بعد ان تم تداول ابرز نقاط البرنامج الاقتصادي لحكومة نجلاء بودن من قبل الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل منتصف الشهر المنقضي، يتداول حاليا بين الاوساط التونسية تفاصيل هذا البرنامج المزمع تقديمه قريبا الى صندوق النقد الدولي من اجل ابرام قرض جديد مع هذه المؤسسة المالية التي اشترطته من قبل لمنح تمويلات جديدة لميزانية الدولة التونسية..
وكانت ابرز هذه النقاط التي تضمنها البرنامج والتي جاءت في تصريحات الامين العام للمنظمة الشغيلة، خفض أجور التونسيين بنسبة 10 بالمائة بهدف التحكم في كتلة الأجور، كواحد من حلول ترشيد النفقات التي تدرسها الحكومة، مشددا وقتها على رفض الاتحاد لمثل هذه القرارات الحكومية التي ستكون على حساب قوت التونسيين وجهدهم...
واليوم تتضح معالم البرنامج الاقتصادي الجديد لحكومة بودن من خلال الوثيقة التي تحصلت عليها منظمة "انا يقظ" والتي أعدتها رئاسة الحكومة استعدادا للتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول الإعتمادات الماليّة لسنة 2022 وصولاً إلى سنة 2026.
وتضمن البرنامج جملة من الإصلاحات للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد لاكثر من 3 سنوات والتي على راسها صعوبة تعبئة تمويلات جديدة لميزانية الدولة امام تعثر الحكومات السابقة في عقد برنامج تمويل مع الصندوق الذي توقف التفاوض معه منذ سنة 2018.
ومن ابرز هذه الاجراءات التي ستجسد في شكل اصلاحات في تجميد الزيادة في الأجور في القطاع العام بين سنة 2022 و 2024 إلى جانب تجميد الإنتداب في الوظيفة العموميّة و القطاع العام؛ فضلا عن التخلي عن الديون العموميّة المتخلّدة بذمة المؤسسات العموميّة؛ ومراجعة سياسة الدولة في علاقة بمساهماتها في رؤوس أموال المؤسسات العمومية "غير الاستراتيجية" وصولا إلى التفويت فيها (بداية من 2022)
كما تضمن البرنامج الاقتصادي قرار الرّفع التدريجي في الدّعم على المحروقات إلى أن تبلغ سعرها الحقيقي (2022-2026)؛ والترفيع في معاليم استغلال الكهرباء والغاز؛ الى جانب وضع منظومة الكترونية تسمح بالتسجيل والتصرف في التحويلات المالية للفئات المعنية بتلقي التعويض عن رفع دعم المواد الأساسية ابتداء من سنة 2023..
كذلك توضح وثيقة البرنامج الاقتصادي مصادر تمويل عجز الميزانية التي لم يتم الإعلان عنها سابقا كوعود بتمويل من المملكة العربيّة السعوديّة بقيمة 2900 مليون دينار والضمان الأمريكي مشروطة بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
لكن ما يثير الجدل بين التونسيين من خلال تفاصيل البرنامج الحكومي هو طريقة التعتيم التي تحوم حول مراحل اعداده دون تشريك منظمات المجتمع المدني، والحال ان هذا الشرط من ابرز الشروط التي اكد عليه صندوق النقد الدولي في توصياته الاخيرة وهو ضرورة الاتفاق حول هذا البرنامج بالاتفاق مع الشركاء الاجتماعيين على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل..
وهذا ما اشار اليه الامين العام المنظمة الشغيلة، نورالدين الطبوبي من خلال نفيه لوجود أي تواصل بين الحكومة والاتحاد في مسألة الإعداد لخطة لإنعاش الاقتصادي والمشاورات مع صندوق النقد الدولي، والحال ان هذه الخطوة ضرورية حتى دون ان تشترطها الجهات الخارجية في ظل الازمة الخانقة التي تمر بها البلاد وضرورة تظافر كل الجهود بين كل الجهات المسؤولة لايجاد حلول حقيقية وخاصة مستعجلة...
كما صاحب البرنامج جملة من الهنات الاخرى اهمها طريقة اعداده التي تتعارض مع وعود الحكومة منذ تقلدها الحكم والتي اعلنت عنها رئيسة الحكومة نجلاء بودن في خطاب اداء اليمين الموجه الى التونسيين، واهمها استعادة الثقة في الدولة وإعادة الأمل وتحسين ظروف العيش والمقدرة الشرائيّة للمواطنين، لكن هذه الوعود بقيت مجرد شعارات باعتبار ان هذا البرنامج الذي سيحدد بوصلة البلاد وتوجهاتها في الايام القادمة يكتنفه الكثير من الغموض، كما انه بعيدا كل البعد عن هذه الوعود التي قطعتها الحكومة لمواطنيها منذ ايام فقط...
كذلك ومن اهم النقاط التي لم تكن واضحة في وثيقة البرنامج، وبقيت غامضة لدى العموم، هي المصادر الحقيقية للتمويل والحال ان الحكومة قدرت حاجياتها التمويلية بما يناهز الـ 19350 مليون دينار، في ظل غياب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، ليتعقد الامر اكثر بتضمين هذا الاتفاق في قانون المالية لسنة 2022 من بين الفرضيات.
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
بعد ان تم تداول ابرز نقاط البرنامج الاقتصادي لحكومة نجلاء بودن من قبل الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل منتصف الشهر المنقضي، يتداول حاليا بين الاوساط التونسية تفاصيل هذا البرنامج المزمع تقديمه قريبا الى صندوق النقد الدولي من اجل ابرام قرض جديد مع هذه المؤسسة المالية التي اشترطته من قبل لمنح تمويلات جديدة لميزانية الدولة التونسية..
وكانت ابرز هذه النقاط التي تضمنها البرنامج والتي جاءت في تصريحات الامين العام للمنظمة الشغيلة، خفض أجور التونسيين بنسبة 10 بالمائة بهدف التحكم في كتلة الأجور، كواحد من حلول ترشيد النفقات التي تدرسها الحكومة، مشددا وقتها على رفض الاتحاد لمثل هذه القرارات الحكومية التي ستكون على حساب قوت التونسيين وجهدهم...
واليوم تتضح معالم البرنامج الاقتصادي الجديد لحكومة بودن من خلال الوثيقة التي تحصلت عليها منظمة "انا يقظ" والتي أعدتها رئاسة الحكومة استعدادا للتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول الإعتمادات الماليّة لسنة 2022 وصولاً إلى سنة 2026.
وتضمن البرنامج جملة من الإصلاحات للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد لاكثر من 3 سنوات والتي على راسها صعوبة تعبئة تمويلات جديدة لميزانية الدولة امام تعثر الحكومات السابقة في عقد برنامج تمويل مع الصندوق الذي توقف التفاوض معه منذ سنة 2018.
ومن ابرز هذه الاجراءات التي ستجسد في شكل اصلاحات في تجميد الزيادة في الأجور في القطاع العام بين سنة 2022 و 2024 إلى جانب تجميد الإنتداب في الوظيفة العموميّة و القطاع العام؛ فضلا عن التخلي عن الديون العموميّة المتخلّدة بذمة المؤسسات العموميّة؛ ومراجعة سياسة الدولة في علاقة بمساهماتها في رؤوس أموال المؤسسات العمومية "غير الاستراتيجية" وصولا إلى التفويت فيها (بداية من 2022)
كما تضمن البرنامج الاقتصادي قرار الرّفع التدريجي في الدّعم على المحروقات إلى أن تبلغ سعرها الحقيقي (2022-2026)؛ والترفيع في معاليم استغلال الكهرباء والغاز؛ الى جانب وضع منظومة الكترونية تسمح بالتسجيل والتصرف في التحويلات المالية للفئات المعنية بتلقي التعويض عن رفع دعم المواد الأساسية ابتداء من سنة 2023..
كذلك توضح وثيقة البرنامج الاقتصادي مصادر تمويل عجز الميزانية التي لم يتم الإعلان عنها سابقا كوعود بتمويل من المملكة العربيّة السعوديّة بقيمة 2900 مليون دينار والضمان الأمريكي مشروطة بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
لكن ما يثير الجدل بين التونسيين من خلال تفاصيل البرنامج الحكومي هو طريقة التعتيم التي تحوم حول مراحل اعداده دون تشريك منظمات المجتمع المدني، والحال ان هذا الشرط من ابرز الشروط التي اكد عليه صندوق النقد الدولي في توصياته الاخيرة وهو ضرورة الاتفاق حول هذا البرنامج بالاتفاق مع الشركاء الاجتماعيين على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل..
وهذا ما اشار اليه الامين العام المنظمة الشغيلة، نورالدين الطبوبي من خلال نفيه لوجود أي تواصل بين الحكومة والاتحاد في مسألة الإعداد لخطة لإنعاش الاقتصادي والمشاورات مع صندوق النقد الدولي، والحال ان هذه الخطوة ضرورية حتى دون ان تشترطها الجهات الخارجية في ظل الازمة الخانقة التي تمر بها البلاد وضرورة تظافر كل الجهود بين كل الجهات المسؤولة لايجاد حلول حقيقية وخاصة مستعجلة...
كما صاحب البرنامج جملة من الهنات الاخرى اهمها طريقة اعداده التي تتعارض مع وعود الحكومة منذ تقلدها الحكم والتي اعلنت عنها رئيسة الحكومة نجلاء بودن في خطاب اداء اليمين الموجه الى التونسيين، واهمها استعادة الثقة في الدولة وإعادة الأمل وتحسين ظروف العيش والمقدرة الشرائيّة للمواطنين، لكن هذه الوعود بقيت مجرد شعارات باعتبار ان هذا البرنامج الذي سيحدد بوصلة البلاد وتوجهاتها في الايام القادمة يكتنفه الكثير من الغموض، كما انه بعيدا كل البعد عن هذه الوعود التي قطعتها الحكومة لمواطنيها منذ ايام فقط...
كذلك ومن اهم النقاط التي لم تكن واضحة في وثيقة البرنامج، وبقيت غامضة لدى العموم، هي المصادر الحقيقية للتمويل والحال ان الحكومة قدرت حاجياتها التمويلية بما يناهز الـ 19350 مليون دينار، في ظل غياب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، ليتعقد الامر اكثر بتضمين هذا الاتفاق في قانون المالية لسنة 2022 من بين الفرضيات.