+ توسيع الشراكات مع "محور المقاومة" خدمة "للامن القومي"
+ توظيف حادثتي طائرة الرئيس و"طوفان الأقصى" دعما "للوحدة الوطنية"
بقلم كمال بن يونس
من يزور إيران هذه الأيام وهي تستعد للانتخابات الرئاسية الاستثنائية اواخر الشهر الجاري يلاحظ العدد الهائل في الشوارع لصور "شهداء الطائرة الرئاسية المنكوبة "ولزعيم الثورة الإيرانية قبل 45 عاما اية الله الخميني.
في كل مكان تجد صورا كبيرة للرئيس الراحل ابراهيم رئيسي ووزير خارجيته امير حسين عبد اللهيان ورفاقهما على واجهة الوزارات والمحلات والمساحات إلى جانب صور عملاقة لمؤسس الجمهورية الإسلامية اية الله الخميني بمناسبة مرور 35 عاما عن وفاته و 45 عاما عن نجاح الثورة التي تزعمها للاطاحة بحكم الشاه محمد رضا بهلوي.
إلى اين تسير إيران بعد انخراطها المباشر وبحجم اكبر في الحرب بين تل ابيب و واشنطن من جهة وقوى المقاومة للاحتلال داخل فلسطين و خارجها من جهة ثانية؟
وهل ستختار إيران بعد الحرب الحالية "أولويات وطنية" ام تتابع سياساتها الخارجية الحالية التي تدعم مسار تغيير النظامين الإقليمي والدولي بما في ذلك عبر الانخراط المباشر وغير المباشر في بعض العمليات العسكرية و "الحروب بالوكالة" خدمة لامنها القومي ؟
الحدث الاهم الذي ينتظره العالم والشعب الايراني هو الاقتراع العام لاختيار الرئيس الذي سوف يخلف "الرئيس الشهيد ابراهيم رئيسي"..
ومن بين ما يزيد هذا الحدث أهمية انه ياتي في مرحلة من المقرر أن تحسم فيها "المؤسسات المختصة " قضية اختيار الشخصية التي سوف تعوض "القائد الأعلى" للدولة اي "المرشد اية الله علي خامنائي" الذي يباشر مهامه الحالية منذ 35 عاما بعد سنوات من رئاسته للجمهورية.
اجندات وطنية
عموما برزت العديد من "الاجندات الوطنية والاقتصادية " في وسائل الاعلام والمجالس منذ الاعلان عن انطلاق الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها يوم 28 جوان الجاري..
بل ان شعارات بعض المترشحين لهذه الانتخابات يتسابقون في رفع شعارات "اصلاح الأوضاع الاقتصادية المحلية" و "تحسين ظروف عيش المواطن الايراني" في ظل ارتفاع الأسعار رغم اعلان الدولة انها نجحت في التحكم في نسبة التضخم في حدود 40 بالمائة وفي "احتواء المضاعفات السلبية للحصار الامريكي الغربي"..
بل ان بعض المرشحين يطالبون بوضوح اكبر في إعلان كل القيادات اهتماما اكبر ب"مشاغل الشعب"..
لكن القراءة المتعمقة للخطاب السياسي لكبار صناع القرار ولابرز المتنافسين تكشف ان" أولويات الدولة في المرحلة القادمة سوف تكون في نفس الوقت داخلية و خارجية "..
بل لقد تزايدت القناعة لدى كبار صناع القرار بضرورة تطوير "الحزام الخارجي" وشراكاتها الدولية خدمة لامنها القومي و ملفاتها الداخلية...
كما كشفت كلمة المرشد الأعلى على خامني في تجمع الذكرى ال35 لوفاة الخميني ان على رأس أولويات الدولة قبل الانتخابات الرئاسية الجديدة وبعدها المحافظة على "وحدة الجبهة الداخلية" و الدفاع عن "الامن القومي الايراني".. كما دعا على خامني إلى مضاعفة دور طهران اقليميا ودوليا و تنويع شراكاتها في المنطقة و عالميا وبصفة اخص مع "محور المقاومة". كما أكد على ضرورة الوفاء "لمبادئ الثورة الإسلامية التي فجرها الزعيم اية الله الخميني قبل 45 عاما وعلى رأسها العمل على انهاء احتلال فلسطين ولبنان و دور قوى الاستعمار العالمي في المنطقة وفي العالم وعلى رأسها امريكا ".
غزة المظلومة غزة الصامدة
نفس المعاني عبر عنها عشرات المتحدثين في الندوة الفكرية السياسية التي نظمت بنفس المناسبة بحضور مئات المثقفين والاكاديميين والاعلاميين والسياسيين من القارات الخمسة تحت عنوان : "غزة المظلومة و الصامدة".
وكان بين هؤلاء حسن الخميني حفيد الزعيم التاريخي اية الله الخميني ومرشحون للانتخابات الرئاسية بينهم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف...
كما عنها وزراء و سياسيون سنة وشيعة من افربقيا و فلسطين لبنان والعراق واليمن وسوريا والكويت بينهم بعض ممثلي حركتي المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد و"بلدان محور المقاومة والاسناد لتحرير فلسطين والقدس " في المنطقة وفي العالم..
وكان ملفتا في هذه التظاهرات الثقافية الفكرية السياسية مشاركة عشرات العلماء والسياسيين والمثقفين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء و روسيا والهند والصين والباكستان واوربا وامريكا اللاتينية واليهود الامريكان المعارضين لتاسيس إسرائيل و لحرب الإبادة التي تقوم بها قوات الاحتلال في كامل فلسطين منذ عقود وبصفة اخص منذ انفجار "طوفان الأقصى"..
و خلافا لما يتوقعه كثير من المراقبين لم يركز الخطاب السياسي في هذه التظاهرات على الاعتبارات الدينية والمذهبية بل على "الصبغة العنصرية للكيان الإسرائيلي" في سياق تحالفه مع "قوى الاستكبار العالمي بزعامة امريكا".
ووقع مرارا التأكيد على كون قتل عشرات الاف الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين يندرج في سياق "مخطط استئصالي" يستهدف فعلا تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وكامل الشعب الفلسطيني...
لماذا ؟
السبب واضح بالنسبة لأغلب المتدخلين الإيرانيين والفلسطينيين والعرب والمشاركين الاجانب هو أن "طوفان الأقصى كشف مجددا ان الحرب مع إسرائيل حرب وجود وليست مجرد حرب حدود "...
أولويتا "التماسك الداخلي" و "التوازن الدولي"
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه مجددا : ما الذي سيتغير بعد الانتخابات الرئاسية الرئاسية و "طوفان الأقصى" ثم توقف الحرب في قطاع غزة ؟
حسب كل المؤشرات فان التغييرات لن تكون جوهرية... وتبدو ان أولوية الأولويات بالنسبة لغالبية القيادات الإيرانية عشية هذه الانتخابات مزدوج : دعم "التماسك الداخلي والوحدة الوطنية" مثلما ورد في كلمات القائد العام على خامني مرارا منذ حادثة الطائرة الرئاسية..
اما الاولوية الكبرى الثانية فهي دعم "التوازن الدولي" في المنطقة و عالميا... تمهيدا لتغيير "النظامين الإقليمي والدولي" واضعاف الدور الامريكي و الاطلسي لصالح" تحالفات دولية جديدة" بينها دول اتفاق شانغهاي والبريكس و تحالفات دول الجنوب...
مسار جديد...
تطورات مهمة بالجملة تؤكد ان أولويات ايران مستقبلا سوف تبقى في نفس الوقت وطنية وإقليمية ( فلسطينية عربية إسلامية) ودولية...