اعطى مجلس الاتحاد الاوروبي، خلال الايام الفارطة، الضوء الاخضر لتوقيع ثلاث اتفاقيات لحرية الطيران مع أوكرانيا وأرمينيا وتونس ، وكذلك اتفاقية النقل الجوي مع قطر ، ومن المنتظر ان توقع تونس رسميا على هذه الاتفاقية التي تعرف تحت اسم open sky في الخريف القادم وسط توقعات بأن تساهم هذه الاتفاقية في انعاش السياحة ببلادنا ، خاصة وانها سترفع في عدد الوافدين على بلادنا خلال الخمس سنوات القادمة الى اكثر من 800 ألف مسافر، بالاضافة الى ارتفاع الحركة الجوية الى أكثر من 13 ٪ بين تونس ودول الاتحاد الاوروبي.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية ، بدأ الاتحاد الأوروبي وتونس مفاوضات بشأن اتفاقية خدمات جوية أورومتوسطية متبادلة المنفعة لكلا الطرفين ، إلا أن الإجراء واجه تأخيرات بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، وسيتم التوقيع على اتفاقية الأجواء المفتوحة المعلقة بين الاتحاد الأوروبي وتونس في خريف عام 2021، وفق ما اعلن عنه رسميا مجلس الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين 28 جوان 2021.
وفيما يتعلق بالاتفاقية مع تونس على وجه التحديد ، فإنها ستضع حدا للاتفاقيات الثنائية المختلفة التي تحد من وصول العديد من الشركات الأوروبية إلى السماء التونسية ، وستزيل قيود الوصول إلى الأسواق بالنسبة للبلدان المجاورة للاتحاد الأوروبي وتربط هذه البلدان بسوق الطيران الداخلي للاتحاد الأوروبي ، حيث ستتبنى معايير الاتحاد الأوروبي في مجال الطيران وستطبق قواعد الطيران في الاتحاد الأوروبي. وسيشمل ذلك تعزيز المنافسة الحرة مع ضمان أقصى مستوى من السلامة والأمن.
فتح الاجواء سينعش السياحة
وبين مجلس الاتحاد الأوروبي أن ما يعرف باتفاقية "السماء المفتوحة" تتضمن بنودا وجب احترامها تتعلق بالبيئة والعدالة الاجتماعية، بالاضافة الى حرية المنافسة ، إلى جانب آليات قوية للتحكم في تطبيقها من أجل تجنب أي تشويه للمنافسة أو غيرها من التجاوزات. وسيهتم برنامج Open Sky بجميع المطارات في تونس ، باستثناء مطار تونس قرطاج الدولي مؤقتًا ولمدة خمس سنوات ، ولن يُسمح للشركات منخفضة التكلفة بإستغلال قاعدة الخطوط التونسية.
ووفقًا للأرقام التي قدمها الاتحاد الأوروبي ، من المتوقع أن ترفع هذه الاتفاقية في عدد الوافدين على تونس إلى أكثر من 800 ألف مسافر إضافي خلال فترة خمس سنوات، كما ستضاعف من الناتج المحلي الإجمالي لبلادنا بنسبة 2.7٪ ، وترفع في الحركة الجوية السنوية بنحو 13٪ سنويًا.
وبمجرد المصادقة عليها من قبل مختلف الأطراف ، سيكون الاتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي تتويجا لعملية استمرت لأكثر من عشر سنوات، علما وان المفاوضات بين الطرفين انطلقت رسميا في عام 2010 ، وبلغت ذروتها في مذكرة تفاهم في 11 ديسمبر 2017 ، ومنذ ذلك الحين ، تم تأجيل توقيع الاتفاق النهائي بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعلى اثر خروج بريطانيا الرسمي من الاتحاد الأوروبي في 30 جانفي 2020 ، تم تأجيل هذه الاتفاقية مرارًا وتكرارًا، ومع ذلك ، لا يبدو أن الخطوط التونسية ، التي تعاني من الصعوبات المالية ، تنظر إلى هذا الانفتاح في السماء التونسية الذي سيكسر الاحتكار في بعض الخطوط ، خطوة جيدة للخروج من أزمتها المالبة، وتجلى ذلك في تصريحات الرئيس التنفيذي الجديد خالد الشلي في 15 أفريل الماضي الذي حذر من تداعيات هذه الاتفاقية في الوقت الراهن على الناقلة الوطنية الخطوط التونسية والتي تمر بأزمة مالية صعبة.
التفاوض على بعض الخدمات
وكان وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي حسين الديماسي، قد لفت في تصريحات سابقة لـ "الصباح" إلى ضرورة ان تتفاوض تونس في اتفاقية "أليكا" على بعض الخدمات وليس كلها باعتبار وجود خدمات حساسة لا يمكن أن تكون مفتوحة مع الاتحاد الأوروبي ،مشيرا الى انه بتحرير بعض الخدمات سينعكس ايجابا على تونس .
وبين الديماسي أن تونس كانت ستستفيد كثيرا إذا قامت بتحرير شبه كلي للنقل الجوي في إطار اتفاقية “السماوات المفتوحة ” عبر فتح المجال أمام الطائرات التجارية ،معتبرا أن ذلك من شأنه أن ينعش القطاع السياحي.
وقال الخبير في الشؤون الاقتصادية أنه من الضروري التروي في المفاوضات بخصوص هذه الاتفاقية وعدم غلقها أو تجميدها ، خاصة أن الطرف المقابل يمثل ثقلا دوليا وقد ينعكس ذلك سلبا على العلاقات الدولية ، معتبرا أنه من الحكمة مواصلة المفاوضات ،وعدم إتباع سياسة الغلق والانسحاب ،مذكرا في هذا الصدد أن الإتحاد الأوروبي مازال وسيبقى لسنوات طويلة قوة إقليمية ،وطرفا أساسيا في جميع علاقاتنا الخارجية على مختلف الأصعدة الجيواستراتيجية والثقافية والسياسية.
وأضاف الديماسي أنه بإمكان تونس أن تواصل مفاوضتها في هذه الاتفاقية مع الإتحاد الأوروبي على مستوى الخدمات البنكية والتأمين والسياحة والنقل لما يدره ذلك من دفع للحركة التجارية ودفع للاستثمار وإنعاش الاقتصاد الوطني.
أما بخصوص تحرير المواد الفلاحية ، حذر الديماسي من طرحها أو مجرد التفاوض فيها قائلا :" التبادل الحر في كل ما يتعلق بالمواد الفلاحيّة لا يوجد فيه أي تفاوض ..وتونس ستكون خاسرة مسبقا إذا فتحت أبوابها أمام التبادل الحر في المواد الفلاحيّة بشكل عام”.
وتابع الخبير في الشؤون الاقتصادية “فتح الحدود أمام المواد الفلاحيّة سيكون له نتائج وخيمة على بلادنا ،فتونس ليس لها مواد فلاحية قادرة على منافسة الأسواق الأوروبية ،فضلا عن أن القدرة التنافسية مع الإتحاد الأوروبي في هذا المجال شبه منعدمة وسيتسبب ذلك في كارثة لقطاعنا الفلاحي الذي يمر بأزمات على مستوى التصدير ...ليست لنا قدرة تنافسية ولا يمكن مقارنة انتاجهم ومردودية قطاعاتهم في هذا المجال بنظيرتها التونسية ".
تونس ستجني منفعة مضاعفة من الاتفاقية
يذكر أن الحكومة التونسية كانت قد قرّرت في سنة 2019 تجميد مسار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية التبادل الحر والشامل المعروفة بالـ«أليكا» ، وكان مصدر حكومي قد كشف لوسائل الإعلام المحلية أن تونس لم تتلق تفاعلا إيجابيا من الجانب الأوروبي يرتقي إلى مستوى التحدّيات التي يطرحها تحرير قطاع الفلاحة، ومن ذلك التنصيص على فترة إمهال تدوم 15 عاما ومساهمة مالية قوية من الجانب الأوروبي لتأهيل الفلاحة التونسية.
كما تمسكت تونس خلال المفاوضات على التنصيص بوضوح على حرية تنقل الأشخاص وهو شرط أساسي لتجسيم مبدأ توازن المصالح بين الجانبين، الامر الذي دفع بسفير الإتحاد الأوروبي في تونس باتريس برغاميني الى اجراء حوار مع صحيفة "لوموند" الفرنسية في سنة 2019، اوضح من خلاله ان الجدل القائم حول اتفاقية التبادل التجاري الحر والشامل "الأليكا" مبني على حجج لا أساس لها من الصحة و مضللة، مشددا على ان تونس ستستفيد أكثر من الإتحاد الأوروبي من اتفاقية "الأليكا" على جميع الأصعدة.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
اعطى مجلس الاتحاد الاوروبي، خلال الايام الفارطة، الضوء الاخضر لتوقيع ثلاث اتفاقيات لحرية الطيران مع أوكرانيا وأرمينيا وتونس ، وكذلك اتفاقية النقل الجوي مع قطر ، ومن المنتظر ان توقع تونس رسميا على هذه الاتفاقية التي تعرف تحت اسم open sky في الخريف القادم وسط توقعات بأن تساهم هذه الاتفاقية في انعاش السياحة ببلادنا ، خاصة وانها سترفع في عدد الوافدين على بلادنا خلال الخمس سنوات القادمة الى اكثر من 800 ألف مسافر، بالاضافة الى ارتفاع الحركة الجوية الى أكثر من 13 ٪ بين تونس ودول الاتحاد الاوروبي.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية ، بدأ الاتحاد الأوروبي وتونس مفاوضات بشأن اتفاقية خدمات جوية أورومتوسطية متبادلة المنفعة لكلا الطرفين ، إلا أن الإجراء واجه تأخيرات بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، وسيتم التوقيع على اتفاقية الأجواء المفتوحة المعلقة بين الاتحاد الأوروبي وتونس في خريف عام 2021، وفق ما اعلن عنه رسميا مجلس الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين 28 جوان 2021.
وفيما يتعلق بالاتفاقية مع تونس على وجه التحديد ، فإنها ستضع حدا للاتفاقيات الثنائية المختلفة التي تحد من وصول العديد من الشركات الأوروبية إلى السماء التونسية ، وستزيل قيود الوصول إلى الأسواق بالنسبة للبلدان المجاورة للاتحاد الأوروبي وتربط هذه البلدان بسوق الطيران الداخلي للاتحاد الأوروبي ، حيث ستتبنى معايير الاتحاد الأوروبي في مجال الطيران وستطبق قواعد الطيران في الاتحاد الأوروبي. وسيشمل ذلك تعزيز المنافسة الحرة مع ضمان أقصى مستوى من السلامة والأمن.
فتح الاجواء سينعش السياحة
وبين مجلس الاتحاد الأوروبي أن ما يعرف باتفاقية "السماء المفتوحة" تتضمن بنودا وجب احترامها تتعلق بالبيئة والعدالة الاجتماعية، بالاضافة الى حرية المنافسة ، إلى جانب آليات قوية للتحكم في تطبيقها من أجل تجنب أي تشويه للمنافسة أو غيرها من التجاوزات. وسيهتم برنامج Open Sky بجميع المطارات في تونس ، باستثناء مطار تونس قرطاج الدولي مؤقتًا ولمدة خمس سنوات ، ولن يُسمح للشركات منخفضة التكلفة بإستغلال قاعدة الخطوط التونسية.
ووفقًا للأرقام التي قدمها الاتحاد الأوروبي ، من المتوقع أن ترفع هذه الاتفاقية في عدد الوافدين على تونس إلى أكثر من 800 ألف مسافر إضافي خلال فترة خمس سنوات، كما ستضاعف من الناتج المحلي الإجمالي لبلادنا بنسبة 2.7٪ ، وترفع في الحركة الجوية السنوية بنحو 13٪ سنويًا.
وبمجرد المصادقة عليها من قبل مختلف الأطراف ، سيكون الاتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي تتويجا لعملية استمرت لأكثر من عشر سنوات، علما وان المفاوضات بين الطرفين انطلقت رسميا في عام 2010 ، وبلغت ذروتها في مذكرة تفاهم في 11 ديسمبر 2017 ، ومنذ ذلك الحين ، تم تأجيل توقيع الاتفاق النهائي بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعلى اثر خروج بريطانيا الرسمي من الاتحاد الأوروبي في 30 جانفي 2020 ، تم تأجيل هذه الاتفاقية مرارًا وتكرارًا، ومع ذلك ، لا يبدو أن الخطوط التونسية ، التي تعاني من الصعوبات المالية ، تنظر إلى هذا الانفتاح في السماء التونسية الذي سيكسر الاحتكار في بعض الخطوط ، خطوة جيدة للخروج من أزمتها المالبة، وتجلى ذلك في تصريحات الرئيس التنفيذي الجديد خالد الشلي في 15 أفريل الماضي الذي حذر من تداعيات هذه الاتفاقية في الوقت الراهن على الناقلة الوطنية الخطوط التونسية والتي تمر بأزمة مالية صعبة.
التفاوض على بعض الخدمات
وكان وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي حسين الديماسي، قد لفت في تصريحات سابقة لـ "الصباح" إلى ضرورة ان تتفاوض تونس في اتفاقية "أليكا" على بعض الخدمات وليس كلها باعتبار وجود خدمات حساسة لا يمكن أن تكون مفتوحة مع الاتحاد الأوروبي ،مشيرا الى انه بتحرير بعض الخدمات سينعكس ايجابا على تونس .
وبين الديماسي أن تونس كانت ستستفيد كثيرا إذا قامت بتحرير شبه كلي للنقل الجوي في إطار اتفاقية “السماوات المفتوحة ” عبر فتح المجال أمام الطائرات التجارية ،معتبرا أن ذلك من شأنه أن ينعش القطاع السياحي.
وقال الخبير في الشؤون الاقتصادية أنه من الضروري التروي في المفاوضات بخصوص هذه الاتفاقية وعدم غلقها أو تجميدها ، خاصة أن الطرف المقابل يمثل ثقلا دوليا وقد ينعكس ذلك سلبا على العلاقات الدولية ، معتبرا أنه من الحكمة مواصلة المفاوضات ،وعدم إتباع سياسة الغلق والانسحاب ،مذكرا في هذا الصدد أن الإتحاد الأوروبي مازال وسيبقى لسنوات طويلة قوة إقليمية ،وطرفا أساسيا في جميع علاقاتنا الخارجية على مختلف الأصعدة الجيواستراتيجية والثقافية والسياسية.
وأضاف الديماسي أنه بإمكان تونس أن تواصل مفاوضتها في هذه الاتفاقية مع الإتحاد الأوروبي على مستوى الخدمات البنكية والتأمين والسياحة والنقل لما يدره ذلك من دفع للحركة التجارية ودفع للاستثمار وإنعاش الاقتصاد الوطني.
أما بخصوص تحرير المواد الفلاحية ، حذر الديماسي من طرحها أو مجرد التفاوض فيها قائلا :" التبادل الحر في كل ما يتعلق بالمواد الفلاحيّة لا يوجد فيه أي تفاوض ..وتونس ستكون خاسرة مسبقا إذا فتحت أبوابها أمام التبادل الحر في المواد الفلاحيّة بشكل عام”.
وتابع الخبير في الشؤون الاقتصادية “فتح الحدود أمام المواد الفلاحيّة سيكون له نتائج وخيمة على بلادنا ،فتونس ليس لها مواد فلاحية قادرة على منافسة الأسواق الأوروبية ،فضلا عن أن القدرة التنافسية مع الإتحاد الأوروبي في هذا المجال شبه منعدمة وسيتسبب ذلك في كارثة لقطاعنا الفلاحي الذي يمر بأزمات على مستوى التصدير ...ليست لنا قدرة تنافسية ولا يمكن مقارنة انتاجهم ومردودية قطاعاتهم في هذا المجال بنظيرتها التونسية ".
تونس ستجني منفعة مضاعفة من الاتفاقية
يذكر أن الحكومة التونسية كانت قد قرّرت في سنة 2019 تجميد مسار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية التبادل الحر والشامل المعروفة بالـ«أليكا» ، وكان مصدر حكومي قد كشف لوسائل الإعلام المحلية أن تونس لم تتلق تفاعلا إيجابيا من الجانب الأوروبي يرتقي إلى مستوى التحدّيات التي يطرحها تحرير قطاع الفلاحة، ومن ذلك التنصيص على فترة إمهال تدوم 15 عاما ومساهمة مالية قوية من الجانب الأوروبي لتأهيل الفلاحة التونسية.
كما تمسكت تونس خلال المفاوضات على التنصيص بوضوح على حرية تنقل الأشخاص وهو شرط أساسي لتجسيم مبدأ توازن المصالح بين الجانبين، الامر الذي دفع بسفير الإتحاد الأوروبي في تونس باتريس برغاميني الى اجراء حوار مع صحيفة "لوموند" الفرنسية في سنة 2019، اوضح من خلاله ان الجدل القائم حول اتفاقية التبادل التجاري الحر والشامل "الأليكا" مبني على حجج لا أساس لها من الصحة و مضللة، مشددا على ان تونس ستستفيد أكثر من الإتحاد الأوروبي من اتفاقية "الأليكا" على جميع الأصعدة.