معز السوسي لـ "الصباح": تونس امام فرصة هامة لعودة التفاوض مع الاتحاد الاوروبي حول اتفاق "الاليكا"
تونس-الصباح
افاد الاستاذ الجامعي في الاقتصاد معز السوسي في تصريح لـ "الصباح" بان البرلمان الاوروبي عبر عن مواصلة دعمه لتونس اقتصاديا، بالرغم من التوجس تجاه الوضع السياسي والتشريعي في البلاد والتطورات التي شهدتها منذ إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد لإجراءات استثنائية في الـ 25 من جويلية الفارط.
وجاء موقف الاتحاد الاوروبي خلال جلسة عامة عقدها البرلمان الاوروبي امس للنظر في الاوضاع في تونس، وخلصت الى جملة من التوصيات التي تتعلق بالتشريعات وضرورة مراعاة دستور 2014، والمحافظة على مسار الانتقال الديمقراطي، فضلا عن تكريس السلط الثلاثة دون احتكارها في سلطة واحدة...
وبين السوسي في هذا الاطار، ان البرلمان الاوروبي عبر عن ارتياحه بالمقابل بتشكيل حكومة جديدة تراسها امرأة الى جانب 10 وزيرات وهو ما يبعث برسائل طمانة تجاه الوضع الاقتصادي في تونس في قادم الايام، معتبرا ان علاقة الاتحاد الاوروبي بتونس هي متينة وهو ما يعكس الموقف الايجابي للبرلمان من خلال تاكيده مواصلة دعم بلادنا...
وعلى هذا الاساس، اشار السوسي الى ان تونس اليوم امام فرصة هامة لكسب ثقة الاتحاد الاوروبي من جديد حتى تصبح شريكا فاعلا، من خلال العمل على اعادة المفاوضات بشان اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق "الاليكا" الذي يعود الى سنة 2015 وتعطل في ما بعد لعدة اسباب، لتضيع على تونس فرصة التعاون بين الجانبين الذي من شانه ان يغير الوضع الاقتصادي للبلاد نحو الافضل.. حسب تعبير محدثنا..
وحول علاقة تونس بالاتحاد الاوروبي، بين السوسي في ذات التصريح ان علاقة بلادنا بالشريك الاوروبي هي علاقة متينة وتعود الى سنة 1959، لتتواصل في ما بعد مع ابرام اتفاقية التعاون في سنة 1976، تلتها اتفاقية التبادل الحر لسنة 1995 والتي انبثق عنها قرار التفكيك الجبائي الذي تواصل لـ 12 سنة، وهو ما يؤكد متانة العلاقة بين تونس والاتحاد الاوروبي...
كما اكد محدثنا ان الموقف الجديد للاتحاد الاوروبي اراد من خلاله المحافظة على العلاقة لما لها من مصلحة مشتركة بين الطرفين على عدة مستويات انطلاقا من موقع بلادنا الجغرافي وقيمتها التاريخية بما يخدم الاقتصاد للجانبين...
وشدد السوسي على ضرورة استغلال هذه الفرصة من خلال التسريع في تنزيل الاصلاحات الكبرى مع تفعيل القانون ومكافحة الفساد، لتعود بذلك الى التفاوض من جديد حول اتفاقية " الاليكا"...
وكانت قد التأمت منذ يوم 18 الـ 21 أكتوبر الجاري، الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي الذي تم خلالها عرض قرار للتصريت حول الأوضاع في تونس وتم ادخال بعض التعديلات على المقترحات المعروضة على التصويت ، ومن أهم التعديلات ...الغاء النقطة الخاصة بحقوق مجتمع الميم وادراج نقطة التنديد بتدخل بعض الانظمة الديكتاتورية في الشأن التونسي قصد تقويض الديمقراطية...
ومن ابرز التصريحات التي صاحبت جلسات البرلمان الاوروبي، تصريح الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي افاد أمام اعضاء البرلمان الأوروبي المجتمعين في مقره بسترازبورغ، بإنه "لا يمكن للبرلمان التونسي أن يبقى مغلقا إلى ما لا نهاية"، لافتا إلى أنه "من الضروري لمستقبل البلد ولمصداقيته الداخلية والدولية، أن يقوم الرئيس (قيس سعيد) والسلطات التونسية، على جميع المستويات، باعادة النظام الدستوري والمؤسساتي كاملين، ومن ضمنها أعمال البرلمان".
ويمكن اعتبار العلاقات الثقافية والتجارية التي تربط بين تونس والاتحاد الأوروبي من اعرق العلاقات وذلك بحكم العامل الجغرافي والتاريخي الذي يقرب كثيرا بين الطرفين .لذا يعود إبرام أول اتفاق تجاري بين تونس والمجموعة الاقتصادية الأوروبية إلى سنة 1969 حيث تبعه التوقيع على اتفاق تعاون سنة 1976.
وفي هذا الاطار، تعد تونس أول بلد من الضفة الجنوبية للمتوسط الذي أمضى اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي وذلك في جويلية 1995، والذي دخل حيز التنفيذ منذ سنة 1998.
وقد تم بموجب هذا الاتفاق إنشاء منطقة للتبادل الحر حيث تم بمقتضاها حذف المعاليم الديوانية على تجارة المنتوجات الصناعية فقط .ومن هذا المنطلق تصدر المنتوجات الصناعية التونسية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي معفاة من المعاليم الديوانية .
وتجدر الإشارة إلى أنه تم وفق هذا الاتفاق حذف المعاليم الديوانية على المنتوجات التونسية بصفة تدريجية على مدى 12 سنة ( من1995 الى2008) كما انتفعت كذلك الشركات التونسية المصنعة ببرامج للإحاطة والتأهيل في إطار برنامج ميدا ( 1995-2006) وفي نطاق الآلية الأوروبية للجوار والشراكة ..
وشملت برامج الإحاطة والتأهيل هذه وعلى حد السواء الاستثمارات المادية واللامادية وقد تمتعت ما يقارب عن 3500 شركة تونسية بهذه الإجراءات حيث وضعت برامج لتأهيل انتاجها ولتحسين جودة منتوجاتها وللرفع من مستوى قدراتها التنافسية مع الشركات الأوروبية.
ويبقى اتفاق الشراكة لسنة 1995 الإطار القانوني للتعاون في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية. ويحتل الأوروبيون صدارة المستثمرين الأجانب في تونس مع ما يزيد عن3000 شركة توفر أكثر من 315 ألف شغل.وتمثل الاستثمارات الأوروبية المباشرة 49 % من مجموع الاستثمارات الأجنبية.ومنذ سنة 2011 وتبعا للتحولات السياسية التي شهدتها تونس قام الاتحاد الأوروبي بالترفيع في نسق المساعدات لتونس من اجل مساندتها في عملية انتقالها الديمقراطي وتحصلت تونس بهذه المناسبة على صفة الشريك المميز منذ نوفمبر2012.
وفاء بن محمد