* مخزون تونس من الاحتياطي النقدي يرتفع إلى 130 يوم توريد * صعود الدولار أمام كافة العملات أثر على احتياطي تونس من النقد الأجنبي
تونس- الصباح
سجل مخزون تونس من العملة الصعبة، خلال يوم واحد، ارتفاعا بعد تسجيل انخفاض حاد في الواردات إلى 115 يومًا في 14 أفريل 2022، ليرتفع بمقدار 15 يومًا إضافيًة إلى 130 يومًا، ويعود إلى مستواه المطمئن تقريبًا مع بداية العام. وارتفع احتياطي العملات الأجنبية بمقدار 2.75 مليار دينار من 21.5 مليار دينار في 14 أفريل 2022 إلى 24.69 مليار دينار في 15 أفريل 2022.
ويأتي هذا التحسن في الاحتياط النقدي لتونس نتيجة تحصيل القرض الممنوح من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي (Afreximbank) البالغ 700 مليون دولار بما يعادل 2.1 مليار دينار، والذي تمت الموافقة عليه بموجب المرسوم الرئاسي رقم 369-2022 المؤرخ في 12 أفريل 2022 المنشور في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 40 بتاريخ 12 أفريل 2012.
وكان الدينار التونسي قد سجل انخفاضاً في سعره يوم الثامن من مارس الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ 3 سنوات، وبلغ سعر الدولار الواحد آنذاك 3.0032 دينار، الأمر الذي أثر على العملة الوطنية التونسية التي تتسم بالركود نتيجة الجائحة الصحية التي ضربت البلاد موفى سنة 2020.
تآكل مخزون العملات
وكان مجلس إدارة البنك المركزي قد عبر عن انشغاله بالعجز المسجل وتراجع مستوى الاحتياط من العملة الأجنبية إلى 22.7 مليار دينار (7.56 مليار دولار) مقابل 23.31 مليار دينار (7.77 مليار دولار) في سنة 2021، وأعرب عن عميق انشغاله بالأخطار التضخمية، إذ أخذ التضخم منحاه التصاعدي للشهر الرابع تباعاً ليبلغ 7.2 في المائة موفى مارس 2022. وسجل احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، في نهاية سبتمبر الماضي، انخفاضا مقلقا، دفع بالبنك المركزي إلى تحذير من تواصل تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة آنذاك، نتيجة إيفاء تونس بالتزاماتها تجاه المؤسسات المالية المانحة، وأصبحت واردات تونس في تلك الفترة لا تكفي إلا لمدة 127 يوما، مسجلة انخفاضا من تغطية لمدة 162 يوما مقارنة بسنة 2020. وبلغ احتياطي تونس من العملة الصعبة، منتصف أوت الماضي 19778 مليون دينار، أي ما يعادل 124 يوم توريد، بعد أن بلغ نحو 19731 مليون دينار أي ما يعادل 123 يوم توريد، مقابل 21676 مليون دينار أو ما يعادل 143 يوم توريد خلال الفترة ذاتها من سنة 2020. وبلغت قيمة التراجع المسجلة نحو 1945.4 مليون دينار (ما يعادل 20 يوم توريد)، فيما أرجع البنك المركزي التراجع المسجل في احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى انخفاض العائدات السياحية بنحو 71.9 بالمائة إلى غاية يوم 10 أوت 2021 مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2020. وتقدر هذه العائدات بنحو 1317 مليون دينار. وسجل مخزون تونس من العملة الصعبة تراجعا لافتا، بعد تواصل استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة، بسبب دفعات من القروض السيادية تم سدادها بين فترة 22 و23 جويلية الماضي، بالإضافة إلى قرض آخر بقيمة 500 مليون دولار تم سداده خلال الأسبوع الأول من شهر أوت الماضي. وعرف احتياطي تونس من العملة الصعبة، نسقا تصاعديا ليبلغ بتاريخ 08 جانفي الماضي، 162 يوم توريد أي ما يعادل 23216 مليون دينار. ويعد تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة، هو الرابع من نوعه خلال بضعة أشهر، حيث أكدت تقارير البنك، تراجع مخزون العملات الصعبة في تونس، في أفريل الماضي إلى معدل يغطي 156 يوما من الواردات، وتواصل نسق الانخفاض ليصل إلى حدود 140 يوما. وأقر البنك المركزي التونسي في تقريره الأخير، بأن مخزون البلاد من العملة الصعبة، يأتي أساسا من القروض التي تحصل عليها تونس، وهو ما يعني أن الاقتصاد التونسي ما يزال عاجزا عن إنتاج الثروة. وتمر تونس بانهيار اقتصادي غير مسبوق، بلغت فيه نسبة العجز المالي، ما يناهز 11.5 بالمائة من الثروة المنتجة في البلاد، فيما بلغت نسبة الانكماش الاقتصادي في نهاية العام 2020، قرابة 8.8 بالمائة وهي نسبة لم تسجلها تونس منذ استقلالها عام 1956.
صعود الدولار
واعتبر المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل الدولار يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو.
وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار بسبب ارتفاع سعره والإقبال عليه، بينما سجل الدينار التونسي استقرارا تجاه اليورو.
ويعد الانخفاض في سعر صرف العملة الوطنية التونسية طفيفاً مقارنة بعملات وطنية أخرى، والتي تأثرت بسبب ارتفاع الدولار مثل مصر وتركيا، في حين تحتاج تونس دعماً من المؤسسات المالية الدولية لمواجهة ارتدادات الحرب الروسية-الأوكرانية، وذلك لضمان احتياطي البلاد من العملة الصعبة من التآكل.
ترشيد الإنفاق
ويشدد اغلب خبراء الاقتصاد اليوم، على ضرورة اتخاذ حلول على المدى القصير وعلى المستوى الداخلي، وتتمثل أساسا في التحكم في نفقات الحكومة، وترشيد الإنفاق في مجالات عدة تهم نفقات التسيير وغيرها، وتأجيل الزيادات في الأجور المبرمجة وكذلك المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام، وترشيد توريد المواد الاستهلاكية، وهو أهم إجراء ملح بدأ يأخذ صداه في أروقة الدولة، وهناك إمكانية لإخضاع توريد بعض المواد الاستهلاكية الأخرى التي لا تستحقها الدورة الاقتصادية كالمواد الأولية ومواد التجهيز.
وكان تقرير صادر عن البنك المركزي ، تحصلت "الصباح" على نسخة منه، قد حذر من تواصل تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد الوطني خلال 2022، وذلك بعد انكماش الإنتاج بنسبة 9.2 بالمائة خلال سنة 2020، وتراجع قطاع التصدير الذي سجل في سبتمبر الماضي انخفاضا بنسبة 15٪ بسبب ضعف الطلب العالمي وتراجع قطاعي الصناعة والسياحة. وأشار تقرير البنك إلى أنه في نهاية عام 2020، أصبح حجم تداعيات الوباء على الاقتصاد التونسي محسوسًا بشكل متزايد، حيث تواجه تونس تراجعاً في النمو، وارتفاع الديون، ومعدلات البطالة والفقر، وانكماشاً في الإنتاج بنسبة 9.2٪. وساهم قطاع التصدير بشكل كبير في تباطؤ النمو الاقتصادي، في حين انخفض العجز إلى 7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 مقارنة بـ 8.8٪ في 2019. وسجل احتياطي تونس من النقد الأجنبي ارتفاعا إلى مستويات مطمئنة تجاوز 147 يوم توريد، وأدى ذلك إلى انخفاض التضخم وخلق الظروف الملائمة لانخفاض أسعار الفائدة ودعم نمو الائتمان في الاقتصاد، إلا أن الإجراءات المتخذة من السلطات للحد من تبعات الوباء من خلال اقتراح حزمة من تدابير الميزانية لدعم الشركات والأسر، كانت لها الأثر الكبير في اختلال السياسة المالية، في ظل تسجيل خسائر في الإيرادات الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي، والتي ساهمت إلى حد كبير في زيادة عجز الميزانية إلى 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي (كانت حوالي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية 2020). وسبق لمخزون تونس من العملة الصعبة أن شهد نسقا تصاعديا، حيث شهدت قيمة الموجودات الصافية من النقد الأجنبي ارتفاعا مهما وناهزت الـ21016 مليون دينار خلال جويلية الماضي ويعادل 137 يوم توريد، وهي المرة الأولى منذ مارس 2011، مقابل 73 يوم توريد خلال نفس الفترة من 2019. والجدير بالذكر أن من بين الأسباب الرئيسية التي هوت باحتياطي البلاد من العملة الصعبة على غرار تسديد القروض، انهيار إيرادات السياحة إلى أكثر من 71.9 بالمائة، فيما ساهمت مكاتب الصرف والتي بلغت إيراداتها أكثر من 2000 مليون دينار في الحفاظ على التوازنات المالية من العملة الصعبة، بالإضافة إلى تحويلات التونسيين بالخارج.
الحد من التوريد العشوائي
كما طفت على السطح في الآونة الأخيرة، مطالب من العديد من المسؤولين في الدولة بضرورة مراجعة اتفاقية التبادل التجاري الحر مع عديد الدول للحد من توريد المواد الاستهلاكية، وكذلك اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي، والترفيع في المعاليم الديوانية الموظفة على بعض المنتجات لحماية بعض القطاعات الوطنية التي تعرف صعوبات.
وفي محاولة لسد هذا النزيف أمام التوريد العشوائي وسعيًا للحد من تدهور الاحتياطات من العملة الصعبة، توجه البنك المركزي، مؤخرا، برسالة إلى البنوك التجارية حول موضوع إجراءات فتح الاعتمادات لتوريد المنتجات غير الضرورية التي تعتبر غير ذات أولوية مع تقديم قائمة مفصلة في هذه المنتجات.
وجاء في رسالة البنك المركزي أنه تبعًا لتفاقم عجز الميزان التجاري وتحسبًا لتواصل تراجع مستوى الاحتياطات من العملة، تقرر تفعيل الاقتراح المنبثق عن المشاورات داخل الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية وتحديد المواد المطلوب توريدها، وذلك للحفاظ على مخزون تونس من الاحتياطي النقدي للعملة الصعبة.
*سفيان المهداوي
* مخزون تونس من الاحتياطي النقدي يرتفع إلى 130 يوم توريد * صعود الدولار أمام كافة العملات أثر على احتياطي تونس من النقد الأجنبي
تونس- الصباح
سجل مخزون تونس من العملة الصعبة، خلال يوم واحد، ارتفاعا بعد تسجيل انخفاض حاد في الواردات إلى 115 يومًا في 14 أفريل 2022، ليرتفع بمقدار 15 يومًا إضافيًة إلى 130 يومًا، ويعود إلى مستواه المطمئن تقريبًا مع بداية العام. وارتفع احتياطي العملات الأجنبية بمقدار 2.75 مليار دينار من 21.5 مليار دينار في 14 أفريل 2022 إلى 24.69 مليار دينار في 15 أفريل 2022.
ويأتي هذا التحسن في الاحتياط النقدي لتونس نتيجة تحصيل القرض الممنوح من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي (Afreximbank) البالغ 700 مليون دولار بما يعادل 2.1 مليار دينار، والذي تمت الموافقة عليه بموجب المرسوم الرئاسي رقم 369-2022 المؤرخ في 12 أفريل 2022 المنشور في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 40 بتاريخ 12 أفريل 2012.
وكان الدينار التونسي قد سجل انخفاضاً في سعره يوم الثامن من مارس الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ 3 سنوات، وبلغ سعر الدولار الواحد آنذاك 3.0032 دينار، الأمر الذي أثر على العملة الوطنية التونسية التي تتسم بالركود نتيجة الجائحة الصحية التي ضربت البلاد موفى سنة 2020.
تآكل مخزون العملات
وكان مجلس إدارة البنك المركزي قد عبر عن انشغاله بالعجز المسجل وتراجع مستوى الاحتياط من العملة الأجنبية إلى 22.7 مليار دينار (7.56 مليار دولار) مقابل 23.31 مليار دينار (7.77 مليار دولار) في سنة 2021، وأعرب عن عميق انشغاله بالأخطار التضخمية، إذ أخذ التضخم منحاه التصاعدي للشهر الرابع تباعاً ليبلغ 7.2 في المائة موفى مارس 2022. وسجل احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، في نهاية سبتمبر الماضي، انخفاضا مقلقا، دفع بالبنك المركزي إلى تحذير من تواصل تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة آنذاك، نتيجة إيفاء تونس بالتزاماتها تجاه المؤسسات المالية المانحة، وأصبحت واردات تونس في تلك الفترة لا تكفي إلا لمدة 127 يوما، مسجلة انخفاضا من تغطية لمدة 162 يوما مقارنة بسنة 2020. وبلغ احتياطي تونس من العملة الصعبة، منتصف أوت الماضي 19778 مليون دينار، أي ما يعادل 124 يوم توريد، بعد أن بلغ نحو 19731 مليون دينار أي ما يعادل 123 يوم توريد، مقابل 21676 مليون دينار أو ما يعادل 143 يوم توريد خلال الفترة ذاتها من سنة 2020. وبلغت قيمة التراجع المسجلة نحو 1945.4 مليون دينار (ما يعادل 20 يوم توريد)، فيما أرجع البنك المركزي التراجع المسجل في احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى انخفاض العائدات السياحية بنحو 71.9 بالمائة إلى غاية يوم 10 أوت 2021 مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2020. وتقدر هذه العائدات بنحو 1317 مليون دينار. وسجل مخزون تونس من العملة الصعبة تراجعا لافتا، بعد تواصل استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة، بسبب دفعات من القروض السيادية تم سدادها بين فترة 22 و23 جويلية الماضي، بالإضافة إلى قرض آخر بقيمة 500 مليون دولار تم سداده خلال الأسبوع الأول من شهر أوت الماضي. وعرف احتياطي تونس من العملة الصعبة، نسقا تصاعديا ليبلغ بتاريخ 08 جانفي الماضي، 162 يوم توريد أي ما يعادل 23216 مليون دينار. ويعد تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة، هو الرابع من نوعه خلال بضعة أشهر، حيث أكدت تقارير البنك، تراجع مخزون العملات الصعبة في تونس، في أفريل الماضي إلى معدل يغطي 156 يوما من الواردات، وتواصل نسق الانخفاض ليصل إلى حدود 140 يوما. وأقر البنك المركزي التونسي في تقريره الأخير، بأن مخزون البلاد من العملة الصعبة، يأتي أساسا من القروض التي تحصل عليها تونس، وهو ما يعني أن الاقتصاد التونسي ما يزال عاجزا عن إنتاج الثروة. وتمر تونس بانهيار اقتصادي غير مسبوق، بلغت فيه نسبة العجز المالي، ما يناهز 11.5 بالمائة من الثروة المنتجة في البلاد، فيما بلغت نسبة الانكماش الاقتصادي في نهاية العام 2020، قرابة 8.8 بالمائة وهي نسبة لم تسجلها تونس منذ استقلالها عام 1956.
صعود الدولار
واعتبر المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل الدولار يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو.
وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار بسبب ارتفاع سعره والإقبال عليه، بينما سجل الدينار التونسي استقرارا تجاه اليورو.
ويعد الانخفاض في سعر صرف العملة الوطنية التونسية طفيفاً مقارنة بعملات وطنية أخرى، والتي تأثرت بسبب ارتفاع الدولار مثل مصر وتركيا، في حين تحتاج تونس دعماً من المؤسسات المالية الدولية لمواجهة ارتدادات الحرب الروسية-الأوكرانية، وذلك لضمان احتياطي البلاد من العملة الصعبة من التآكل.
ترشيد الإنفاق
ويشدد اغلب خبراء الاقتصاد اليوم، على ضرورة اتخاذ حلول على المدى القصير وعلى المستوى الداخلي، وتتمثل أساسا في التحكم في نفقات الحكومة، وترشيد الإنفاق في مجالات عدة تهم نفقات التسيير وغيرها، وتأجيل الزيادات في الأجور المبرمجة وكذلك المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام، وترشيد توريد المواد الاستهلاكية، وهو أهم إجراء ملح بدأ يأخذ صداه في أروقة الدولة، وهناك إمكانية لإخضاع توريد بعض المواد الاستهلاكية الأخرى التي لا تستحقها الدورة الاقتصادية كالمواد الأولية ومواد التجهيز.
وكان تقرير صادر عن البنك المركزي ، تحصلت "الصباح" على نسخة منه، قد حذر من تواصل تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد الوطني خلال 2022، وذلك بعد انكماش الإنتاج بنسبة 9.2 بالمائة خلال سنة 2020، وتراجع قطاع التصدير الذي سجل في سبتمبر الماضي انخفاضا بنسبة 15٪ بسبب ضعف الطلب العالمي وتراجع قطاعي الصناعة والسياحة. وأشار تقرير البنك إلى أنه في نهاية عام 2020، أصبح حجم تداعيات الوباء على الاقتصاد التونسي محسوسًا بشكل متزايد، حيث تواجه تونس تراجعاً في النمو، وارتفاع الديون، ومعدلات البطالة والفقر، وانكماشاً في الإنتاج بنسبة 9.2٪. وساهم قطاع التصدير بشكل كبير في تباطؤ النمو الاقتصادي، في حين انخفض العجز إلى 7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 مقارنة بـ 8.8٪ في 2019. وسجل احتياطي تونس من النقد الأجنبي ارتفاعا إلى مستويات مطمئنة تجاوز 147 يوم توريد، وأدى ذلك إلى انخفاض التضخم وخلق الظروف الملائمة لانخفاض أسعار الفائدة ودعم نمو الائتمان في الاقتصاد، إلا أن الإجراءات المتخذة من السلطات للحد من تبعات الوباء من خلال اقتراح حزمة من تدابير الميزانية لدعم الشركات والأسر، كانت لها الأثر الكبير في اختلال السياسة المالية، في ظل تسجيل خسائر في الإيرادات الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي، والتي ساهمت إلى حد كبير في زيادة عجز الميزانية إلى 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي (كانت حوالي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية 2020). وسبق لمخزون تونس من العملة الصعبة أن شهد نسقا تصاعديا، حيث شهدت قيمة الموجودات الصافية من النقد الأجنبي ارتفاعا مهما وناهزت الـ21016 مليون دينار خلال جويلية الماضي ويعادل 137 يوم توريد، وهي المرة الأولى منذ مارس 2011، مقابل 73 يوم توريد خلال نفس الفترة من 2019. والجدير بالذكر أن من بين الأسباب الرئيسية التي هوت باحتياطي البلاد من العملة الصعبة على غرار تسديد القروض، انهيار إيرادات السياحة إلى أكثر من 71.9 بالمائة، فيما ساهمت مكاتب الصرف والتي بلغت إيراداتها أكثر من 2000 مليون دينار في الحفاظ على التوازنات المالية من العملة الصعبة، بالإضافة إلى تحويلات التونسيين بالخارج.
الحد من التوريد العشوائي
كما طفت على السطح في الآونة الأخيرة، مطالب من العديد من المسؤولين في الدولة بضرورة مراجعة اتفاقية التبادل التجاري الحر مع عديد الدول للحد من توريد المواد الاستهلاكية، وكذلك اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي، والترفيع في المعاليم الديوانية الموظفة على بعض المنتجات لحماية بعض القطاعات الوطنية التي تعرف صعوبات.
وفي محاولة لسد هذا النزيف أمام التوريد العشوائي وسعيًا للحد من تدهور الاحتياطات من العملة الصعبة، توجه البنك المركزي، مؤخرا، برسالة إلى البنوك التجارية حول موضوع إجراءات فتح الاعتمادات لتوريد المنتجات غير الضرورية التي تعتبر غير ذات أولوية مع تقديم قائمة مفصلة في هذه المنتجات.
وجاء في رسالة البنك المركزي أنه تبعًا لتفاقم عجز الميزان التجاري وتحسبًا لتواصل تراجع مستوى الاحتياطات من العملة، تقرر تفعيل الاقتراح المنبثق عن المشاورات داخل الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية وتحديد المواد المطلوب توريدها، وذلك للحفاظ على مخزون تونس من الاحتياطي النقدي للعملة الصعبة.