أسبوع فقط يفصلنا عن موعد اقتصادي هام ستعيش على وقعه بلدان العالم لمدة سبعة أيام، وهي اجتماعات الربيع السنوية 2022 لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، هذا الموعد سيكون هذه السنة استثنائيا تزامنا مع الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا والتداعيات الكبيرة التي خلفتها جائحة كورونا على اقتصاد العالم..
محليا، تسعى تونس من خلال مشاركتها في هذا الموعد الاقتصادي الكبير إلى عقد شراكات واتفاقيات دعم مالي مع المؤسسات المانحة وأهمها إبرام برنامج تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي، من خلال طرحها لبرنامج الإصلاحات الذي وصفته الحكومة بـ"البرنامج الجدي" ..
كما تأمل الحكومة التونسية من خلال هذه الزيارة الظفر بعقد برنامج تمويل جديد مع الصندوق بعد أن بلغت أشواطا متقدمة وايجابية في المحادثات التقنية التي تمت مؤخرا بين الجانبين، بهدف تعبئة موارد بقيمة 4 مليارات دولار لتمويل الميزانية العمومية وهي التي كانت تسعى منذ سنتين للتوصل إلى هذا الاتفاق، لتكون هذه الزيارة والمشاركة الرسمية في اجتماعات الربيع السنوية خطوة لتعميق التفاوض والمحادثات من أجل الوصول لاتفاق جديد بين الحكومة التونسية والصندوق.
ويرى العديد من الفاعلين الاقتصاديين أن برنامج الإصلاحات الذي ستقدمه الحكومة التونسية خلال هذه الزيارة غير كاف لإقناع المؤسسات المانحة لدعمها عبر الحصول على تمويلات جديدة، بل إن الحكومة اليوم مطالبة بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية ليس فقط مع هذه الجهات المانحة بل مع الدول المشاركة على اختلافها في هذا الحدث السنوي خاصة دول الأعضاء للصندوق الدولي والبنك العالمي.
اختيار الفريق المفاوض مهم لإقناع الجهات المانحة
ويعد اختيار الفريق الحكومي الذي سيتنقل إلى واشنطن مهما للغاية على أن يكون مقنعا في المحادثات أمام كبار المسؤولين في البلدان النافذة صلب الصندوق على غرار ألمانيا واليابان وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.. من أجل دعم تونس وتمكينها من تمويلات جديدة هي في أمس الحاجة إليها من خلال التوصل إلى اتفاق تمويل من الصندوق.
كما أن الدعم الذي دأبت عليه بلادنا منذ سنوات يعتبر دعما سياسيا بالأساس وليس دعما مؤسساتيا، وهو ما يتطلب ديبلوماسية اقتصادية على مستوى وزارة الخارجية وبقية الوزارات التي تعنى بالاقتصاد، بالتوازي مع برنامج الإصلاحات الذي يهم ابرز القطاعات المعطلة للدورة الاقتصادية في البلاد على غرار المؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية والوظيفة العمومية ومنظومة الدعم.
وكانت الحكومة التونسية قد شاركت السنة المنقضية في اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خلال وفد حكومي ترأسه وزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي في حكومة هشام المشيشي، وكانت قد توجت اللقاءات التي جمعت الوفد الحكومي بالإدارة الأمريكية باتفاق حول حصول تونس على هبة بـ500 مليون دولار أي ما يعادل 1400 مليون دينار تونسي خصصت لفائدة مشاريع في علاقة بتطوير المنظومة اللوجستية للنقل البحري في ميناء رادس ومشاريع أخرى تخص التحكم في الموارد المائية وتحسين التصرف فيها.
وكانت تلك الهبة عبر مؤسسة تحدي الألفية لتمويل مشاريع في قطاعات النقل والمياه ودعم المرأة الريفية، التمويلات الوحيدة التي تحصلت عليها بلادنا خلال تلك الزيارة مع وعود مساندة وتفاهم وإرادة لمساعدة تونس من طرف السلط الأمريكية والجهات المانحة..
تحديات جديدة قد تحول دون الحصول على تمويلات جديدة
لكن اليوم ومع تغير المشهد الاقتصادي العالمي بعد الجائحة الصحية وتزامنا مع الحرب الواقعة بين روسيا وأوكرانيا، تواجه تونس تحديات جديدة قد تحول دون تمكنها من الحصول على تمويلات جديدة، وهو ما يتطلب من الحكومة البحث عن مصادر تمويلية بديلة في اقرب الآجال وتسوية بعض المستحقات الخارجية من الديون لتخفيف عبء الميزانية وهاجس التمويل، في انتظار ما ستؤول إليه المشاورات بين الدولة التونسية وصندوق النقد الدولي في الأيام القليلة القادمة..
وبشأن الحدث الاقتصادي الهام الذي سينتظم الأسبوع المقبل في الفترة الممتدة بين 18 أفريل و24 أفريل المقبل، فقد نشر صندوق النقد الدولي بحر الأسبوع المنقضي جملة من البيانات عبر موقعه الإلكتروني تفيد بأنه من المقرر أن يشارك في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجالس محافظي مجموعة البنك الدولي: محافظو البنوك المركزية، ووزراء المالية والتنمية، وكبار المسؤولين من القطاع الخاص، وممثلون عن منظمات المجتمع المدني، وأكاديميون...
كما بين المصدر ذاته أن تلك الاجتماعات ستناقش القضايا موضع الاهتمام العالمي، ومنها الآفاق الاقتصادية العالمية، واستئصال الفقر، والتنمية الاقتصادية، وفعالية المعونات، ومن المنتظر أن تعقد أيضا ندوات وجلسات إعلامية إقليمية ومؤتمرات صحفية والكثير من الأنشطة والفعاليات الأخرى التي تركز على الاقتصاد العالمي والتنمية الدولية والنظام المالي العالمي.
ووفق البيانات المنشورة على موقع البنك الدولي، تضافرت الصراعات وتداعيات جائحة كوفيد-19 وتغير المناخ لتخلق تحديات غير مسبوقة للبلدان النامية، وعلى هامش اجتماعات الربيع التي تجري هذا العام في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية، ستجمع مجموعة البنك الدولي القادة والخبراء والنشطاء لمناقشة تأثير هذه الصدمات العالمية على المجتمعات المحلية الأكثر ضعفا.
ولفتت مجموعة البنك الدولي إلى أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تفاقم أوضاع الفقر وعدم المساواة، مما يقوض النمو ويهدد آفاق التنمية القادرة على الصمود والشاملة للجميع. وأضاف أن الصراعات في جميع أنحاء العالم الآن، بما في ذلك الأزمة في أوكرانيا، أدت إلى تفاقم أوجه عدم اليقين بطرق ستتردد أصداؤها في جميع أنحاء العالم، مما يضر بالفئات الأكثر ضعفا في أكثر الأماكن هشاشة ويهدد بمزيد من الانتكاسات في عملية التنمية.
ويعاني العديد من بلدان العالم اليوم من تزايد مخاطر الهشاشة والصراع وعدم الاستقرار وانعدام الأمن الغذائي وزيادة أوجه الضعف المتصلة بالديون؛ وتراجع معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة وآثار تغير المناخ.
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
أسبوع فقط يفصلنا عن موعد اقتصادي هام ستعيش على وقعه بلدان العالم لمدة سبعة أيام، وهي اجتماعات الربيع السنوية 2022 لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، هذا الموعد سيكون هذه السنة استثنائيا تزامنا مع الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا والتداعيات الكبيرة التي خلفتها جائحة كورونا على اقتصاد العالم..
محليا، تسعى تونس من خلال مشاركتها في هذا الموعد الاقتصادي الكبير إلى عقد شراكات واتفاقيات دعم مالي مع المؤسسات المانحة وأهمها إبرام برنامج تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي، من خلال طرحها لبرنامج الإصلاحات الذي وصفته الحكومة بـ"البرنامج الجدي" ..
كما تأمل الحكومة التونسية من خلال هذه الزيارة الظفر بعقد برنامج تمويل جديد مع الصندوق بعد أن بلغت أشواطا متقدمة وايجابية في المحادثات التقنية التي تمت مؤخرا بين الجانبين، بهدف تعبئة موارد بقيمة 4 مليارات دولار لتمويل الميزانية العمومية وهي التي كانت تسعى منذ سنتين للتوصل إلى هذا الاتفاق، لتكون هذه الزيارة والمشاركة الرسمية في اجتماعات الربيع السنوية خطوة لتعميق التفاوض والمحادثات من أجل الوصول لاتفاق جديد بين الحكومة التونسية والصندوق.
ويرى العديد من الفاعلين الاقتصاديين أن برنامج الإصلاحات الذي ستقدمه الحكومة التونسية خلال هذه الزيارة غير كاف لإقناع المؤسسات المانحة لدعمها عبر الحصول على تمويلات جديدة، بل إن الحكومة اليوم مطالبة بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية ليس فقط مع هذه الجهات المانحة بل مع الدول المشاركة على اختلافها في هذا الحدث السنوي خاصة دول الأعضاء للصندوق الدولي والبنك العالمي.
اختيار الفريق المفاوض مهم لإقناع الجهات المانحة
ويعد اختيار الفريق الحكومي الذي سيتنقل إلى واشنطن مهما للغاية على أن يكون مقنعا في المحادثات أمام كبار المسؤولين في البلدان النافذة صلب الصندوق على غرار ألمانيا واليابان وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.. من أجل دعم تونس وتمكينها من تمويلات جديدة هي في أمس الحاجة إليها من خلال التوصل إلى اتفاق تمويل من الصندوق.
كما أن الدعم الذي دأبت عليه بلادنا منذ سنوات يعتبر دعما سياسيا بالأساس وليس دعما مؤسساتيا، وهو ما يتطلب ديبلوماسية اقتصادية على مستوى وزارة الخارجية وبقية الوزارات التي تعنى بالاقتصاد، بالتوازي مع برنامج الإصلاحات الذي يهم ابرز القطاعات المعطلة للدورة الاقتصادية في البلاد على غرار المؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية والوظيفة العمومية ومنظومة الدعم.
وكانت الحكومة التونسية قد شاركت السنة المنقضية في اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خلال وفد حكومي ترأسه وزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي في حكومة هشام المشيشي، وكانت قد توجت اللقاءات التي جمعت الوفد الحكومي بالإدارة الأمريكية باتفاق حول حصول تونس على هبة بـ500 مليون دولار أي ما يعادل 1400 مليون دينار تونسي خصصت لفائدة مشاريع في علاقة بتطوير المنظومة اللوجستية للنقل البحري في ميناء رادس ومشاريع أخرى تخص التحكم في الموارد المائية وتحسين التصرف فيها.
وكانت تلك الهبة عبر مؤسسة تحدي الألفية لتمويل مشاريع في قطاعات النقل والمياه ودعم المرأة الريفية، التمويلات الوحيدة التي تحصلت عليها بلادنا خلال تلك الزيارة مع وعود مساندة وتفاهم وإرادة لمساعدة تونس من طرف السلط الأمريكية والجهات المانحة..
تحديات جديدة قد تحول دون الحصول على تمويلات جديدة
لكن اليوم ومع تغير المشهد الاقتصادي العالمي بعد الجائحة الصحية وتزامنا مع الحرب الواقعة بين روسيا وأوكرانيا، تواجه تونس تحديات جديدة قد تحول دون تمكنها من الحصول على تمويلات جديدة، وهو ما يتطلب من الحكومة البحث عن مصادر تمويلية بديلة في اقرب الآجال وتسوية بعض المستحقات الخارجية من الديون لتخفيف عبء الميزانية وهاجس التمويل، في انتظار ما ستؤول إليه المشاورات بين الدولة التونسية وصندوق النقد الدولي في الأيام القليلة القادمة..
وبشأن الحدث الاقتصادي الهام الذي سينتظم الأسبوع المقبل في الفترة الممتدة بين 18 أفريل و24 أفريل المقبل، فقد نشر صندوق النقد الدولي بحر الأسبوع المنقضي جملة من البيانات عبر موقعه الإلكتروني تفيد بأنه من المقرر أن يشارك في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجالس محافظي مجموعة البنك الدولي: محافظو البنوك المركزية، ووزراء المالية والتنمية، وكبار المسؤولين من القطاع الخاص، وممثلون عن منظمات المجتمع المدني، وأكاديميون...
كما بين المصدر ذاته أن تلك الاجتماعات ستناقش القضايا موضع الاهتمام العالمي، ومنها الآفاق الاقتصادية العالمية، واستئصال الفقر، والتنمية الاقتصادية، وفعالية المعونات، ومن المنتظر أن تعقد أيضا ندوات وجلسات إعلامية إقليمية ومؤتمرات صحفية والكثير من الأنشطة والفعاليات الأخرى التي تركز على الاقتصاد العالمي والتنمية الدولية والنظام المالي العالمي.
ووفق البيانات المنشورة على موقع البنك الدولي، تضافرت الصراعات وتداعيات جائحة كوفيد-19 وتغير المناخ لتخلق تحديات غير مسبوقة للبلدان النامية، وعلى هامش اجتماعات الربيع التي تجري هذا العام في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية، ستجمع مجموعة البنك الدولي القادة والخبراء والنشطاء لمناقشة تأثير هذه الصدمات العالمية على المجتمعات المحلية الأكثر ضعفا.
ولفتت مجموعة البنك الدولي إلى أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تفاقم أوضاع الفقر وعدم المساواة، مما يقوض النمو ويهدد آفاق التنمية القادرة على الصمود والشاملة للجميع. وأضاف أن الصراعات في جميع أنحاء العالم الآن، بما في ذلك الأزمة في أوكرانيا، أدت إلى تفاقم أوجه عدم اليقين بطرق ستتردد أصداؤها في جميع أنحاء العالم، مما يضر بالفئات الأكثر ضعفا في أكثر الأماكن هشاشة ويهدد بمزيد من الانتكاسات في عملية التنمية.
ويعاني العديد من بلدان العالم اليوم من تزايد مخاطر الهشاشة والصراع وعدم الاستقرار وانعدام الأمن الغذائي وزيادة أوجه الضعف المتصلة بالديون؛ وتراجع معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة وآثار تغير المناخ.