إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أجور الموظفين ستصرف في آجالها.. لكن المخاوف قائمة بداية 2022

 

تونس-الصباح

نجحت تونس في الفترة الأخيرة من تأمين كتلة الأجور للأشهر المتبقية من العام الحالي والمقدرة 6.7 مليار دينار، اي بمعدل 1.6 مليار دينار شهريا، وهي مبالغ جلها متات من الموارد الجبائية للدولة التي سجلت ارتفاعا في النصف الاول من العام الحالي لتبلغ 14.7 مليار دينار، وهذه الارقام تدحض ما تردد مؤخرا حول عدم قدرة الدولة على سداد اجور الموظفين خلال الفترة القادمة.

وحسب تقرير صادر عن وزارة المالية، اطلعت عليه "الصباح"، فإن كتلة الاجور لما تبقى من العام متوفرة في خزينة الدولة، الا ان هناك اشكالا يرافق الخزينة العامة للدولة منذ العام الفارط والمتمثل في نفقات الدولة التي بدأت تشهد صعوبات مع منتصف العام الحالي، بالاضافة الى تراجع نفقات الاستثمار الى مستويات متدنية للغاية، أجبرت الدولة على تعليق العشرات من المشاريع في أغلب ولايات الجمهورية.

أجور الموظفين جاهزة

وخلافا لما يروج في الفترة الاخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام، حول عدم قدرة تونس على سداد أجور الموظفين خلال ما تبقى من العام، تؤكد البيانات الحديثة الصادرة عن وزارة المالية، توفر كتلة الاجور لموظفي الدولة لما تبقى من العام الحالي في انتظار اعداد قانون مالية تكميلي واعداد الميزانية العامة للدولة التونسية لسنة 2022.

وعلى مدى الأشهر الأربعة المتبقية من العام ، تبلغ آجال السداد على الديون الداخلية والخارجية بشكل أساسي 7.3 مليار دينار ، بالإضافة إلى رواتب الخدمة المدنية التي تم تأمينها من سبتمبر إلى ديسمبر بمبلغ إجمالي قدره 6.7 مليار دينار ( 1.6 مليار دينار شهريا) ، في حين مازالت الدولة عاجزة عن توفير النفقات الادارية، وفائدة الدين ، والتي بلغت 5.1 مليار دينار للأشهر الأربعة المقبلة ، أي 1.2 مليار دينار لكل شهر.

ارتفاع كتلة الاجور

وبين سداد الدين الداخلي والخارجي ودفع رواتب الموظفين والمصاريف الأخرى،  ستحتاج الدولة إلى 19 مليار دينار، أي 4.5 مليار دينار شهرياً ، بنهاية العام وذلك وفق الميزانية العامة للدولة لسنة 2021 وباحتساب المعدل الشهري للايرادات والضرائب (المباشرة وغير المباشرة) فإن الدولة قادرة على تأمين 2.4 مليار دينار في المتوسط شهريا وهو مبلغ غير كاف لتأمين احتياجات البلاد المالية والايفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية لما تبقى من العام.

وشهدت أجور الموظفين في تونس في الأشهر الثلاثة الاخيرة جوان وجويلية واوت 2021 تأخيرا في الخلاص، مرده تزامن هذه الفترة مع مواعيد سداد قرضين من العملة الصعبة بقيمة جملية بلغت 2809.8 مليون دينار، الامر الذي اثر نسبيا على السيولة النقدية بالبلاد، وتبلغ قيمة أجور الموظفين في تونس شهريا حوالي 1660 مليون دينار شهريا، كما تبلغ قيمة كتلة الأجور بالنسبة للوظيفة العمومية 20 مليار دينار، أي بنسبة تقارب 38 بالمائة من إجمالي الميزانية (52.6 مليار دينار)، وهي نسبة مرتفعة مقارنة ببقية دول العالم.
وبين اجبارية خلاص الديون الداخلية والخارجية ودفع رواتب الموظفين ومصاريف أخرى فان تونس مطالبة من شهر اوت الى موفى العام الجاري دفع زهاء 19 مليار دينار بمعدل 4.4 مليار دينار شهريا مقابل تحصيل ضرائب مباشرة وغير مباشرة في حدود 2.4 مليار دينار، ووضعت هذه الضغوطات المالية العمومية والبنك المركزي في وضعية حرجة منذ شهر أوت الماضي ، وذلك من اجل تأمين السيولة النقدية في المقام الاول وسداد رواتب الموظفين في المقام الثاني، علما وان حساب الخزينة والعامة للبلاد التونسية بلغ الى حدود يوم امس 1269 مليون دينار.

ويبلغ عدد العاملين في الوظيفة العمومية 690.091 موظفا وعاملا من بينهم 152.756 تم انتدابهم في الفترة الممتدة بين سنة 2011 و2016، ورفع حجم هذه الانتدايبات من كتلة الاجور الى مستويات عجزت المالية العمومية عن مسايرتها، خاصة مع ظهور جائحة كورونا في مارس من سنة 2020، والتي اجبرت البلاد على فرض حظر صحي شامل بلغت تكلفته قرابة 8 مليار دينار مع موفى سنة 2020.

تخوفات مع بداية سنة 2022

ولمح ، مؤخرا ، عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، عن تخوفهم من عدم قدرة تونس على مواصلة تامين خلاص أجور الموظفين بداية من السنة القادمة بسبب الصعوبات التي تعرفها البلاد في تعبئة الموارد المالية الضرورية في ظل انسداد الأفق السياسية والمالية، حيث ان توقف المفاوضات تماما مع صندوق النقد الدولي وصعوبة الخروج الى الاسوق المالية الدولية يقلصان من هامش تحرك تونس في توفير الموارد المالية لسنة 2022.

ويحذر جل الخبراء من وجود انسداد مالي لتونس في الفترة القادمة، في ظل الظروف السياسية الاستثنائية التي تمر بها منذ 25 جويلية 2021 إثر اقدام الرئيس قيس سعيد على تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن كل النواب وقيامه منذ يومين بتمديد تعليق عمل البرلمان الى اشعار اخر، وهذه الوضعية الاستثنائية تفرض على كل المانحين الدوليين وفي ومقدمتهم صندوق النقد الدولي التريث وانتظار مآل انفراج الأوضاع.

كما يحذر شق آخر من ان الوضع السياسي الراهن من شانه ان يزيد في تعميق الازمة الاقتصادية والمالية التي ستشتد مع بداية العام القادم، في ظل غياب قانون تكميلي، وأيضا تمويلات اضافية لتامين اجور الموظفين وادارة نفقات الدولة والتي شهدت منتصف العام الحالي عجزا كبيرا، رافقه عجز بعض المؤسسات المملوكة للدولة عن توفير حاجياتها من المواد الاولية، تزامن مع تواصل شح السيولة في البلاد ، والذي أجبر الدولة على التوجه نحو السوق الداخلية لإصدار رقاع الخزينة والاقتراض من البنوك ، وهو الامر الذي سيؤثر لاحقا على الاستثمار وخلق مواطن شغل اضافية.

مأزق المالية العمومية

ودفع تردي الأوضاع المالية في تونس ، صندوق النقد الدولي الى دعوة السلطات في تقريره الاخير بضرورة خفض العجز المالي، والانطلاق في حزمة من الإصلاحات المالية العمومية اللازمة، ومنها خفض الأجور والحد من دعم الطاقة وتنفيذ إصلاحات داخل المؤسسات العمومية، وإلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.

وخلقت جائحة كوفيد - 19 ، أزمة مالية في تونس، دفعت بالحكومة السابقة إلى العمل على تعبئة الموارد المالية من السوق العالمية التي تشهد بدورها شحّاً، لأن الأزمة مسّت مختلف دول العالم أيضاً، وبلغ عجز الميزانية نحو 14 في المائة من الناتج الإجمالي المحلّي ، نتيجة تداعيات تفشي كورونا ، ونجحت الحكومة آنذاك في تخفيض العجز الى نقطتين بعد تدخل البنك المركزي ، الا ان أزمة سد العجز مازالت متواصلة بسبب الاوضاع العالمية الصعبة، علما وان الحكومة السابقة خيرت في ميزانية الدولة خفض الإنفاق، كما خصصت 7 مليارات دينار كنفقات للتنمية، منها 1.5 مليار دينار فقط مخصصة للمشاريع.

وأمام حالة العجز المالي الذي سيرتفع مع بداية العام ، يطالب الخبراء بإطلاق حوار مع المانحين الدوليين ضمن خطة جديدة طارئة لتعبئة الموارد المالية لدعم ميزانية الدولة، إلى جانب مراجعة الإنفاق العام للدولة، والقيام بإصلاحات هيكلية عاجلة داخل مؤسسات الدولة حتى تتمكن من استرجاع ثقة الجهات المانحة.

 

سفيان المهداوي

أجور الموظفين ستصرف في آجالها.. لكن المخاوف قائمة بداية 2022

 

تونس-الصباح

نجحت تونس في الفترة الأخيرة من تأمين كتلة الأجور للأشهر المتبقية من العام الحالي والمقدرة 6.7 مليار دينار، اي بمعدل 1.6 مليار دينار شهريا، وهي مبالغ جلها متات من الموارد الجبائية للدولة التي سجلت ارتفاعا في النصف الاول من العام الحالي لتبلغ 14.7 مليار دينار، وهذه الارقام تدحض ما تردد مؤخرا حول عدم قدرة الدولة على سداد اجور الموظفين خلال الفترة القادمة.

وحسب تقرير صادر عن وزارة المالية، اطلعت عليه "الصباح"، فإن كتلة الاجور لما تبقى من العام متوفرة في خزينة الدولة، الا ان هناك اشكالا يرافق الخزينة العامة للدولة منذ العام الفارط والمتمثل في نفقات الدولة التي بدأت تشهد صعوبات مع منتصف العام الحالي، بالاضافة الى تراجع نفقات الاستثمار الى مستويات متدنية للغاية، أجبرت الدولة على تعليق العشرات من المشاريع في أغلب ولايات الجمهورية.

أجور الموظفين جاهزة

وخلافا لما يروج في الفترة الاخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام، حول عدم قدرة تونس على سداد أجور الموظفين خلال ما تبقى من العام، تؤكد البيانات الحديثة الصادرة عن وزارة المالية، توفر كتلة الاجور لموظفي الدولة لما تبقى من العام الحالي في انتظار اعداد قانون مالية تكميلي واعداد الميزانية العامة للدولة التونسية لسنة 2022.

وعلى مدى الأشهر الأربعة المتبقية من العام ، تبلغ آجال السداد على الديون الداخلية والخارجية بشكل أساسي 7.3 مليار دينار ، بالإضافة إلى رواتب الخدمة المدنية التي تم تأمينها من سبتمبر إلى ديسمبر بمبلغ إجمالي قدره 6.7 مليار دينار ( 1.6 مليار دينار شهريا) ، في حين مازالت الدولة عاجزة عن توفير النفقات الادارية، وفائدة الدين ، والتي بلغت 5.1 مليار دينار للأشهر الأربعة المقبلة ، أي 1.2 مليار دينار لكل شهر.

ارتفاع كتلة الاجور

وبين سداد الدين الداخلي والخارجي ودفع رواتب الموظفين والمصاريف الأخرى،  ستحتاج الدولة إلى 19 مليار دينار، أي 4.5 مليار دينار شهرياً ، بنهاية العام وذلك وفق الميزانية العامة للدولة لسنة 2021 وباحتساب المعدل الشهري للايرادات والضرائب (المباشرة وغير المباشرة) فإن الدولة قادرة على تأمين 2.4 مليار دينار في المتوسط شهريا وهو مبلغ غير كاف لتأمين احتياجات البلاد المالية والايفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية لما تبقى من العام.

وشهدت أجور الموظفين في تونس في الأشهر الثلاثة الاخيرة جوان وجويلية واوت 2021 تأخيرا في الخلاص، مرده تزامن هذه الفترة مع مواعيد سداد قرضين من العملة الصعبة بقيمة جملية بلغت 2809.8 مليون دينار، الامر الذي اثر نسبيا على السيولة النقدية بالبلاد، وتبلغ قيمة أجور الموظفين في تونس شهريا حوالي 1660 مليون دينار شهريا، كما تبلغ قيمة كتلة الأجور بالنسبة للوظيفة العمومية 20 مليار دينار، أي بنسبة تقارب 38 بالمائة من إجمالي الميزانية (52.6 مليار دينار)، وهي نسبة مرتفعة مقارنة ببقية دول العالم.
وبين اجبارية خلاص الديون الداخلية والخارجية ودفع رواتب الموظفين ومصاريف أخرى فان تونس مطالبة من شهر اوت الى موفى العام الجاري دفع زهاء 19 مليار دينار بمعدل 4.4 مليار دينار شهريا مقابل تحصيل ضرائب مباشرة وغير مباشرة في حدود 2.4 مليار دينار، ووضعت هذه الضغوطات المالية العمومية والبنك المركزي في وضعية حرجة منذ شهر أوت الماضي ، وذلك من اجل تأمين السيولة النقدية في المقام الاول وسداد رواتب الموظفين في المقام الثاني، علما وان حساب الخزينة والعامة للبلاد التونسية بلغ الى حدود يوم امس 1269 مليون دينار.

ويبلغ عدد العاملين في الوظيفة العمومية 690.091 موظفا وعاملا من بينهم 152.756 تم انتدابهم في الفترة الممتدة بين سنة 2011 و2016، ورفع حجم هذه الانتدايبات من كتلة الاجور الى مستويات عجزت المالية العمومية عن مسايرتها، خاصة مع ظهور جائحة كورونا في مارس من سنة 2020، والتي اجبرت البلاد على فرض حظر صحي شامل بلغت تكلفته قرابة 8 مليار دينار مع موفى سنة 2020.

تخوفات مع بداية سنة 2022

ولمح ، مؤخرا ، عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، عن تخوفهم من عدم قدرة تونس على مواصلة تامين خلاص أجور الموظفين بداية من السنة القادمة بسبب الصعوبات التي تعرفها البلاد في تعبئة الموارد المالية الضرورية في ظل انسداد الأفق السياسية والمالية، حيث ان توقف المفاوضات تماما مع صندوق النقد الدولي وصعوبة الخروج الى الاسوق المالية الدولية يقلصان من هامش تحرك تونس في توفير الموارد المالية لسنة 2022.

ويحذر جل الخبراء من وجود انسداد مالي لتونس في الفترة القادمة، في ظل الظروف السياسية الاستثنائية التي تمر بها منذ 25 جويلية 2021 إثر اقدام الرئيس قيس سعيد على تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن كل النواب وقيامه منذ يومين بتمديد تعليق عمل البرلمان الى اشعار اخر، وهذه الوضعية الاستثنائية تفرض على كل المانحين الدوليين وفي ومقدمتهم صندوق النقد الدولي التريث وانتظار مآل انفراج الأوضاع.

كما يحذر شق آخر من ان الوضع السياسي الراهن من شانه ان يزيد في تعميق الازمة الاقتصادية والمالية التي ستشتد مع بداية العام القادم، في ظل غياب قانون تكميلي، وأيضا تمويلات اضافية لتامين اجور الموظفين وادارة نفقات الدولة والتي شهدت منتصف العام الحالي عجزا كبيرا، رافقه عجز بعض المؤسسات المملوكة للدولة عن توفير حاجياتها من المواد الاولية، تزامن مع تواصل شح السيولة في البلاد ، والذي أجبر الدولة على التوجه نحو السوق الداخلية لإصدار رقاع الخزينة والاقتراض من البنوك ، وهو الامر الذي سيؤثر لاحقا على الاستثمار وخلق مواطن شغل اضافية.

مأزق المالية العمومية

ودفع تردي الأوضاع المالية في تونس ، صندوق النقد الدولي الى دعوة السلطات في تقريره الاخير بضرورة خفض العجز المالي، والانطلاق في حزمة من الإصلاحات المالية العمومية اللازمة، ومنها خفض الأجور والحد من دعم الطاقة وتنفيذ إصلاحات داخل المؤسسات العمومية، وإلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.

وخلقت جائحة كوفيد - 19 ، أزمة مالية في تونس، دفعت بالحكومة السابقة إلى العمل على تعبئة الموارد المالية من السوق العالمية التي تشهد بدورها شحّاً، لأن الأزمة مسّت مختلف دول العالم أيضاً، وبلغ عجز الميزانية نحو 14 في المائة من الناتج الإجمالي المحلّي ، نتيجة تداعيات تفشي كورونا ، ونجحت الحكومة آنذاك في تخفيض العجز الى نقطتين بعد تدخل البنك المركزي ، الا ان أزمة سد العجز مازالت متواصلة بسبب الاوضاع العالمية الصعبة، علما وان الحكومة السابقة خيرت في ميزانية الدولة خفض الإنفاق، كما خصصت 7 مليارات دينار كنفقات للتنمية، منها 1.5 مليار دينار فقط مخصصة للمشاريع.

وأمام حالة العجز المالي الذي سيرتفع مع بداية العام ، يطالب الخبراء بإطلاق حوار مع المانحين الدوليين ضمن خطة جديدة طارئة لتعبئة الموارد المالية لدعم ميزانية الدولة، إلى جانب مراجعة الإنفاق العام للدولة، والقيام بإصلاحات هيكلية عاجلة داخل مؤسسات الدولة حتى تتمكن من استرجاع ثقة الجهات المانحة.

 

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews