تسعى قوى محسوبة على حزب المؤتمر الوطني المنحل لتوظيف الغضب الشعبي من رفع الدعم عن الوقود للانخراط في صفوف المواطنين الذين خرجوا في مسيرات رافضة للقرار خلال اليومين الماضيين، ودعت الحركة الإسلامية للخروج إلى الشوارع وإسقاط الحكومة الانتقالية، وتحميلها مسؤولية ما وصفته بـ”تضييق المعيشة بسياسات اقتصادية قاسية ومتوحشة”.
وعادت المتاريس المستخدمة في غلق الشوارع السودانية أثناء المظاهرات للظهور في عدد من الطرق الرئيسية في الخرطوم ومدن أخرى استعداداً لعرقلة تنظيم مظاهرات حاشدة دعت لها العديد من القوى السياسية التي ترفض قرار الحكومة برفع الدعم عن الوقود الذي دخل حيز التنفيذ الخميس، مستثمرة الغضب الشعبي منها.
وتبدو الأوضاع الاقتصادية حاليا أصعب كثيراً ممّا كانت عليه في عهد النظام السابق، فالسيولة السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد تسمح بتنظيم احتجاجات حاشدة يمكن أن تدفع الحكومة إلى التراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات، أو الدفع باتجاه إقالتها، وفي الحالتين يصبّ تفاقم التأثيرات السلبية في صالح القوى المعادية للثورة.
وقلل القيادي بقوى الحرية والتغيير منذر أبوالمعالي من إمكانية قفز أنصار البشير على احتجاجات الشارع ضد سياسات الحكومة الاقتصادية بحجة أن التجارب أثبتت خلال العامين الماضيين أن شعارات الثورة تقود الشارع وليس المجموعات التي تسيّرها الفلول، حيث جرت إزاحتهم من تركيبة الحراك في الشارع وتصعب عودتهم.
وأضاف أبوالمعالي في تصريح لـ”العرب” أن مطالب المتظاهرين قبل سقوط البشير تركزت على شعار “تسقط بس” أملاً في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وهي تختلف عما يذهب إليه المحتجون الآن، حيث تتركز مطالبهم على الإصلاحات الاقتصادية بهدف استكمال طريق الثورة وتجاوز عقباتها ولو من خلال إقالة الحكومة وتعيين أخرى.
وتدهورت الأوضاع الاقتصادية في السودان في الفترة الماضية بما أدّى إلى معاناة كبيرة لشريحة عريضة من المواطنين، وتعتبر قوى سياسية أن الخروج إلى الشارع الطريق الوحيد لوقف ما يسمى بـ”العبث الاقتصادي”.
وأعلنت وزارة الطّاقة والنفط الأربعاء تحريراً كاملاً لأسعار الوقود المباع في السوق المحلية بأنواعه كافة، ما أدّى إلى زيادة بلغت نحو 100 في المئة في أسعاره، في إطار إصلاحات اقتصادية وإجراءات تحاول بها الحكومة ضبط اقتصاد البلاد.
ويتوقّع خبراء سودانيون أن تحقق معدلات التضخم زيادة غير مسبوقة، حيث بلغت في شهر أبريل الماضي 363 في المئة، وهو ما يعني تصاعدا في حدة الأزمات.
وأوضح وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم أنه جرى رفع يد الحكومة تماماً عن دعم الغازولين والبنزين، قائلا “لا خيار لدى الحكومة إلا بإصلاح الاقتصاد وإن سقطت ستأتي بعدها حكومة أخرى ليس عندها من خيار غير المضي في ذات الإصلاحات”.
وأكد الخبير الاقتصادي صدقي كبلو أن السلطة الانتقالية لم تحصّن الطبقات الفقيرة من إمكانية استغلالهم سياسياً من قبل فلول البشير، لأن برنامج الأسر الفقيرة يواجه صعوبات في الوصول إلى مستحقيه باعتراف الحكومة نفسها التي تتحدث عن عدم توافر المعلومات للوصول إلى الطبقات المستحقة لهذا الدعم.
وأوضح كبلو في تصريح لـ”العرب” أن تأثيرات قرار رفع الدعم عن الوقود تلحق أذى على نحو واضح بالقاطنين في الحضر نتيجة انعكاس ذلك على مضاعفة أسعار المواصلات العامة داخل المدن، وهؤلاء يمثلون جزءا كبيرا من المواطنين ولديهم قدرة في التأثير السياسي على قرارات الحكومة.
وشدد كبلو وهو أحد القيادات البارزين في الحزب الشيوعي على أن الحكومة في موقف صعب لأن مطالب الشارع تتصاعد بعد أن تركزت على العدالة والقصاص في الـ3 من يونيو الجاري وتتجه نحو ضرورة إقالتها، ما يحتم عليها البحث عن معالجات مختلفة بعيداً عن الاتجاه لرهن مصير السودان بقوى غربية تتحكم في سياسات الاقتصاد.
وما يؤدي إلى تصاعد وتيرة الغضب ضد الحكومة أنها تجاهلت وضع خطة للارتقاء بالمشروعات القومية والثروات واستجابتها السريعة لروشتة مؤسسات اقتصادية دولية على أمل الإصلاح.
وأدى قرار الحكومة الخاص بتحرير أسعار الوقود إلى توافق قوى سياسية متعارضة في التوجهات والأيديولوجيات على ضرورة التراجع عنه، في حين لم يقم الظهير السياسي لها بالدفاع عنه نتيجة عدم التوافق على سياسات الحكومة الاقتصادية من جانب غالبية القوى المشاركة في تحالف الحرية والتغيير، وبدا بعضها أكثر قرباً من مطالب الشارع وعلى يقين بأن الاحتجاجات هذه المرة قد تكون مرتفعة.
ويرى مراقبون أن الاستجابة لمطالب القوى السياسية لن يكون بالأمر السهل لأن هناك تعهدات حكومية لمؤسسات دولية تقدم دعماً للسلطة الانتقالية في مقابل تنفيذ روشتة الإصلاح التي يصعب الإخلال بها، والأمر سيتوقف على تصرفات المواطنين مع الدعوات العديدة التي خرجت من قوى ثورية على رأسها تنسيقية لجان المقاومة التي لعبت الدور الأبرز في الإطاحة بنظام البشير.
ويذهب هؤلاء إلى التأكيد على أن تجاهل الحكومة لمطالب الشارع إذا استعادت القوى الثورية زخمها، فإن ذلك يصب في صالح أنصار البشير الذين يركزون تحركاتهم في المناطق التي تشهد انفلاتات أمنية لارتكاب جرائم سرقة ونهب، والعمل على استفزاز قوات الشرطة للتعامل بقسوة تفضي إلى سقوط قتلى ومصابين يتحولون إلى ورقة لتصعيد الاحتجاجات وتعقيد الموقف السياسي في وجه السلطة الانتقالية.
العرب اللندنية
تسعى قوى محسوبة على حزب المؤتمر الوطني المنحل لتوظيف الغضب الشعبي من رفع الدعم عن الوقود للانخراط في صفوف المواطنين الذين خرجوا في مسيرات رافضة للقرار خلال اليومين الماضيين، ودعت الحركة الإسلامية للخروج إلى الشوارع وإسقاط الحكومة الانتقالية، وتحميلها مسؤولية ما وصفته بـ”تضييق المعيشة بسياسات اقتصادية قاسية ومتوحشة”.
وعادت المتاريس المستخدمة في غلق الشوارع السودانية أثناء المظاهرات للظهور في عدد من الطرق الرئيسية في الخرطوم ومدن أخرى استعداداً لعرقلة تنظيم مظاهرات حاشدة دعت لها العديد من القوى السياسية التي ترفض قرار الحكومة برفع الدعم عن الوقود الذي دخل حيز التنفيذ الخميس، مستثمرة الغضب الشعبي منها.
وتبدو الأوضاع الاقتصادية حاليا أصعب كثيراً ممّا كانت عليه في عهد النظام السابق، فالسيولة السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد تسمح بتنظيم احتجاجات حاشدة يمكن أن تدفع الحكومة إلى التراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات، أو الدفع باتجاه إقالتها، وفي الحالتين يصبّ تفاقم التأثيرات السلبية في صالح القوى المعادية للثورة.
وقلل القيادي بقوى الحرية والتغيير منذر أبوالمعالي من إمكانية قفز أنصار البشير على احتجاجات الشارع ضد سياسات الحكومة الاقتصادية بحجة أن التجارب أثبتت خلال العامين الماضيين أن شعارات الثورة تقود الشارع وليس المجموعات التي تسيّرها الفلول، حيث جرت إزاحتهم من تركيبة الحراك في الشارع وتصعب عودتهم.
وأضاف أبوالمعالي في تصريح لـ”العرب” أن مطالب المتظاهرين قبل سقوط البشير تركزت على شعار “تسقط بس” أملاً في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وهي تختلف عما يذهب إليه المحتجون الآن، حيث تتركز مطالبهم على الإصلاحات الاقتصادية بهدف استكمال طريق الثورة وتجاوز عقباتها ولو من خلال إقالة الحكومة وتعيين أخرى.
وتدهورت الأوضاع الاقتصادية في السودان في الفترة الماضية بما أدّى إلى معاناة كبيرة لشريحة عريضة من المواطنين، وتعتبر قوى سياسية أن الخروج إلى الشارع الطريق الوحيد لوقف ما يسمى بـ”العبث الاقتصادي”.
وأعلنت وزارة الطّاقة والنفط الأربعاء تحريراً كاملاً لأسعار الوقود المباع في السوق المحلية بأنواعه كافة، ما أدّى إلى زيادة بلغت نحو 100 في المئة في أسعاره، في إطار إصلاحات اقتصادية وإجراءات تحاول بها الحكومة ضبط اقتصاد البلاد.
ويتوقّع خبراء سودانيون أن تحقق معدلات التضخم زيادة غير مسبوقة، حيث بلغت في شهر أبريل الماضي 363 في المئة، وهو ما يعني تصاعدا في حدة الأزمات.
وأوضح وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم أنه جرى رفع يد الحكومة تماماً عن دعم الغازولين والبنزين، قائلا “لا خيار لدى الحكومة إلا بإصلاح الاقتصاد وإن سقطت ستأتي بعدها حكومة أخرى ليس عندها من خيار غير المضي في ذات الإصلاحات”.
وأكد الخبير الاقتصادي صدقي كبلو أن السلطة الانتقالية لم تحصّن الطبقات الفقيرة من إمكانية استغلالهم سياسياً من قبل فلول البشير، لأن برنامج الأسر الفقيرة يواجه صعوبات في الوصول إلى مستحقيه باعتراف الحكومة نفسها التي تتحدث عن عدم توافر المعلومات للوصول إلى الطبقات المستحقة لهذا الدعم.
وأوضح كبلو في تصريح لـ”العرب” أن تأثيرات قرار رفع الدعم عن الوقود تلحق أذى على نحو واضح بالقاطنين في الحضر نتيجة انعكاس ذلك على مضاعفة أسعار المواصلات العامة داخل المدن، وهؤلاء يمثلون جزءا كبيرا من المواطنين ولديهم قدرة في التأثير السياسي على قرارات الحكومة.
وشدد كبلو وهو أحد القيادات البارزين في الحزب الشيوعي على أن الحكومة في موقف صعب لأن مطالب الشارع تتصاعد بعد أن تركزت على العدالة والقصاص في الـ3 من يونيو الجاري وتتجه نحو ضرورة إقالتها، ما يحتم عليها البحث عن معالجات مختلفة بعيداً عن الاتجاه لرهن مصير السودان بقوى غربية تتحكم في سياسات الاقتصاد.
وما يؤدي إلى تصاعد وتيرة الغضب ضد الحكومة أنها تجاهلت وضع خطة للارتقاء بالمشروعات القومية والثروات واستجابتها السريعة لروشتة مؤسسات اقتصادية دولية على أمل الإصلاح.
وأدى قرار الحكومة الخاص بتحرير أسعار الوقود إلى توافق قوى سياسية متعارضة في التوجهات والأيديولوجيات على ضرورة التراجع عنه، في حين لم يقم الظهير السياسي لها بالدفاع عنه نتيجة عدم التوافق على سياسات الحكومة الاقتصادية من جانب غالبية القوى المشاركة في تحالف الحرية والتغيير، وبدا بعضها أكثر قرباً من مطالب الشارع وعلى يقين بأن الاحتجاجات هذه المرة قد تكون مرتفعة.
ويرى مراقبون أن الاستجابة لمطالب القوى السياسية لن يكون بالأمر السهل لأن هناك تعهدات حكومية لمؤسسات دولية تقدم دعماً للسلطة الانتقالية في مقابل تنفيذ روشتة الإصلاح التي يصعب الإخلال بها، والأمر سيتوقف على تصرفات المواطنين مع الدعوات العديدة التي خرجت من قوى ثورية على رأسها تنسيقية لجان المقاومة التي لعبت الدور الأبرز في الإطاحة بنظام البشير.
ويذهب هؤلاء إلى التأكيد على أن تجاهل الحكومة لمطالب الشارع إذا استعادت القوى الثورية زخمها، فإن ذلك يصب في صالح أنصار البشير الذين يركزون تحركاتهم في المناطق التي تشهد انفلاتات أمنية لارتكاب جرائم سرقة ونهب، والعمل على استفزاز قوات الشرطة للتعامل بقسوة تفضي إلى سقوط قتلى ومصابين يتحولون إلى ورقة لتصعيد الاحتجاجات وتعقيد الموقف السياسي في وجه السلطة الانتقالية.