكالة توصّل الحكومة التونسية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية العام الحالي، لكنها حذرت من أنه "في حال استمرار المعارضة الاجتماعية القوية للإصلاحات المالية، وهشاشة الدعم البرلماني للحكومة، قد لا يتم التوصل إلى اتفاق".واكد محافظ البنك المركزي مروان العباسي، أمس ، أن الوضعية الاقتصادية اليوم في تونس حرجة ، لافتا إلى ضرورة إقرار "هدنة سياسية واجتماعية " والمضي في التوافق حول الإصلاحات الاقتصادية.
وأوضح محافظ البنك المركزي، في تصريح لإذاعة "اكسبرس اف ام" ان عدم وضوح الرؤية أدى إلى استفحال الأزمة الاقتصادية، قائلا "لا وضوح في الرؤية الاقتصادية ولا ميزانية واضحة و لا قانون مالية تكميلي واضح"، داعيا الى ضرورة التوافق اليوم بين جميع الأطراف السياسية.
نجونا بأعجوبة من التصنيف "c"
وشدد مروان العباسي، على ضرورة المضي اولا نحو التوافق السياسي، ومن ثم تفعيل الإصلاحات التي تم عرضها على صندوق النقد الدولي خلال مفاوضاته مع الحكومة التونسية، معتبرا أن تونس تعد محظوظة باعتبار انها نجت من تصنيف C ، اسوإ التصنيفات، وذلك رغم الوضع السياسي والصحي الحرج الذي تمر به البلاد في الآونة الاخيرة ، لافتا الى أن 50 بالمائة من التصنيف الجديد سببه الازمة السياسية.
وحمل الخبير الاقتصادي سمير الطرابلسي المقيم بكندا، امس، المسؤولية الكاملة لتراجع تصنيف تونس الى سوء الحوكمة والتي وصفها بالرديئة ، لافتا الى ان تونس حكمتها العشرات من الحكومات وأكثر من 400 وزير بعد عام 2011، وادت أخطاء الحوكمة الى تخفيض ثلاث وكالات للتصنيف الائتماني لتونس طيلة 10 سنوات. ، وارتفاع ديونها من 39٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 إلى اكثر من 85٪ من الناتج المحلي الإجمالي اليوم ، ومع معدل نمو سلبي ، وضغوط ضريبية تبلغ حوالي 35٪ ، وارتفاع معدل بطالة، فإن قدرة تونس على النجاة باتت محدودة للغاية.
واضاف الخبير الاقتصادي انه وفقًا للتصنيفات الحالية الصادرة عن وكالة فيتش وموديز ، يتعين على تونس سداد ديونها الدولية بمعدلات تتجاوز 10٪ (خمسة أضعاف ما تدفعه للمغرب)، وعلى سبيل المثال فإن مليار دولار أمريكي الذي اقترضته تونس ، يجب عليها تسديده بأكثر من ملياري دولار خلال 7 سنوات ، وهو ما يعد استنزافا لموارد البلاد المالية.
هروب المستثمرين وصعوبة الاقتراض مستقبلا
واعرب عدد من الخبراء ، امس ، عن غضبهم الشديد للاوضاع الاقتصادية التي بلغتها بلادنا، والتي ستزيد من زعزعة ثقة الدائنين في قدرة تونس على تسديد ديونها ،بالإضافة إلى إرباك المستثمرين الأجانب، في ظل آفاق سلبية للاقتصاد التونسي، وسيكون لهذا التراجع أيضًا نتائج سلبية على حظوظ تونس في الاقتراض من الأسواق الدولية وأيضًا على قدرتها على خلاص وارداتها والمحافظة على قيمة الدينار في مواجهة العملات الأجنبية.
ويزداد الامر صعوبة اليوم، بسبب التصنيفات السلبية التي تواجهها تونس، حيث يؤكد الخبراء ان تونس لن تكون قادرة على الحصول على تمويلات خارجية الا بنسبة فائدة مشطة ومرتفعة تتجاوز 10 بالمائة ،خاصة بعد ان وضعت وكالة موديز تونس قيد المراجعة نحو التخفيض، وقامت وكالة التصنيف الأمريكية فيتش رايتنغ بمراجعة تصنيف تونس بتخفيضه إلى بي سلبية، وهذه المؤشرات تقضي على آفاق تونس مستقبلا في الحصول على قروض جديدة من المؤسسات المالية العالمية، وتزيد من تردد المقرضين أمام الوضعية الاقتصادية الخطيرة التي تعيشها أغلب مؤسسات الدولة.
وتتخوف الأوساط الاقتصادية من إقرار ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطنين وهروب رؤوس الاموال وتراجع عدد الشاركات التي تستثمر في تونس، الامر الذي قد يكلف البلاد خسائر لا تقوى على تحملها وتفتح الباب على مصرعيه أمام اضطرابات اجتماعية ستزيد في صعوبة محاولات الانقاذ التي تبدو في الوقت الحالي منعدمة.
ويذهب عدد من الخبراء الى طرح أولويات جديدة للمرحلة القادمة على رأسها الحاجة الملحة إلى هدنة اجتماعية في تونس لمدة عام أو أكثر لتعبئة الموارد وتجنب تعطل الإنتاج، والشروع في جملة من الاصلاحات الاقتصادية لإنقاذ المؤسسات العمومية والخاصة من خطر الافلاس.
كما يشدد جل الخبراء على ان سياسة الترقيع التي تعتمد عليها الحكومات السابقة والقادمة لن تعالج المعضلة المالية العامة لتونس من جذورها، حيث إنها لم تقم الى حد الان بالإصلاحات المطلوبة كتحرير السوق وفرض المنافسة النزيهة والقضاء على الاقتصاد الريعي والبيروقراطية وتكريس الانفتاح الاقتصادي على العالم بأسره.
شبح الافلاس يهدد بلادنا في 2021
كما تتخوف الاوساط الاقتصادية اليوم من الازمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد ، والتي أدت الى تعطل الانتاج في جل القطاعات الحيوية للبلاد وخاصة انتاج النفط والفسفاط ، مؤكدين ان هذه العوامل ساهمت بشكل كبير في تراجع الثروة الوطنية في البلاد ، وتسببت في غياب الانتاج ، وبالتالي في شح موارد الدولة المالية ، زد على ذلك الانتدابات العشوائية من دون مقابل في الانتاج، بالاضافة الى غياب الاصلاحات.
واعتبر العديد من الخبراء ان تدخل البنك المركزي وقبوله بتمويل جزء من الميزانية، وجب ان يقابل بالاصلاحات المطلوبة من الدولة التونسية على المدى القصير ، مشددين على ان بلادنا في حاجة اليوم الى أكثر من 22 مليار دينار من القروض ، وهناك عدة فرضيات لتجنب سيناريو الافلاس ، أبرزها القيام بالاصلاحات المطلوبة من الجهات المانحة والحصول على القروض المطلوبة لتسديد ديون تونس لسنة 2021 ، وهذه العملية ستنقذ تونس من شبح الافلاس في سنة 2021 ، الا ان الازمة ستمتد للسنوات التي تليها، وحتى نتمكن من ضمان الاستقرار المطلوب، على الحكومة ان تبادر من اليوم في الاصلاحات المطلوبة منها وفي كافة القطاعات، حتى تسترجع ثقة الجهات الدولية المانحة، وبالتالي عودة الاستثمارات في البلاد ، وقد يجنب ذلك بلادنا شبح الافلاس خلال الاشهر القادمة.
وتقدر القروض المزمع تعبئتها لتمويل ميزانية الدولة بنحو 59% من موارد الدولة المقدرة بـ33 مليار دينار، فيما سيكون العجز في هذه السنة مرتفعا وربما الأسوإ في تاريخ تونس الحديثة ، ،كما يتوقع أن يتجاوز إجمالي الدين العام التونسي ، المستويات الدولية المطلوبة، وذلك بسبب تزامن فترات استخلاص مختلف القروض الخارجية التي تحصلت عليها تونس.
التصنيفات السيئة لم تنته بعد!
وبلغ العجز الاقتصادي المسجل مستوى خطير ،ارتفعت معه المديونية، وأصبح عجز التمويل يهدد مؤسسات الدولة ويجعلها غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها ، وهو الخطر الذي حذر منه اغلب الخبراء الفاعلين في الشان الاقتصادي والذين شددوا على ان لا يتجاوز العجز حاجز 7٪ خوفا من عدم امكانية حصول تونس على قروض خارجية من المؤسسات المالية العالمية.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب الحكومات السابقة بحزمة من الاصلاحات، منذ 2016 وجدد تطبيقها موفى سنتي 2019 و2020 وتشمل الضغط على كتلة الاجور وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري لخفض عجز الميزانية، مع الحفاظ على الاستثمارات العامة وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض، وفرض سياسة نقدية صارمة لكبح التضخم، وتحسين مناخ الأعمال، وتوسيع فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الخاصة، ومكافحة الفساد.
ولا يستبعد بعض الخبراء، ان تتواصل التصنيفات الائتمانية السيئة لبلادنا، فنجاتها بأعجوبة من تصنيف c مع وكالة "فيتش" لا يجعلها بمأمن عن بقية التصنيفات للوكالات الاخرى، حيث ان الارقام السلبية للاقتصاد الوطني والذي انكمش بنسبة 3 بالمائة خلال الثلاثي الاول ، والازمة المالية التي تمر بها البلاد خلال السنة الحالية ،وتأخر رد صندوق النقد الدولي رغم التطمينات الصادرة عن مسؤولي البنك ، يضع البلاد على صفيح ساخن قابل للاشتعال والانفجار في أي لحظة!.