قدَّر محللون وتقارير صحفية غربية تكلفة حفل تتويج الملك تشارلز الثالث، اليوم السبت، بين 100 إلى 150 مليون جنيه إسترليني، وهو ما أثار جدلا في المملكة المتحدة التي تعاني من أزمة اقتصادية راهنة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
ومن المقرر أن يقام الاحتفال على مدى 3 أيام، يشمل مسيرة عامة ضخمة إضافة إلى إقامة مظاهر احتفالية في الشوارع.
وعلى عكس حفلات الزفاف الملكية التي تتحمل العائلة المالكة تكاليفها، فإن تمويل احتفالات تتويج الملك سيكون من الأموال الحكومية ومن دافعي الضرائب، على أن يجري تقدير التكلفة الإجمالية بعد شهور من الحدث الذي يحظى بمتابعة عالمية.
تفاصيل الاحتفال الملكي
سيتوج تشارلز (74 عاما) في كنيسة وستمنستر آبي بلندن، في حفل كبير سيرتدي فيه أو يُسلم خلاله زيا احتفاليا خاصا مزينا برموز دينية وتاريخية.
يشارك حوالي 5 آلاف من أفراد القوات المسلحة البريطانية في تتويج الملك تشارلز الثالث، وينضم إليهم جنود من أكثر من 30 دولة من دول الكومنولث لتشكيل واحد من أكبر الاحتفالات العسكرية منذ عقود.
ستدوي أصوات التحية بالبنادق في جميع أنحاء البلاد للاحتفال بلحظة تتويج الملك قبل أن يحلق عسكريون في وقت لاحق بأكثر من 60 طائرة، من طراز "سبيفاير"، التي تعود إلى الحرب العالمية الثانية، وطائرات مقاتلة حديثة.
أكثر من 2200 ضيف سيشهدون مراسم تتويج الملك تشارلز، منهم ممثلون عن 203 دول فضلا عن المجتمع المدني والخيري.
المنحة السيادية
أشار متحدث باسم قصر باكنغهام إلى أنه بالنظر لكون تتويج الملك تشارلز هو مناسبة وطنية للدولة، فإن مصادر تمويله تشمل "المنحة السيادية"، إضافة لحكومة المملكة المتحدة.
يتم تغطية الكثير من نفقات العائلة المالكة من خلال مدفوعات دافعي الضرائب السنوية المعروفة باسم المنحة السيادية، الذي يمثل الدخل الخاص للعائلة المالكة، ومعظمه من دوقية لانكستر، وبلغ في آخر تقدير 86 مليون جنيه إسترليني.
تقدم هذه الأموال من الحكومة إلى الملك بناءً على أرباح شركة "كروان" العقارية، وهي مجموعة ضخمة من الأراضي والممتلكات والأصول في المملكة المتحدة التي تعود ملكيتها إلى الملك البريطاني، وبلغ صافي أرباحها عام 2020 نحو 475 مليون دولار.
جرى تحديد المنحة السيادية بما يعادل 15 في المئة بموجب اتفاقية مبرمة في عام 1760، قبل أن تتم زيادتها مؤقتًا لتغطية أعمال التحديث الشاملة في قصر باكنغهام.
تضاعف التكلفة
كلَّف تتويج الملكة الراحلة الملكة إليزابيث الثانية، 1.5 مليون جنيه إسترليني في عام 1953، وهذا ما يعادل 56 مليون يورو اليوم.
ويعتقد محللون أن تضاعف تكلفة حفل تتويج الملك تشارلز يرجع في الغالب إلى تعزيز الأمن حالياً، خاصة عندما يتعلق الأمر بمخاطر الهجمات الإرهابية المحتملة، وهو أمر لم يكن مشكلة كبيرة في الخمسينيات من القرن الماضي، لكن في الوقت الذي تعاني فيه المملكة المتحدة من أزمة تكلفة المعيشة، انتقد بريطانيون على وسائل التواصل الاجتماعي العائلة المالكة لتنظيم مثل هذا الحدث الفخم.
وبحسب استطلاع رأي أجرته "يوغوف"، وهي شركة دولية مختصة بأبحاث الأسواق ومقرها المملكة المتحدة، فإن 51 بالمائة من البريطانيين لا يعتقدون أن التتويج يجب أن يمول من دافعي الضرائب.
ومع ذلك، كشفت صحف بريطانية أن الملك تشارلز الثالث متعاطف مع هذه الآراء وقرر "تقليص" الاحتفالات، إذ سيكون الحفل أقصر من حفل والدته، حيث يستمر من 90 دقيقة إلى ساعتين بدلاً من 3 ساعات مثل حفل الملكة إليزابيث.
ترويح للسياحة
على الجانب الآخر، فإن بعض الملكيين يعتقدون أن "الأمر يستحق تلك المصروفات"، في حين أشارت صحيفة "ذا صن" البريطانية، إلى أن حقوق البث التلفزيوني في جميع أنحاء العالم للحفل ستغطي جزءًا كبيرًا من التكاليف، كما يساهم في الترويج للسياحة وإنعاش اقتصاد البلاد كما الحال في حفلات الزفاف السابقة.
ووفقا لشركة "براند فاينانس" الاستشارية، فقد حقق حفل زفاف ويليام وكيت أكثر من 1.5 مليار يورو للاقتصاد البريطاني في عام 2018.
وأشار متحدث باسم القصر إلى أن هناك تقارير تتوقع تدفق أكثر من مليار جنيه إسترليني (1.25 مليار دولار) للاقتصاد البريطاني نتيجة لإقامة مراسم التتويج.
وكالات