واصلت أسعار الشحن البحري عالميا ، ارتفاعها الجنوني لتصل إلى مستويات قياسية، وتجاوزت اسعارها حاجز 500٪ نتيجة ارتفاع الطلب العالمي على السلع، مقابل نقص في البواخر والحاويات، وارتفاع أسعار الطاقة والتأمين على البواخر، ما أدى إلى وضعية تضخمية كبيرة جداً ، مع توقعات بانعكاسات خانقة للاقتصاد التونسي الذي يعاني منذ سنوات.
وبحسب مؤشر «دروري وورلد كونتينر»، الذي يرصد أسعار الشحن البحري على مستوى 8 خطوط رئيسية ، وهي شانغهاي-روتردام، وروتردام-شانغهاي، وشانغهاي-جنوة،وشانغهاي-لوس أنجلوس، ولوس أنجلوس-شانغهاي، وشانغهاي-نيويورك، ونيويورك-روتردام، وروتردام-نبويورك، فإن سعر شحن حاوية 40 قدماً من شانغهاي الصينية إلى روتردام الهولندية بلغ 13 ألفاً و798 دولاراً، في حين بلغ السعر من روتردام الهولندية إلى شانغهاي الصينية 1585 دولاراً، و12 ألفاً و693 دولاراً من شانغهاي الصينية إلى جنوة الإيطالية، وتجاوز 20 الف دولار في اتجاه القارة الامريكية.
شركات تونسية تتكبد خسائر
وتعاني منذ اسابيع العديد من الشركات التونسية من تاخير كبير في عمليات تفريغ حمولة بواخرها، وأيضا في عمليات الشحن، وهذه الاجال تمددت بصفة كبيرة في الاونة الاخيرة، وادى الى ضعف الانتاجية بالرصيف، وحسب المعطيات الحديثة، فان معدل ايام التاخير في ميناء رادس بلغ 25 يوما من الرسو والانتظار، علما وان معدل الرسو العالمي لا يتجاوز 23.5 ساعة، ودفع التاخير الفادح المسجل في ميناء رادس بعض الشركات العالمية الى التراجع عن نقل الحمولات من والى تونس، الامر الذي كبد عدد من الشركات التونسية التي تعمل في مجال التصدير خسائر كبيرة.
ويجمع اليوم الخبراء في الشان الاقتصادي والعشرات من المستثمرين الاجانب، ان الاداء السيء للموانئ التونسية وشركات الشحن والترصيف السيء اصبح يمثل عائقا حقيقيا للاستثمار واحد العوامل التي اصبحت تنخر الاقتصاد التونسي وتتسبب سنويا في خسائر فادحة للدولة والشركات التونسية خاصة المصدرة امام صمت الجميع وعدم التحرك لإيجاد حلول ناجعة.
ويمثل القرار المتخذ من قبل شركة CMA CGM، في جويلية الماضي ، بتعليق رحلاتها الى تونس ضربة جديدة لصورة بلادنا من الناحية الاقتصادية، حيث ان جودة الخدمات في الموانئ التجارية تعتبر اهم عوامل التشجيع على الاستثمار من عدمه.
ضرورة تطوير الموانئ التونسية
وتستوجب المرحلة الحالية حسب العديد من الخبراء ، ادخال تغييرات عاجلة على ميناء رادس الذي مازال يشكو العديد من النقائص «اللوجستية» ، وذلك لدفع عجلة الاقتصاد الوطني واستقطاب رؤوس الأموال ، بالاضافة الى ان الخطر الداهم حاليا يتمثل في ارتفاع اسعار الشحن عالميا، وهو ما سينعكس سلبا على القدرة الشرائية في بلادنا، حيث ان تواصل ارتفاع الاسعار عالميا، تزامنا مع حالة الموانئ المزرية سيزيد من ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية للمواطنين، وكذلك من المواد الاولية للشركات، وهذه الاوضاع ستؤثر سلبا على كافة الانشطة التجارية ببلادنا وتخلق مناخا اجتماعيا غير آمن على المدى القصير.
وشهدت أسعار المنتجات ارتفاعا عالميا في الآونة الأخيرة متأثرة بعوامل عدة، أبرزها أزمة الطاقة في أوروبا والتغيرات المناخية، فضلا عن أزمة الشحن، الأمر الذي زاد من نسبة التضخم عالميا وأثر على مختلف الدول ومنها المنطقة العربية.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في وقت سابق من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع ظهور بعض مؤشرات تؤكد ارتفاع معدلات التضخم.
ومن المتوقع أن يواجه المستهلكون على مستوى العالم موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار مثلما حدث خلال العام الماضي، حين ارتفعت الأسعار في النهاية مرة أخرى.
ازمة قمح للدول المستوردة
وسيؤثر الصعود القياسي في أسعار القمح سلبا على قطاع الخبز في كثير من الدول العربية، وتوجد 9 دول عربية تستحوذ على 22.9% من المستوردات العالمية، وتشمل لائحة أكبر المستوردين هم مصر والجزائر والمغرب والعراق واليمن والسعودية والسودان والإمارات بالإضافة إلى تونس، ويتجاوز حجم واردات هذه الدول 40 مليون طن سنويا.
ومقارنة بعام 2020، فقد ارتفع سعر شحن حاوية 40 قدماً من شانغهاي إلى روتردام بـ522 %، ومن روتردام إلى شانغهاي بـ44 % ومن شانغهاي إلى جنوة بـ373 %، ومن شانغهاي إلى لوس أنجلوس بـ138 %، ومن لوس أنجلوس إلى شانغهاي بـ149%، ومن شانغهاي إلى نيويورك بـ152 %، ومن نيويورك إلى روتردام بـ115 %، ومن روتردام إلى نيويورك بـ204 %، بحسب آخر معطيات قدمها «دروري وورلد كونتينر .«
ارتفاع الطلب ونقص البواخر والحاويات
ويؤكد خبراء الاقتصاد ان من بين أسباب ارتفاع أسعار الشحن البحري بشكل كبير، تَكْمُنُ في ارتفاع الطلب على السلع، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الشحن، في وقت لا تزال فيه مجموعة من البواخر والحاويات عالقة في موانئ دول توقف فيها الإنتاج بسبب كورونا، ولم يتم استئناف الانتاج إلى الآن، ولا يمكن لتلك البواخر والحاويات التحرك فارغة بدون سلع نحو الوجهات، التي شهدت استئناف عملية الإنتاج في مرحلة ما بعد «كوفيد-19»، وتحتاج إلى تلك البواخر والحاويات، لأن ذلك سيتسبب للبواخر المذكورة في خسارة كبيرة، نظراً للكلفة العالية التي يتطلبها تحركها من ميناء إلى آخر.
كما ان ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، تسبب أيضاً في ارتفاع كلفة النقل، وذلك إلى جانب عدم توفر البواخر والحاويات ، وادى إلى ارتفاع كلفة السلع في الدول، ما نتج عنه وضعية تضخمية كبيرة جداً في عدد كبير من الدول، والتدخل لمعالجة هذه الوضعية سيكون صعباً جداً، لأن الأمور ستفلت من يد الحكومات، والبنوك المركزية بالأساس، التي تحافظ على بقاء التضخم في مستوى منخفض، ما سيؤدي إلى انهيار القدرة الشرائية للأسر، وارتفاع نسبة الفقر، في عدد من البلدان ، من بينها تونس.
الاقتصاد العالمي في خطر
ويشدد الخبراء في العالم ، ان هذا الوضع سيستمر على الأقل خلال سنة 2022، لأن الطلب العالمي على السلع سيظل مرتفعاً، فالأموال التي ضُخَّت في اقتصادات مجموعة من الدول كبيرة، تتطلب بعض الوقت حتى يستوعبها السوق. مؤكدين ان المساهم الاكبر في ارتفاع أسعار الشحن البحري، هو ارتفاع أسعار الطاقة .
ويشكل نقص حاويات الشحن أحد الأعراض الأخرى للدمار الذي أحدثه الوباء على سلاسل الإمداد الدولية، ونتيجة لذلك فإن تكاليف الشحن آخذة في الارتفاع، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وهذا أمر مهم على المدى القريب لأن قضايا العرض سيكون لها تأثير مباشر على التضخم.
وزادت معدلات شحن الحاويات بشكل كبير بين جويلية 2019 وأوت 2021، وشهد العام الحالي زيادة حادة في أسعار الشحن العالمية، حيث وصل إلى سعر قياسي يزيد عن 20 ألف دولار أمريكي، الشهر الماضي، وترجع زيادة أسعار الشحن غالبا إلى الاضطرابات في سلسلة التوريد العالمية الناجمة عن جائحة كوفيد-19، ما أدى إلى ازدحام الموانئ ونقص الحاويات.
سفيان المهداوي
تونس-الصباح
واصلت أسعار الشحن البحري عالميا ، ارتفاعها الجنوني لتصل إلى مستويات قياسية، وتجاوزت اسعارها حاجز 500٪ نتيجة ارتفاع الطلب العالمي على السلع، مقابل نقص في البواخر والحاويات، وارتفاع أسعار الطاقة والتأمين على البواخر، ما أدى إلى وضعية تضخمية كبيرة جداً ، مع توقعات بانعكاسات خانقة للاقتصاد التونسي الذي يعاني منذ سنوات.
وبحسب مؤشر «دروري وورلد كونتينر»، الذي يرصد أسعار الشحن البحري على مستوى 8 خطوط رئيسية ، وهي شانغهاي-روتردام، وروتردام-شانغهاي، وشانغهاي-جنوة،وشانغهاي-لوس أنجلوس، ولوس أنجلوس-شانغهاي، وشانغهاي-نيويورك، ونيويورك-روتردام، وروتردام-نبويورك، فإن سعر شحن حاوية 40 قدماً من شانغهاي الصينية إلى روتردام الهولندية بلغ 13 ألفاً و798 دولاراً، في حين بلغ السعر من روتردام الهولندية إلى شانغهاي الصينية 1585 دولاراً، و12 ألفاً و693 دولاراً من شانغهاي الصينية إلى جنوة الإيطالية، وتجاوز 20 الف دولار في اتجاه القارة الامريكية.
شركات تونسية تتكبد خسائر
وتعاني منذ اسابيع العديد من الشركات التونسية من تاخير كبير في عمليات تفريغ حمولة بواخرها، وأيضا في عمليات الشحن، وهذه الاجال تمددت بصفة كبيرة في الاونة الاخيرة، وادى الى ضعف الانتاجية بالرصيف، وحسب المعطيات الحديثة، فان معدل ايام التاخير في ميناء رادس بلغ 25 يوما من الرسو والانتظار، علما وان معدل الرسو العالمي لا يتجاوز 23.5 ساعة، ودفع التاخير الفادح المسجل في ميناء رادس بعض الشركات العالمية الى التراجع عن نقل الحمولات من والى تونس، الامر الذي كبد عدد من الشركات التونسية التي تعمل في مجال التصدير خسائر كبيرة.
ويجمع اليوم الخبراء في الشان الاقتصادي والعشرات من المستثمرين الاجانب، ان الاداء السيء للموانئ التونسية وشركات الشحن والترصيف السيء اصبح يمثل عائقا حقيقيا للاستثمار واحد العوامل التي اصبحت تنخر الاقتصاد التونسي وتتسبب سنويا في خسائر فادحة للدولة والشركات التونسية خاصة المصدرة امام صمت الجميع وعدم التحرك لإيجاد حلول ناجعة.
ويمثل القرار المتخذ من قبل شركة CMA CGM، في جويلية الماضي ، بتعليق رحلاتها الى تونس ضربة جديدة لصورة بلادنا من الناحية الاقتصادية، حيث ان جودة الخدمات في الموانئ التجارية تعتبر اهم عوامل التشجيع على الاستثمار من عدمه.
ضرورة تطوير الموانئ التونسية
وتستوجب المرحلة الحالية حسب العديد من الخبراء ، ادخال تغييرات عاجلة على ميناء رادس الذي مازال يشكو العديد من النقائص «اللوجستية» ، وذلك لدفع عجلة الاقتصاد الوطني واستقطاب رؤوس الأموال ، بالاضافة الى ان الخطر الداهم حاليا يتمثل في ارتفاع اسعار الشحن عالميا، وهو ما سينعكس سلبا على القدرة الشرائية في بلادنا، حيث ان تواصل ارتفاع الاسعار عالميا، تزامنا مع حالة الموانئ المزرية سيزيد من ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية للمواطنين، وكذلك من المواد الاولية للشركات، وهذه الاوضاع ستؤثر سلبا على كافة الانشطة التجارية ببلادنا وتخلق مناخا اجتماعيا غير آمن على المدى القصير.
وشهدت أسعار المنتجات ارتفاعا عالميا في الآونة الأخيرة متأثرة بعوامل عدة، أبرزها أزمة الطاقة في أوروبا والتغيرات المناخية، فضلا عن أزمة الشحن، الأمر الذي زاد من نسبة التضخم عالميا وأثر على مختلف الدول ومنها المنطقة العربية.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في وقت سابق من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع ظهور بعض مؤشرات تؤكد ارتفاع معدلات التضخم.
ومن المتوقع أن يواجه المستهلكون على مستوى العالم موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار مثلما حدث خلال العام الماضي، حين ارتفعت الأسعار في النهاية مرة أخرى.
ازمة قمح للدول المستوردة
وسيؤثر الصعود القياسي في أسعار القمح سلبا على قطاع الخبز في كثير من الدول العربية، وتوجد 9 دول عربية تستحوذ على 22.9% من المستوردات العالمية، وتشمل لائحة أكبر المستوردين هم مصر والجزائر والمغرب والعراق واليمن والسعودية والسودان والإمارات بالإضافة إلى تونس، ويتجاوز حجم واردات هذه الدول 40 مليون طن سنويا.
ومقارنة بعام 2020، فقد ارتفع سعر شحن حاوية 40 قدماً من شانغهاي إلى روتردام بـ522 %، ومن روتردام إلى شانغهاي بـ44 % ومن شانغهاي إلى جنوة بـ373 %، ومن شانغهاي إلى لوس أنجلوس بـ138 %، ومن لوس أنجلوس إلى شانغهاي بـ149%، ومن شانغهاي إلى نيويورك بـ152 %، ومن نيويورك إلى روتردام بـ115 %، ومن روتردام إلى نيويورك بـ204 %، بحسب آخر معطيات قدمها «دروري وورلد كونتينر .«
ارتفاع الطلب ونقص البواخر والحاويات
ويؤكد خبراء الاقتصاد ان من بين أسباب ارتفاع أسعار الشحن البحري بشكل كبير، تَكْمُنُ في ارتفاع الطلب على السلع، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الشحن، في وقت لا تزال فيه مجموعة من البواخر والحاويات عالقة في موانئ دول توقف فيها الإنتاج بسبب كورونا، ولم يتم استئناف الانتاج إلى الآن، ولا يمكن لتلك البواخر والحاويات التحرك فارغة بدون سلع نحو الوجهات، التي شهدت استئناف عملية الإنتاج في مرحلة ما بعد «كوفيد-19»، وتحتاج إلى تلك البواخر والحاويات، لأن ذلك سيتسبب للبواخر المذكورة في خسارة كبيرة، نظراً للكلفة العالية التي يتطلبها تحركها من ميناء إلى آخر.
كما ان ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، تسبب أيضاً في ارتفاع كلفة النقل، وذلك إلى جانب عدم توفر البواخر والحاويات ، وادى إلى ارتفاع كلفة السلع في الدول، ما نتج عنه وضعية تضخمية كبيرة جداً في عدد كبير من الدول، والتدخل لمعالجة هذه الوضعية سيكون صعباً جداً، لأن الأمور ستفلت من يد الحكومات، والبنوك المركزية بالأساس، التي تحافظ على بقاء التضخم في مستوى منخفض، ما سيؤدي إلى انهيار القدرة الشرائية للأسر، وارتفاع نسبة الفقر، في عدد من البلدان ، من بينها تونس.
الاقتصاد العالمي في خطر
ويشدد الخبراء في العالم ، ان هذا الوضع سيستمر على الأقل خلال سنة 2022، لأن الطلب العالمي على السلع سيظل مرتفعاً، فالأموال التي ضُخَّت في اقتصادات مجموعة من الدول كبيرة، تتطلب بعض الوقت حتى يستوعبها السوق. مؤكدين ان المساهم الاكبر في ارتفاع أسعار الشحن البحري، هو ارتفاع أسعار الطاقة .
ويشكل نقص حاويات الشحن أحد الأعراض الأخرى للدمار الذي أحدثه الوباء على سلاسل الإمداد الدولية، ونتيجة لذلك فإن تكاليف الشحن آخذة في الارتفاع، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وهذا أمر مهم على المدى القريب لأن قضايا العرض سيكون لها تأثير مباشر على التضخم.
وزادت معدلات شحن الحاويات بشكل كبير بين جويلية 2019 وأوت 2021، وشهد العام الحالي زيادة حادة في أسعار الشحن العالمية، حيث وصل إلى سعر قياسي يزيد عن 20 ألف دولار أمريكي، الشهر الماضي، وترجع زيادة أسعار الشحن غالبا إلى الاضطرابات في سلسلة التوريد العالمية الناجمة عن جائحة كوفيد-19، ما أدى إلى ازدحام الموانئ ونقص الحاويات.