واصل قائم الدين العمومي للبلاد التونسية ارتفاعه ليصل الى مستوى 99،3 مليار دينار أي ما يعادل 81،52 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، موفى جوان 2021 ، في حين بلغ حجم الدين الخارجي 62 مليار دينار نصفه مع المؤسسات المالية الكبرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك وفق أحدث بيانات وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار.
وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي في 2020، ويتوقع ان يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2021، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021.
وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس 62 مليار دينار، في حين بلغت قيمة الديون الداخلية للدولة قرابة 37،2 مليار دينار، علما وان 66،5 بالمائة من الدين التونسي بالعملة الصعبة، اي 56 بالمائة بالأورو و19 بالمائة بالدولار و33،5 بالمائة من الدين ذاته بالدينار التونسي.
وحسب ذات المصدر ، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ 30%، اما البقية فهي قروض ثنائية.
وسجلت خدمة الدين العمومي ارتفاعا خلال الفترة الممتدة بين2015 /2021 لتصل الى مستويات مزعجة، الامر الذي دفع بخبراء الاقتصاد الى الاقرار، ان حجم الديون الداخلية والخارجية يعد مرتفعا بالمقارنة مع حجم الاقتصاد الوطني والازمة المالية التي تمر بها البلاد في الآونة الاخيرة ، مشددين على ان تونس مطالبة بالايفاء بالتزاماتها تجاه المانحين الدوليين وليس أمامها اي خيار غير سداد ديونها في آجالها.
ويبلغ حجم الديون الاجمالية لتونس الواجب تسديدها هذه السنة 11500 مليون دينار منها 8395.7 مليون دينار ديون خارجية والبقية ديون داخلية، وذلك وفق الميزانية المعدة لسنة 2021 ، ويظل خطر تعثر تونس عن سداد ديونها قائما، خاصة مع اتساع دائرة العجز في ميزانية 2021، بالاضافة الى تزامن سداد عدد من القروض بالعملة الصعبة آخرها بين شهري جويلية واوت.
ازمة مالية جديدة في المدى القصير
وإجمالاً ، على مدى الأشهر الأربعة المتبقية من العام ، تبلغ آجال السداد على الديون الداخلية والخارجية بشكل أساسي 7.3 مليار دينار ، بالإضافة إلى رواتب الخدمة المدنية التي سيتم تأمينها من سبتمبر إلى ديسمبر بمبلغ إجمالي قدره 6.7 مليار دينار ( 1.6 مليار دينار شهريا) ، بالاضافة الى الرسوم الحكومية لنفقات الإدارة، والتحويلات والفائدة على الدين ، والتي تصل إلى 5.1 مليار دينار للأشهر الأربعة المقبلة ، أي 1.2 مليار دينار لكل شهر.
وبين سداد الدين الداخلي والخارجي ودفع رواتب الموظفين والمصاريف الأخرى ، ستحتاج الدولة إلى 19 مليار دينار، أي 4.5 مليار دينار شهرياً ، بنهاية العام وذلك وفق الميزانية العامة للدولة لسنة 2021 وباحتساب المعدل الشهري للايرادات والضرائب (المباشرة وغير المباشرة) فإن الدولة قادرة على تأمين 2.4 مليار دينار في المتوسط شهريا وهو مبلغ غير كاف لتأمين احتياجات البلاد المالية والايفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية لما تبقى من العام.
وهناك حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، لذلك من الضروري توسيع القاعدة الضريبية ، وتقليل العبء الضريبي على متوسط الأجور ، ومحاربة الاقتصاد غير الرسمي بشكل أكبر ، وضمان قدر أكبر من العدالة الضريبية ومحاربة التهرب الضريبي بقبضة من حديد، وخصخصة المؤسسات ، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة ، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط والتي لم تتجاوز ايراداته المستوى المطلوب خلال النصف الاول من العام الحالي.
تسديد 123 قرضا خارجيا خلال سنتين
وحسب تقرير صادر عن دائرة المحاسبات، فإن تونس مطالبة خلال سنتي 2020 /2021 بسداد 123 قرضا خارجيا حصلت عليها ما بين 2012 و2016، وقدر التقرير المذكور قيمة سداد هذه القروض بألف مليون دولار سنويا، مستغربا الطريقة التي ستنتهجها بلادنا لتجاوز هذه الازمة أمام المؤشرات الاقتصادية السلبية والوضعية المالية المتدهورة، مشيرا الى ان سداد القروض المتحصل عليها مع موفى 2016، ستتواصل الى حد 2055، علما وان التزامات الدولة بلغت بعنوان الاقتراض الخارجي، للفترة2011-2016 زهاء 38 مليار دينار.
وقدر التقرير المذكور قيمة سداد هذه القروض بألف مليون دولار سنويا، متسائلا عن مدى جاهزية الخزينة العامة لتحدي هذه المصاعب خاصة أن كل المؤشرات الاقتصادية والوضعية المالية المتدهورة لم تشهد أي تحسّن يجعل البلد قادرة على تخطي هذا الامتحان الصعب الجديد.
ويتكوّن الدين الخارجي، أساسا، من القروض التّي تمّ الحصول عليها في اطار التعاون المتعدد الاطراف (50،5 بالمائة) ومن القروض، التي تمّت تعبئتها على مستوى الاسواق المالية (34 بالمائة) ومن القروض المتحصل عليها من خلال اتفاقات التعاون الثنائي (15،6 بالمائة).
ولاحظت دائرة المحاسبات أنّ فترات الضمان للقروض التونسية تقلصت خلال الفترة من سنة 2011-2016، اذ تراجع ضمان الحكومة الامريكية من 17 سنة قبل 2011 الى زهاء 6 سنوات وضمان الوكالة اليابانية للتعاون الدولي الى 10 سنوات ، ويعزى ذلك الى تدهور الترقيم السيادي لتونس.
الضغوط المالية متواصلة
ويقر جل الخبراء الاقتصاديين، بأن قدرة تونس على الإيفاء بالتزاماتها المالية الخارجية أصبحت محل شك اليوم، مؤكدين أن التعثر في سداد الديون سيدخل البلد في دوامة ما يسمى إعادة جدولة الديون ،ومن الوارد جدا ان تتخلف بلادنا عن تسديد بعض القروض في آجالها ما يجعلها في موقف محرج أمام الجهات المانحة، في ظل أزمة فيروس كورونا التي بعثرت جميع التوقعات لهذه السنة.
كما توقع محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، مؤخرا ، ان تشهد تونس ، بين سنتي 2020 و 2025 سلسلة من الضغوط المالية جراء حلول أجال السداد السنوي لأصول رقاعية واستحقاقات لقروض صندوق النقد الدولي ، مؤكدا ، ان سلسة الضغوط المنتظرة تعود الى خدمة الدين الخارجي متوسط وطويل المدى في تونس والتي انطلقت منذ سنة 2017 ، وشهدت نسبة التداين الخارجي متوسط وطويل المدى في الفترة 2011-2018 ارتفاعا ملحوظا بفعل تسارع وتيرة السحوبات اضافة الى تأثيرات الصرف الموجبة على تنامي قائم الدين مقابل ضعف النمو الاقتصادي.
وتظل مخاطر الدين العمومي قائمة، في ظل تواصل العجز عن سداد بعض الديون الداخلية للدولة ، ويتعدى خطر العجز في السداد كافة المؤشرات المعقولة ، حيث ان المعطيات المتوفرة تؤكد ارتفاع المعدل السنوي لخدمة الدين الى 300 % خلال الفترة 2020-2025 ، ما سيؤدي الى ضغوطات كبرى على ميزان الدفوعات خلال 5 سنوات القادمة وسيبلغ معدل خدمة الدين السنوي أكثر من 10 مليار دينار مع الاخذ بعين الاعتبار أسعار سوق الصرف المالي .
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
واصل قائم الدين العمومي للبلاد التونسية ارتفاعه ليصل الى مستوى 99،3 مليار دينار أي ما يعادل 81،52 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، موفى جوان 2021 ، في حين بلغ حجم الدين الخارجي 62 مليار دينار نصفه مع المؤسسات المالية الكبرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك وفق أحدث بيانات وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار.
وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي في 2020، ويتوقع ان يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2021، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021.
وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس 62 مليار دينار، في حين بلغت قيمة الديون الداخلية للدولة قرابة 37،2 مليار دينار، علما وان 66،5 بالمائة من الدين التونسي بالعملة الصعبة، اي 56 بالمائة بالأورو و19 بالمائة بالدولار و33،5 بالمائة من الدين ذاته بالدينار التونسي.
وحسب ذات المصدر ، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ 30%، اما البقية فهي قروض ثنائية.
وسجلت خدمة الدين العمومي ارتفاعا خلال الفترة الممتدة بين2015 /2021 لتصل الى مستويات مزعجة، الامر الذي دفع بخبراء الاقتصاد الى الاقرار، ان حجم الديون الداخلية والخارجية يعد مرتفعا بالمقارنة مع حجم الاقتصاد الوطني والازمة المالية التي تمر بها البلاد في الآونة الاخيرة ، مشددين على ان تونس مطالبة بالايفاء بالتزاماتها تجاه المانحين الدوليين وليس أمامها اي خيار غير سداد ديونها في آجالها.
ويبلغ حجم الديون الاجمالية لتونس الواجب تسديدها هذه السنة 11500 مليون دينار منها 8395.7 مليون دينار ديون خارجية والبقية ديون داخلية، وذلك وفق الميزانية المعدة لسنة 2021 ، ويظل خطر تعثر تونس عن سداد ديونها قائما، خاصة مع اتساع دائرة العجز في ميزانية 2021، بالاضافة الى تزامن سداد عدد من القروض بالعملة الصعبة آخرها بين شهري جويلية واوت.
ازمة مالية جديدة في المدى القصير
وإجمالاً ، على مدى الأشهر الأربعة المتبقية من العام ، تبلغ آجال السداد على الديون الداخلية والخارجية بشكل أساسي 7.3 مليار دينار ، بالإضافة إلى رواتب الخدمة المدنية التي سيتم تأمينها من سبتمبر إلى ديسمبر بمبلغ إجمالي قدره 6.7 مليار دينار ( 1.6 مليار دينار شهريا) ، بالاضافة الى الرسوم الحكومية لنفقات الإدارة، والتحويلات والفائدة على الدين ، والتي تصل إلى 5.1 مليار دينار للأشهر الأربعة المقبلة ، أي 1.2 مليار دينار لكل شهر.
وبين سداد الدين الداخلي والخارجي ودفع رواتب الموظفين والمصاريف الأخرى ، ستحتاج الدولة إلى 19 مليار دينار، أي 4.5 مليار دينار شهرياً ، بنهاية العام وذلك وفق الميزانية العامة للدولة لسنة 2021 وباحتساب المعدل الشهري للايرادات والضرائب (المباشرة وغير المباشرة) فإن الدولة قادرة على تأمين 2.4 مليار دينار في المتوسط شهريا وهو مبلغ غير كاف لتأمين احتياجات البلاد المالية والايفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية لما تبقى من العام.
وهناك حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، لذلك من الضروري توسيع القاعدة الضريبية ، وتقليل العبء الضريبي على متوسط الأجور ، ومحاربة الاقتصاد غير الرسمي بشكل أكبر ، وضمان قدر أكبر من العدالة الضريبية ومحاربة التهرب الضريبي بقبضة من حديد، وخصخصة المؤسسات ، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة ، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط والتي لم تتجاوز ايراداته المستوى المطلوب خلال النصف الاول من العام الحالي.
تسديد 123 قرضا خارجيا خلال سنتين
وحسب تقرير صادر عن دائرة المحاسبات، فإن تونس مطالبة خلال سنتي 2020 /2021 بسداد 123 قرضا خارجيا حصلت عليها ما بين 2012 و2016، وقدر التقرير المذكور قيمة سداد هذه القروض بألف مليون دولار سنويا، مستغربا الطريقة التي ستنتهجها بلادنا لتجاوز هذه الازمة أمام المؤشرات الاقتصادية السلبية والوضعية المالية المتدهورة، مشيرا الى ان سداد القروض المتحصل عليها مع موفى 2016، ستتواصل الى حد 2055، علما وان التزامات الدولة بلغت بعنوان الاقتراض الخارجي، للفترة2011-2016 زهاء 38 مليار دينار.
وقدر التقرير المذكور قيمة سداد هذه القروض بألف مليون دولار سنويا، متسائلا عن مدى جاهزية الخزينة العامة لتحدي هذه المصاعب خاصة أن كل المؤشرات الاقتصادية والوضعية المالية المتدهورة لم تشهد أي تحسّن يجعل البلد قادرة على تخطي هذا الامتحان الصعب الجديد.
ويتكوّن الدين الخارجي، أساسا، من القروض التّي تمّ الحصول عليها في اطار التعاون المتعدد الاطراف (50،5 بالمائة) ومن القروض، التي تمّت تعبئتها على مستوى الاسواق المالية (34 بالمائة) ومن القروض المتحصل عليها من خلال اتفاقات التعاون الثنائي (15،6 بالمائة).
ولاحظت دائرة المحاسبات أنّ فترات الضمان للقروض التونسية تقلصت خلال الفترة من سنة 2011-2016، اذ تراجع ضمان الحكومة الامريكية من 17 سنة قبل 2011 الى زهاء 6 سنوات وضمان الوكالة اليابانية للتعاون الدولي الى 10 سنوات ، ويعزى ذلك الى تدهور الترقيم السيادي لتونس.
الضغوط المالية متواصلة
ويقر جل الخبراء الاقتصاديين، بأن قدرة تونس على الإيفاء بالتزاماتها المالية الخارجية أصبحت محل شك اليوم، مؤكدين أن التعثر في سداد الديون سيدخل البلد في دوامة ما يسمى إعادة جدولة الديون ،ومن الوارد جدا ان تتخلف بلادنا عن تسديد بعض القروض في آجالها ما يجعلها في موقف محرج أمام الجهات المانحة، في ظل أزمة فيروس كورونا التي بعثرت جميع التوقعات لهذه السنة.
كما توقع محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، مؤخرا ، ان تشهد تونس ، بين سنتي 2020 و 2025 سلسلة من الضغوط المالية جراء حلول أجال السداد السنوي لأصول رقاعية واستحقاقات لقروض صندوق النقد الدولي ، مؤكدا ، ان سلسة الضغوط المنتظرة تعود الى خدمة الدين الخارجي متوسط وطويل المدى في تونس والتي انطلقت منذ سنة 2017 ، وشهدت نسبة التداين الخارجي متوسط وطويل المدى في الفترة 2011-2018 ارتفاعا ملحوظا بفعل تسارع وتيرة السحوبات اضافة الى تأثيرات الصرف الموجبة على تنامي قائم الدين مقابل ضعف النمو الاقتصادي.
وتظل مخاطر الدين العمومي قائمة، في ظل تواصل العجز عن سداد بعض الديون الداخلية للدولة ، ويتعدى خطر العجز في السداد كافة المؤشرات المعقولة ، حيث ان المعطيات المتوفرة تؤكد ارتفاع المعدل السنوي لخدمة الدين الى 300 % خلال الفترة 2020-2025 ، ما سيؤدي الى ضغوطات كبرى على ميزان الدفوعات خلال 5 سنوات القادمة وسيبلغ معدل خدمة الدين السنوي أكثر من 10 مليار دينار مع الاخذ بعين الاعتبار أسعار سوق الصرف المالي .