من المتوقع أن يُبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الأساسي دون تغيير في اجتماعي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في مارس ومايو 2024. وينبغي لهذين القرارين أن يعملا على تمديد "التوقف المؤقت" في دورة تشديد السياسة النقدية التي بدأت قبل عام، بعد أن أدت إحدى عشرة زيادة لأسعار الفائدة إلى رفع أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقدين عند مستوى يتراوح بين 5.25% و5.5%.
في أواخر العام الماضي، وسط سلسلة من المفاجآت الإيجابية مع بيانات التضخم الأقل من المتوقع، بدأت أسواق الدخل الثابت تتوقع جدولاً زمنياً جريئاً لتخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي لعام 2024. وقد مهَّد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الطريق لبداية دورة التخفيضات هذه من خلال إدلائهم بتصريحات تشير إلى "تيسير السياسة النقدية" في نهاية العام الماضي. وقد أدى ذلك إلى موجة من التفاؤل في كل من أسواق الأسهم والسندات، حيث أن الانخفاض المتوقع في أسعار الفائدة على النقد يحفز عودة المخصصات للاستثمارات التي تتسم بقدر أكبر من المخاطر. في الواقع، في ذروة التفاؤل، كانت الأسواق تتوقع تخفيضات في أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس على مدار العام.
ولكن نظراً لأن أحدث أرقام التضخم لشهر يناير 2024 جاءت أعلى من المتوقع، تراجعت جزئياً ثقة المستثمرين في إقدام بنك الاحتياطي الفيدرالي على إجراء تحوّل كبير في سياسته النقدية من خلال تنفيذ تخفيضات حادة لأسعار الفائدة.
وقد أدى هذا إلى عودة الجدل حول ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيمضي قدماً في تخفيضات أسعار الفائدة، أو سيحافظ على التوقف المؤقت لفترة أطول، أو يتخلى بالكامل عن فكرة اتباع نهج تيسيري. من وجهة نظرنا، في ظل الأوضاع الحالية، من المرجّح أن يستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في الانتقال إلى نهج تيسيري وسيخفض أسعار الفائدة بشكل كبير خلال الأرباع القليلة المقبلة. وهناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم تحليلنا.
أولاً، تراجعت معدلات التضخم بشكل كبير، ومن المتوقع أن تشهد مزيداً من الاعتدال في الأشهر المقبلة. بلغ تضخم أسعار المستهلكين (CPI) ذروته في سبتمبر 2022 وتباطأ ليقترب من 3% في الأشهر الأخيرة، لكنه لا يزال بعيداً عن نسبة 2% المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. وتجدر الإشارة إلى أن تضخم أسعار المنتجين (PPI)، الذي ظل يسبق التضخم الكلي بحوالي ربع سنة، قد انخفض بسرعة. والسبب في ذلك هو عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها مع استقرار آثار إعادة فتح الاقتصاد. ويشير هذا الأمر، إلى جانب المؤشرات الرئيسية الأخرى، مثل أسعار المدخلات العالمية، إلى أن التضخم سينخفض بشكل أكبر نحو النسبة المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأشهر المقبلة، مما يمهد الطريق لمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال العام الحالي.
ثانياً، من المتوقع أن يتجه الاستهلاك الأمريكي إلى الاعتدال على خلفية البيئة غير المواتية للدخل الحقيقي والرياح المعاكسة الناجمة عن التشديد النقدي خلال عامي 2022 و2023. ومن غير المرجح أن يستفيد المستهلكون الأمريكيون من نفس العوامل المواتية التي دعمت الدخل المتاح في عام 2023، نظراً لأن الضغوط التضخمية هدأت بالفعل ولا تزال أسعار الفائدة مرتفعة. وكان التصحيح الحاد في أسعار السلع الأساسية سبباً في تعزيز الدخل المتاح للإنفاق بشكل كبير، خاصة وأن نمو الأجور كان قوياً، الأمر الذي أدى إلى دعم الاستهلاك. مستقبلاً، هناك مجال محدود لمزيد من الانخفاض في أسعار السلع الأساسية، وقد تراجعت أسواق العمل بالفعل، مما يشير إلى انخفاض نمو الأجور. بالإضافة إلى ذلك، بما أن تأثير السياسة النقدية يتأخر لفترات زمنية طويلة ومتغيرة، فإن تأثير الزيادات السابقة لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في زيادة الأعباء على المستهلكين، خاصة مع تأثر المزيد من أصحاب المنازل بارتفاع تكاليف القروض العقارية.
ثالثاً، قد تمنع الأجندة السياسية أيضاً بنك الاحتياطي الفيدرالي من اتخاذ إجراءات جريئة أو مفاجأة الأسواق أكثر مما ينبغي. وذلك لأن الصدمات الكبيرة في التوقعات قد يكون لها تأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، مما قد يفيد الرئيس الحالي أو منافسه. تقليدياً، يميل بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال سنوات الانتخابات الرئيسية إلى اتخاذ المسار المرسوم، وتجنب التحركات الدراماتيكية أو تنفيذ إجراءات من شأنها أن تزعج أصحاب المصلحة وتثير تساؤلات حول الميول السياسية. في هذه الحالة، سيكون المسار المرسوم هو اتباع نهج الانتقال إلى تيسير السياسة النقدية، مما يؤدي إلى تخفيضات في أسعار الفائدة في الربعين الثاني والثالث من عام 2024.
وبشكل عام، نتوقع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 100 إلى 125 نقطة أساس على مدار العام، بدءاً من شهر يونيو. ويعتمد هذا الأمر على الاعتدال الكبير والمتوقع في معدلات التضخم، والتباطؤ المرتقب في استهلاك الأسر، والانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ينبغي أن تحد من حرية بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2024.
من المتوقع أن يُبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الأساسي دون تغيير في اجتماعي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في مارس ومايو 2024. وينبغي لهذين القرارين أن يعملا على تمديد "التوقف المؤقت" في دورة تشديد السياسة النقدية التي بدأت قبل عام، بعد أن أدت إحدى عشرة زيادة لأسعار الفائدة إلى رفع أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقدين عند مستوى يتراوح بين 5.25% و5.5%.
في أواخر العام الماضي، وسط سلسلة من المفاجآت الإيجابية مع بيانات التضخم الأقل من المتوقع، بدأت أسواق الدخل الثابت تتوقع جدولاً زمنياً جريئاً لتخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي لعام 2024. وقد مهَّد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الطريق لبداية دورة التخفيضات هذه من خلال إدلائهم بتصريحات تشير إلى "تيسير السياسة النقدية" في نهاية العام الماضي. وقد أدى ذلك إلى موجة من التفاؤل في كل من أسواق الأسهم والسندات، حيث أن الانخفاض المتوقع في أسعار الفائدة على النقد يحفز عودة المخصصات للاستثمارات التي تتسم بقدر أكبر من المخاطر. في الواقع، في ذروة التفاؤل، كانت الأسواق تتوقع تخفيضات في أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس على مدار العام.
ولكن نظراً لأن أحدث أرقام التضخم لشهر يناير 2024 جاءت أعلى من المتوقع، تراجعت جزئياً ثقة المستثمرين في إقدام بنك الاحتياطي الفيدرالي على إجراء تحوّل كبير في سياسته النقدية من خلال تنفيذ تخفيضات حادة لأسعار الفائدة.
وقد أدى هذا إلى عودة الجدل حول ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيمضي قدماً في تخفيضات أسعار الفائدة، أو سيحافظ على التوقف المؤقت لفترة أطول، أو يتخلى بالكامل عن فكرة اتباع نهج تيسيري. من وجهة نظرنا، في ظل الأوضاع الحالية، من المرجّح أن يستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في الانتقال إلى نهج تيسيري وسيخفض أسعار الفائدة بشكل كبير خلال الأرباع القليلة المقبلة. وهناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم تحليلنا.
أولاً، تراجعت معدلات التضخم بشكل كبير، ومن المتوقع أن تشهد مزيداً من الاعتدال في الأشهر المقبلة. بلغ تضخم أسعار المستهلكين (CPI) ذروته في سبتمبر 2022 وتباطأ ليقترب من 3% في الأشهر الأخيرة، لكنه لا يزال بعيداً عن نسبة 2% المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. وتجدر الإشارة إلى أن تضخم أسعار المنتجين (PPI)، الذي ظل يسبق التضخم الكلي بحوالي ربع سنة، قد انخفض بسرعة. والسبب في ذلك هو عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها مع استقرار آثار إعادة فتح الاقتصاد. ويشير هذا الأمر، إلى جانب المؤشرات الرئيسية الأخرى، مثل أسعار المدخلات العالمية، إلى أن التضخم سينخفض بشكل أكبر نحو النسبة المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأشهر المقبلة، مما يمهد الطريق لمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال العام الحالي.
ثانياً، من المتوقع أن يتجه الاستهلاك الأمريكي إلى الاعتدال على خلفية البيئة غير المواتية للدخل الحقيقي والرياح المعاكسة الناجمة عن التشديد النقدي خلال عامي 2022 و2023. ومن غير المرجح أن يستفيد المستهلكون الأمريكيون من نفس العوامل المواتية التي دعمت الدخل المتاح في عام 2023، نظراً لأن الضغوط التضخمية هدأت بالفعل ولا تزال أسعار الفائدة مرتفعة. وكان التصحيح الحاد في أسعار السلع الأساسية سبباً في تعزيز الدخل المتاح للإنفاق بشكل كبير، خاصة وأن نمو الأجور كان قوياً، الأمر الذي أدى إلى دعم الاستهلاك. مستقبلاً، هناك مجال محدود لمزيد من الانخفاض في أسعار السلع الأساسية، وقد تراجعت أسواق العمل بالفعل، مما يشير إلى انخفاض نمو الأجور. بالإضافة إلى ذلك، بما أن تأثير السياسة النقدية يتأخر لفترات زمنية طويلة ومتغيرة، فإن تأثير الزيادات السابقة لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في زيادة الأعباء على المستهلكين، خاصة مع تأثر المزيد من أصحاب المنازل بارتفاع تكاليف القروض العقارية.
ثالثاً، قد تمنع الأجندة السياسية أيضاً بنك الاحتياطي الفيدرالي من اتخاذ إجراءات جريئة أو مفاجأة الأسواق أكثر مما ينبغي. وذلك لأن الصدمات الكبيرة في التوقعات قد يكون لها تأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، مما قد يفيد الرئيس الحالي أو منافسه. تقليدياً، يميل بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال سنوات الانتخابات الرئيسية إلى اتخاذ المسار المرسوم، وتجنب التحركات الدراماتيكية أو تنفيذ إجراءات من شأنها أن تزعج أصحاب المصلحة وتثير تساؤلات حول الميول السياسية. في هذه الحالة، سيكون المسار المرسوم هو اتباع نهج الانتقال إلى تيسير السياسة النقدية، مما يؤدي إلى تخفيضات في أسعار الفائدة في الربعين الثاني والثالث من عام 2024.
وبشكل عام، نتوقع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 100 إلى 125 نقطة أساس على مدار العام، بدءاً من شهر يونيو. ويعتمد هذا الأمر على الاعتدال الكبير والمتوقع في معدلات التضخم، والتباطؤ المرتقب في استهلاك الأسر، والانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ينبغي أن تحد من حرية بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2024.