أعلنت روسيا إجراءات جديدة بخصوص القدرات الصاروخية لثالوثها النووي قبيل الذكرى الأولى لاندلاع الحرب في أوكرانيا، في وقت أعلن قائد فاغنر -المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين- بدء تزويد مقاتلي هذه المجموعة بالذخيرة بعدما اشتكى في وقت سابق من نقص بها.
وفي كلمة له بحفل "يوم المدافع عن الوطن" أمس الأربعاء، قال بوتين إن موسكو ستواصل إيلاء اهتمامها لتعزيز ما وصفه بثالوثها النووي، مؤكدا أن الصراع حاليا يدور على ما وصفها بالأراضي التاريخية لروسيا.
وأشار إلى أن العام الحالي سيشهد دخول أولى منصات منظومة "سارمات" الصاروخية الخدمة القتالية، مؤكدا أن موسكو ستواصل الإنتاج التسلسلي لصواريخ "كينجال" الفرط صوتية.
ولفت الرئيس الروسي إلى أن العام الحالي سيشهد كذلك تسليم كميات كبيرة من صواريخ "تسيركون" الأسرع من الصوت التي تُطلق من البحر.
وجاءت تصريحات بوتين بعد يومين من إعلان روسيا تعليق مشاركتها في معاهدة "نيو ستارت" وهي آخر اتفاقية متبقية مع الولايات المتحدة للحد من نشر الرؤوس الحربية النووية لكلا البلدين.
تعليق أمريكي
في المقابل، أكدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) سابرينا سينغ لصحفيين أمس أنه "لا شيء سيتغير فيما يتعلق بالالتزامات التي من المقرر أن نفي بها". ووصفت قرار روسيا تجميد المعاهدة بأنه "مؤسف وغير مسؤول".
وقالت سينغ إن الحكومة تعتقد أن "القوة النووية المسؤولة تحتاج إلى مواصلة العمل مع الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم التي لديها هذه القدرات النووية" وإن بلادها تأخذ التزاماتها بموجب معاهدة نيو ستارت "على محمل الجد".
فشل اختبار روسي
وفي السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين أميركيين أن روسيا أجرت اختبارا فاشلا لصاروخ عابر للقارات الاثنين الماضي، في اليوم نفسه الذي زار فيه الرئيس الأميركي جو بايدن أوكرانيا.
وأضافت "سي إن إن" -نقلا عن مصادرها- أن موسكو أبلغت مسبقا الولايات المتحدة بعملية إطلاق صاروخ "سارمات" الملقب بالشيطان والقادر على حمل رؤوس نووية، لكن الاختبار فشل.
وذكرت تلك المصادر أن الاختبار لم يشكل خطرا على الولايات المتحدة، وأن واشنطن لم تعتبره تصعيدا.
وأشارت إلى أن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن الرئيس الروسي كان سيتحدث عن اختبار الصاروخ الباليستي خلال خطابه أمس، كما فعل في مناسبات سابقة.
ولم يصدر تعليق من موسكو على ما ذكره المسؤولون الأمريكيون بشأن فشل إطلاق الصاروخ الروسي.
خطة السلام الصينية
في غضون ذلك، عرضت بكين على موسكو أمس رؤيتها "لتسوية سياسية" للنزاع في أوكرانيا، في ختام محادثات روسية صينية جرت مساء بالعاصمة الروسية.
وقد أكد مسؤول السياسة الخارجية الصينية وانغ يي -بعد لقائه الرئيس الروسي في موسكو- الاستعداد للعب دور محايد وبنّاء بين روسيا وأوكرانيا.
من جهتها، قالت الخارجية الروسية "إن الشركاء الصينيين أطلعونا على آرائهم حول الأسباب الجذرية للأزمة الأوكرانية، إضافة إلى مقارباتهم لتسويتها سياسيا" لكنها أشارت إلى أنه "لم يجر حديث عن أي خطة سلام محددة".
وكانت الصين وعدت بنشر اقتراحها بشأن "الحل السياسي" هذا الأسبوع بمناسبة الذكرى الأولى لبدء الحرب الروسية على أوكرانيا يوم 24 فيفري 2022.
وفي الشأن ذاته، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن عدم تطرق المسؤولين الأميركيين إلى الرغبة في التسوية السياسية دليل على نية واشنطن زيادة التصعيد. ورحبت باستعداد الصين للعب دور في تسوية الأزمة.
ترحيب أوكراني
في المقابل، قال مسؤول أوكراني رفيع أمس إن الحكومة الصينية لم تتشاور مع كييف أثناء إعداد خطتها المقترحة للسلام في أوكرانيا.
وذكر أولكسندر كورنينكو نائب رئيس البرلمان الأوكراني أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي طرح خطة للسلام خلال لقاءات قمة الـ 20.
وأكد كورنينكو -في مقابلة خاصة مع الجزيرة- ترحيب أوكرانيا بجهود إحلال السلام، لكنه اشترط خضوع المبادرات للشروط التي طرحها الرئيس زيلينسكي.
بدوره، أعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تأكيد ضرورة التوصل إلى سلام شامل في أوكرانيا بما يتماشى مع قيم وميثاق المنظمة الدولية.
وقال غوتيريش، خلال الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة مرور عام على حرب روسيا على أوكرانيا، إن الحرب تؤجج عدم الاستقرار الإقليمي والانقسامات العالمية وتصرف الانتباه والموارد عن الأزمات الأخرى والقضايا العالمية الملحة.
فاغنر وأزمة الذخيرة
في الأثناء، أعلن مؤسس مجموعة فاغنر الروسية، يفغيني بريغوجين، بدء الحصول على الذخيرة بعد انتقادات حادة وجهها لوزارة الدفاع بسبب "المماطلة" في تزويده بالذخيرة.
وكان بريغوجين بث تسجيلا صوتيا اتهم فيه وزارة الدفاع بالكذب وتضليل الرأي العام الروسي بعد أن ردت على تصريحات سابقة له تؤكد فيها أنها تزود مقاتلي فاغنر في باخموت بالذخيرة اللازمة.
وقال مؤسس فاغنر إن قواته لا تحصل على 80% من الذخيرة التي تحتاجها في القتال.
وأضاف "تصريح وزارة الدفاع موجه لشركة فاغنر مع محاولة إخفاء جرائمهم بحق المقاتلين الذين يحققون اليوم نقلة في باخموت.. إذا ما رغبتم بتزويدنا بالذخيرة قوموا بذلك، ولا تتحدثوا في الإعلام لتخدعوا الشعب الروسي".
هجمات مكثفة في باخموت
على صعيد متصل، قال مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية أوكرانية إن مجموعة فاغنر كثفت هجماتها على محاور القتال في باخموت شمالي مقاطعة دونيتسك.
وأضافت هذه المصادر أن فاغنر أحرزت تقدماً عند قرية بيرخيفكا شمال المدينة، لكنها تكبدت خسائر مادية وبشرية كبيرة، على حد وصف المصادر.
بدوره قال مستشار زعيم الانفصاليين الموالي لروسيا يان غاغين إن القوات الأوكرانية ما زالت تقاتل وتدافع عن مواقعها في باخموت وتدفع بالتعزيزات، لكنها تتكبد خسائر كبيرة، على حد وصفه.
من جانبه قال موقع "ريبار" العسكري الروسي إن مجموعة فاغنر سيطرت على بلدة بيرخوفكي شمال باخموت وتقوم بتمشيطها. كما شرعت في توسيع نطاق تحركها في الجهة الغربية والجنوبية للمدينة بهدف إحكام الحصار عليها.
"غزو" إقليم ترانسنيستريا
وفي تطور آخر، اتهمت موسكو كييف بالتخطيط لغزو إقليم ترانسنيستريا المنفصل عن مولدوفا بعد عملية وهمية. وقالت الدفاع الروسية إن أوكرانيا خططت لشن الهجوم والزعم بأن القوات الروسية هي التي شنته من ترانسنيستريا ليكون ذريعة للغزو.
من جهتها قالت حكومة مولدوفا إنه لا تأكيد بشأن المعلومات التي نشرتها الدفاع الروسية بأن أوكرانيا تستعد لاستفزاز مسلح ضد ترانسنيستريا. ودعت إلى الهدوء والحصول على المعلومات من المصادر الرسمية والموثوق بها، مؤكدة أنه سيتم الإبلاغ على الفور في حال أي تهديد للبلاد.
وفي سياق منفصل، نقلت وكالة أنباء تاس عن ميخائيل جالوزين نائب وزير الخارجية الروسي قوله إن الغرب أصدر تعليماته لحكومة كيشيناو بوقف أي تفاعل مع إدارة ترانسنيستريا المدعومة من موسكو. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتهمت رئيسة مولدوفا مايا ساندو روسيا بالتخطيط لانقلاب للإطاحة بالحكومة وجر ترانسنيستريا إلى الحرب.
وانفصل هذا الإقليم الذي يتحدث الروسية بشكل رئيسي عن مولدوفا السوفياتية آنذاك عام 1990. وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، خاض الانفصاليون الموالون لموسكو حربا دموية ضد القوات الحكومية في مولدوفا.
(وكالات)