إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي ..عام ونصف عن "طوفان الأقصى".. استفاقة واعدة رغم التحديات

بقلم: فتح الدين البودالي * 

إن التصادم المتوارث ما بين الحضارتين الغربية والإسلامية وما يختزنه من صراع بين إرادتين عائد إلى الانغلاق العصبي الديني وطبيعة النزوع الغربي المتمثل في:

‌أ-    العمق التاريخي ذا القطب الثلاثي الذي يحكم العالم (الغرب انقلوساكسون (Occident Anglo-saxone)

-  الكنيسة الانجيليكان (أمريكا - بريطانيا - فرنسا) (L’église Enjilicain (USA, UR, FR)

-  الفاتيكان (روما Vatican Rome)

-  قوة المال - بريطانيا (عائلة روتشيلد ما سمي بقارون العصر) (Famille Rothschild)

‌ب-   إشعال نيران الحروب والهيمنة والاحتلال والاستعمار لغاية الشمولية والتفوق والاستغلال والمصالح.

‌ج-           تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو SAYKES PICO (فرنسا – بريطانيا، بمعنى قطع الحبل بين تركيا والعرب (ماي 1916) وبعدها تفتيت العالم العربي والإسلامي على أساس دويلات طائفية وعرقية ومذهبية سنية وشيعية وتفجير ألغام الخيانات بينها حتى تصبح غير قادرة على التماسك ويتم إلغاء خطر وحدة الإسلام.

‌د-   ضمان وسلامة أمن إسرائيل حتى تكون الأقوى وسط هذه الفسيفساء وإعلان القدس الشريف عاصمة أبدية لدولة إسرائيل الكبرى.

‌ه-   الضرب عرض الحائط بكل المُثل والقيم والنواميس الدولية والإنسانية كلما تعارضت مع مصالحها الامبريالية فدمرت أقطارا عربية وإسلامية من أجل إرجاعها إلى العصر الحجري أي إلى التخلف والتبعية.

فشأن هذا الصراع قديم وما من مؤشرات فيه على أن ينتهي ويزول أو ينتهي قريبا.

بينما إرادة الإسلام تتمثل في نشر مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحب الإيمان والعلم والعمل والحرية والعدل والشورى والأخلاق والاجتهاد. ورغم هذا التباين فإن الإسلام كان دائما يدعو إلى التعايش والتسامح والتعاون والحوار لكن دون طائل.

فطورا بعد طور، عرف واقع المسلمين افتكاكا للثوابت وارتكاسا للعلوم والمعارف واختطافا للكفاءات، كما عانى ذلك الواق أطوارا أليمة أيام غرس الاستعمار في ظل انقسام المجتمع والتعلق بكرسي السلطة والمال والبنين والاتباع الأعمى ففشلت محاولة مواكبة الحداثة والتطور.

خارطة الاختراق الغربي

لم يكن الغرب يهدف من خلال الاحتلال والاستيلاء على الثروات السطحية والباطنية فحسب وإنما كان يهدف باتباع سياسة المراحل (وصية ملك فرنسا لويس التاسع عام 1250 زمن الحروب الصليبية)

.أولا: القضاء على مقومات الدين الإسلامي بـ :

1-    الاستحواذ على النظام التربوي والتعليمي وتغيير معالم المقومات الذاتية من سيادة ودين ولغة وتاريخ وتقاليد على أسس غربية أيديولوجية.

2-    إزالة القلم العربي في الإدارة وتعويضه بالقلم الغربي.

3-    فصل الدين عن الدولة بمفهوم العلمانية.

4-    بث الصراع بين الأفكار والقيم الإسلامية والأفكار والقيم الغربية التبشيرية والفرنكفونية والانقليزية.

5-    إغلاق الجامعات الإسلامية وفي مقدمتها جامع الزيتونة المعمور ومعالم المجد كالمدارس القرآنية والجمعيات الخيرية.

6-    الدعوة إلى الإفطار في رمضان والتهجم على القرآن والنبوة وعلماء الدين.

7-    الاضطهاد والتنكيل على أنصار الهوية الذي استمر قائما على أشده وضرب الأخوة بورقة الإرهاب بالمرتزقة واستخدام أداة الأحكام القضائية السياسية بالسجن أو التعذيب والنفي والتصفية.

8-    إصدار قانون التجنيس وتنظيم المؤتمرات احياءً للكنائس وتنصير المسلمين.

9-    وأخيرا صناعة التطبيع مع الكيان الصهيوني وبدعة الدين الابراهيمي والدعوة للزواج المثلي والعبث بهندسة الإرث وبعث الملاهي بالأراضي المقدسة.

ثانيا: انتهاك مقومات السيادة

*إجهاض أول تجربة تونسية "دستور عهد الأمان" التنظيمي للدولة والمجتمع فاتحا طورا إصلاحيا جديدا على درب الحرية والعدالة والديمقراطية لم يطل أمده غير ثلاثة أعوام (1861 – 1864).

* الاكتشاف التوثيقي الصادم بما يفيد أن  البلدان العربية والإسلامية لم تحصل فعليا على استقلالها كاملا لأسباب مؤلمة ومأساوية نتيجة تقاعس وتواطئ الحكام مع القوى الاستعمارية وعدم الأخذ بإرادة الشعوب.

* إجهاض تجربة ثورة الربيع العربي سنة 2011 توقا إلى الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية بدءا من تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا والعراق بتحريك مظاهر الفوضى والعصيان والاضرابات والاغتيالات.. 

* تعدد غوائل الفتن الكبرى وتأثيرها على مدى عقود ظلما وطمسا للأسباب الحقيقية فحصل صراع وانقسام وانتهاك خلّف شرخا كبيرا بين أبناء الشعب وحربا طاحنة على القيم.

* زرع الأنانية والمحسوبية والجهوية فازداد الكذب والنفاق والحقد والحسد والمطاح والتواكل والغدر والغش والخداع والخيانة والانحراف. كل ذلك انعكس سلبا على الإنسان بأمراض ابتلي بها المجتمع.

* تكريس سلطة الحكم مدى الحياة بمشجب شرعية النضال أو الخلافة بالوراثة وتهميش حق الشعوب في السيادة والعدالة والتداول على الحكم بتوظيف مجهود الأمة وإضفاء صورة الإعلام والدعاية (شراء الضمائر) ثم الإطاحة بكل الكفاءات المبوأة للخلافة أو المزاحمة في الحكم إلى أكباش فداء.

* ضرب أية قوة مجتمعية تنظيمية تعمل من أجل توحيد الأمة أو بناء الإنسان أو السعي الى تحقيق الاستقرار والأمن والتقدم.

* العبث المستمر على مستوى إسناد المسؤوليات فغلبت الولاءات والمحسوبية والجهوية بدلا من الكفاءات أو صنع الوطنيين الصادقين.

ثالثا: ضرب مقومات التنمية والتقدم

إن الأمة الإسلامية كانت مؤهلة منذ انتشار الإسلام في ربوع الدنيا بفضل كتاب الله وسنة نبيه وجهد العهد الرشيد وأصحاب الخلافة لتكون من الدول العظمى المتقدمة بما تمتاز أرضها بالثراء المتنوع وبموقع متميز وإشعاع على مدى التاريخ. لكن مع مرور الزمن والوقوف على الحقائق والأسرار والخلفيات والانتكاسات كانت سببا في التأخر والتخلف من ذلك:

1-    التراجع في الاختيارات السياسية المصيرية التقدمية وتواتر الأخطاء الكبرى انجرت عنها خيبات متتالية أبعدت الأمة عن مسارها.

2-    عدم تحقيق مجتمع الوسط والاندماج في الدورة الاقتصادية العالمية بل السير نحو الليبرالية المجحفة والتبعية المحبطة.

3-    غياب البعد الاستشرافي التقدمي عمدا لملازمة التخلف منها:

·      تحديات الغزو الفكري واللغوي والتربوي والأخلاقي

·      تحديات التنمية الاقتصادية (الاكتفاء الغذائي والدوائي والصناعي والتصدير).

·      تحديات التنمية الاجتماعية (جودة الحياة: فقر - بطالة - هجرة)

·      تحديات التنمية الثقافية (تاريخ - تراث - إعلام - فنون)

·      تحديات الطفولة – الشباب – الرياضة (تأطير - تكوين - بحوث - تألق)

4-    غياب مقومات الثقافات الأساسية التالية : * حب الوطن من الإيمان. * الدفاع الشامل. * القدوة الحسنة. * العلم والعمل. * الأخلاق الفاضلة. * الإنتاج والإنتاجية. * الابتكار والمبادرة.

5-    تكريس الغاية العصبية الذاتية (التعلق بالحكم وحب الكراسي والسلطة والمصالح والمال) والانهماك في الانانية والشهوات وصولا الى الفساد.

إحيـــاء الأمـــــل

هكذا عجلة التاريخ تدور دورتها مجددا عبر تفجر الغضب باندلاع حرب التحرير الوطني من عمق غزة الفلسطينية، فصار "طوفان الأقصى" بداية من 7 أكتوبر 2023 هو عنوان قضية الأمة الإسلامية، والحق والمأساة والمظلمة والعار الذي عرّت قوى الاستعمار الغربي ودول النفاق بتكريس الاغتصاب سنة 1948 وإدامة التنكر لحقوق شعبها في ظل استمرار العدوان لأكثر من 75 عاما من الاحتلال والمعاناة لأشكال القهر والظلم والحصار العنصري وجشع الاستيطان ومصادرة الأراضي والاجبار على ترك الوطن وحصار خانق ليتحول إلى أكبر وابشع سجن في العالم كما عانى من خمس حروب مدمرة ونزيف عشرات الآلاف بين شهيد وجريح.

ورغم الحراك التاريخي لشعوب العالم المساندة للقضية الحقة العادلة فإن الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة لم يلتفتوا إلى كل هذه المعاناة بل أمعنوا في الإمداد العسكري وتبرير المذابح من الأبرياء والدمار الماحق المهول غير المسبوق، في ظل عجز المجتمع الدولي وتقاعس الإقليم العربي بالخصوص وتواطؤ الدول الخمس المتحكمة في حق النقض "الفيتو".

والحمد لله وهدايته.. فالفئة القليلة المرابطة بين أكناف بيت المقدس الظهور على أعداء الدين ومع الساعات الأولى من الانتصار في حرب طوفان الأقصى بعد 450 يوما ووقف اطلاق النار بتاريخ 19 جانفي 2025 بدأت تظهر المخططات والأسرار الجهنمية لتفكيك الإسلام وترذيله...

وهكذا انتقل طوفان الأقصى الى طوفان الوعي نحو بناء الدولة كاملة السيادة ومتابعة استفاقة شعوب العالم وانكشاف الحقائق.

وهنا فإن تحقيق هدف الحوكمة العالمية السليمة لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الامن يمر بالضرورة إلى إعادة التأهيل والهيكلة كبارقة أمل قوية لنهوض واعد لا نقول للأمة الإسلامية فقط بل لعالم جديد بإلغاء امتياز حق النقض "الفيتو" عبر خارطة طريق عادلة وديمقراطية..

وخلاصة القـــول

إن زمن الوهن الذي استشرى وأنذر بكل الأخطار على الأمة الإسلامية ومكاسبها، الأمر الذي وفّر بيئة غير سليمة ومحيطا تسيبيا تآمريا استغلاليا.. فلا مفر اليوم وغدا والواجب أمام الله والتاريخ صفا واحدا إلى الحل البديل:

I.    إحياء ثورة الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة والتنمية ورفع كل المظالم ومظاهر التخلف بأسلوب حضاري في ظل التغيير والمحاسبة والمصالحة.

II.    إحياء وتفعيل مشروع الأستاذ الاستراتيجي نجم الدين أربكان -تركيا- بإقامة تكتل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي كقوة إقليمية اندماجية قادرة على لمّ الشمل والسهر على الأمن والاستقرار والدفاع الشامل والبعد التعاوني التنموي كمطمح إرادة الشعوب ومستقبل الأجيال.

III.    إعادة مجدنا وحضورنا الفاعل بين الأمم المتقدمة في غمرة الإرادة والتفاؤل والثقة في خضم عالم كوني لا يرحم من لا يكون فيه يقضا فاعلا.

* كاتب سياسي

 رأي ..عام ونصف عن "طوفان الأقصى".. استفاقة واعدة رغم التحديات

بقلم: فتح الدين البودالي * 

إن التصادم المتوارث ما بين الحضارتين الغربية والإسلامية وما يختزنه من صراع بين إرادتين عائد إلى الانغلاق العصبي الديني وطبيعة النزوع الغربي المتمثل في:

‌أ-    العمق التاريخي ذا القطب الثلاثي الذي يحكم العالم (الغرب انقلوساكسون (Occident Anglo-saxone)

-  الكنيسة الانجيليكان (أمريكا - بريطانيا - فرنسا) (L’église Enjilicain (USA, UR, FR)

-  الفاتيكان (روما Vatican Rome)

-  قوة المال - بريطانيا (عائلة روتشيلد ما سمي بقارون العصر) (Famille Rothschild)

‌ب-   إشعال نيران الحروب والهيمنة والاحتلال والاستعمار لغاية الشمولية والتفوق والاستغلال والمصالح.

‌ج-           تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو SAYKES PICO (فرنسا – بريطانيا، بمعنى قطع الحبل بين تركيا والعرب (ماي 1916) وبعدها تفتيت العالم العربي والإسلامي على أساس دويلات طائفية وعرقية ومذهبية سنية وشيعية وتفجير ألغام الخيانات بينها حتى تصبح غير قادرة على التماسك ويتم إلغاء خطر وحدة الإسلام.

‌د-   ضمان وسلامة أمن إسرائيل حتى تكون الأقوى وسط هذه الفسيفساء وإعلان القدس الشريف عاصمة أبدية لدولة إسرائيل الكبرى.

‌ه-   الضرب عرض الحائط بكل المُثل والقيم والنواميس الدولية والإنسانية كلما تعارضت مع مصالحها الامبريالية فدمرت أقطارا عربية وإسلامية من أجل إرجاعها إلى العصر الحجري أي إلى التخلف والتبعية.

فشأن هذا الصراع قديم وما من مؤشرات فيه على أن ينتهي ويزول أو ينتهي قريبا.

بينما إرادة الإسلام تتمثل في نشر مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحب الإيمان والعلم والعمل والحرية والعدل والشورى والأخلاق والاجتهاد. ورغم هذا التباين فإن الإسلام كان دائما يدعو إلى التعايش والتسامح والتعاون والحوار لكن دون طائل.

فطورا بعد طور، عرف واقع المسلمين افتكاكا للثوابت وارتكاسا للعلوم والمعارف واختطافا للكفاءات، كما عانى ذلك الواق أطوارا أليمة أيام غرس الاستعمار في ظل انقسام المجتمع والتعلق بكرسي السلطة والمال والبنين والاتباع الأعمى ففشلت محاولة مواكبة الحداثة والتطور.

خارطة الاختراق الغربي

لم يكن الغرب يهدف من خلال الاحتلال والاستيلاء على الثروات السطحية والباطنية فحسب وإنما كان يهدف باتباع سياسة المراحل (وصية ملك فرنسا لويس التاسع عام 1250 زمن الحروب الصليبية)

.أولا: القضاء على مقومات الدين الإسلامي بـ :

1-    الاستحواذ على النظام التربوي والتعليمي وتغيير معالم المقومات الذاتية من سيادة ودين ولغة وتاريخ وتقاليد على أسس غربية أيديولوجية.

2-    إزالة القلم العربي في الإدارة وتعويضه بالقلم الغربي.

3-    فصل الدين عن الدولة بمفهوم العلمانية.

4-    بث الصراع بين الأفكار والقيم الإسلامية والأفكار والقيم الغربية التبشيرية والفرنكفونية والانقليزية.

5-    إغلاق الجامعات الإسلامية وفي مقدمتها جامع الزيتونة المعمور ومعالم المجد كالمدارس القرآنية والجمعيات الخيرية.

6-    الدعوة إلى الإفطار في رمضان والتهجم على القرآن والنبوة وعلماء الدين.

7-    الاضطهاد والتنكيل على أنصار الهوية الذي استمر قائما على أشده وضرب الأخوة بورقة الإرهاب بالمرتزقة واستخدام أداة الأحكام القضائية السياسية بالسجن أو التعذيب والنفي والتصفية.

8-    إصدار قانون التجنيس وتنظيم المؤتمرات احياءً للكنائس وتنصير المسلمين.

9-    وأخيرا صناعة التطبيع مع الكيان الصهيوني وبدعة الدين الابراهيمي والدعوة للزواج المثلي والعبث بهندسة الإرث وبعث الملاهي بالأراضي المقدسة.

ثانيا: انتهاك مقومات السيادة

*إجهاض أول تجربة تونسية "دستور عهد الأمان" التنظيمي للدولة والمجتمع فاتحا طورا إصلاحيا جديدا على درب الحرية والعدالة والديمقراطية لم يطل أمده غير ثلاثة أعوام (1861 – 1864).

* الاكتشاف التوثيقي الصادم بما يفيد أن  البلدان العربية والإسلامية لم تحصل فعليا على استقلالها كاملا لأسباب مؤلمة ومأساوية نتيجة تقاعس وتواطئ الحكام مع القوى الاستعمارية وعدم الأخذ بإرادة الشعوب.

* إجهاض تجربة ثورة الربيع العربي سنة 2011 توقا إلى الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية بدءا من تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا والعراق بتحريك مظاهر الفوضى والعصيان والاضرابات والاغتيالات.. 

* تعدد غوائل الفتن الكبرى وتأثيرها على مدى عقود ظلما وطمسا للأسباب الحقيقية فحصل صراع وانقسام وانتهاك خلّف شرخا كبيرا بين أبناء الشعب وحربا طاحنة على القيم.

* زرع الأنانية والمحسوبية والجهوية فازداد الكذب والنفاق والحقد والحسد والمطاح والتواكل والغدر والغش والخداع والخيانة والانحراف. كل ذلك انعكس سلبا على الإنسان بأمراض ابتلي بها المجتمع.

* تكريس سلطة الحكم مدى الحياة بمشجب شرعية النضال أو الخلافة بالوراثة وتهميش حق الشعوب في السيادة والعدالة والتداول على الحكم بتوظيف مجهود الأمة وإضفاء صورة الإعلام والدعاية (شراء الضمائر) ثم الإطاحة بكل الكفاءات المبوأة للخلافة أو المزاحمة في الحكم إلى أكباش فداء.

* ضرب أية قوة مجتمعية تنظيمية تعمل من أجل توحيد الأمة أو بناء الإنسان أو السعي الى تحقيق الاستقرار والأمن والتقدم.

* العبث المستمر على مستوى إسناد المسؤوليات فغلبت الولاءات والمحسوبية والجهوية بدلا من الكفاءات أو صنع الوطنيين الصادقين.

ثالثا: ضرب مقومات التنمية والتقدم

إن الأمة الإسلامية كانت مؤهلة منذ انتشار الإسلام في ربوع الدنيا بفضل كتاب الله وسنة نبيه وجهد العهد الرشيد وأصحاب الخلافة لتكون من الدول العظمى المتقدمة بما تمتاز أرضها بالثراء المتنوع وبموقع متميز وإشعاع على مدى التاريخ. لكن مع مرور الزمن والوقوف على الحقائق والأسرار والخلفيات والانتكاسات كانت سببا في التأخر والتخلف من ذلك:

1-    التراجع في الاختيارات السياسية المصيرية التقدمية وتواتر الأخطاء الكبرى انجرت عنها خيبات متتالية أبعدت الأمة عن مسارها.

2-    عدم تحقيق مجتمع الوسط والاندماج في الدورة الاقتصادية العالمية بل السير نحو الليبرالية المجحفة والتبعية المحبطة.

3-    غياب البعد الاستشرافي التقدمي عمدا لملازمة التخلف منها:

·      تحديات الغزو الفكري واللغوي والتربوي والأخلاقي

·      تحديات التنمية الاقتصادية (الاكتفاء الغذائي والدوائي والصناعي والتصدير).

·      تحديات التنمية الاجتماعية (جودة الحياة: فقر - بطالة - هجرة)

·      تحديات التنمية الثقافية (تاريخ - تراث - إعلام - فنون)

·      تحديات الطفولة – الشباب – الرياضة (تأطير - تكوين - بحوث - تألق)

4-    غياب مقومات الثقافات الأساسية التالية : * حب الوطن من الإيمان. * الدفاع الشامل. * القدوة الحسنة. * العلم والعمل. * الأخلاق الفاضلة. * الإنتاج والإنتاجية. * الابتكار والمبادرة.

5-    تكريس الغاية العصبية الذاتية (التعلق بالحكم وحب الكراسي والسلطة والمصالح والمال) والانهماك في الانانية والشهوات وصولا الى الفساد.

إحيـــاء الأمـــــل

هكذا عجلة التاريخ تدور دورتها مجددا عبر تفجر الغضب باندلاع حرب التحرير الوطني من عمق غزة الفلسطينية، فصار "طوفان الأقصى" بداية من 7 أكتوبر 2023 هو عنوان قضية الأمة الإسلامية، والحق والمأساة والمظلمة والعار الذي عرّت قوى الاستعمار الغربي ودول النفاق بتكريس الاغتصاب سنة 1948 وإدامة التنكر لحقوق شعبها في ظل استمرار العدوان لأكثر من 75 عاما من الاحتلال والمعاناة لأشكال القهر والظلم والحصار العنصري وجشع الاستيطان ومصادرة الأراضي والاجبار على ترك الوطن وحصار خانق ليتحول إلى أكبر وابشع سجن في العالم كما عانى من خمس حروب مدمرة ونزيف عشرات الآلاف بين شهيد وجريح.

ورغم الحراك التاريخي لشعوب العالم المساندة للقضية الحقة العادلة فإن الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة لم يلتفتوا إلى كل هذه المعاناة بل أمعنوا في الإمداد العسكري وتبرير المذابح من الأبرياء والدمار الماحق المهول غير المسبوق، في ظل عجز المجتمع الدولي وتقاعس الإقليم العربي بالخصوص وتواطؤ الدول الخمس المتحكمة في حق النقض "الفيتو".

والحمد لله وهدايته.. فالفئة القليلة المرابطة بين أكناف بيت المقدس الظهور على أعداء الدين ومع الساعات الأولى من الانتصار في حرب طوفان الأقصى بعد 450 يوما ووقف اطلاق النار بتاريخ 19 جانفي 2025 بدأت تظهر المخططات والأسرار الجهنمية لتفكيك الإسلام وترذيله...

وهكذا انتقل طوفان الأقصى الى طوفان الوعي نحو بناء الدولة كاملة السيادة ومتابعة استفاقة شعوب العالم وانكشاف الحقائق.

وهنا فإن تحقيق هدف الحوكمة العالمية السليمة لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الامن يمر بالضرورة إلى إعادة التأهيل والهيكلة كبارقة أمل قوية لنهوض واعد لا نقول للأمة الإسلامية فقط بل لعالم جديد بإلغاء امتياز حق النقض "الفيتو" عبر خارطة طريق عادلة وديمقراطية..

وخلاصة القـــول

إن زمن الوهن الذي استشرى وأنذر بكل الأخطار على الأمة الإسلامية ومكاسبها، الأمر الذي وفّر بيئة غير سليمة ومحيطا تسيبيا تآمريا استغلاليا.. فلا مفر اليوم وغدا والواجب أمام الله والتاريخ صفا واحدا إلى الحل البديل:

I.    إحياء ثورة الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة والتنمية ورفع كل المظالم ومظاهر التخلف بأسلوب حضاري في ظل التغيير والمحاسبة والمصالحة.

II.    إحياء وتفعيل مشروع الأستاذ الاستراتيجي نجم الدين أربكان -تركيا- بإقامة تكتل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي كقوة إقليمية اندماجية قادرة على لمّ الشمل والسهر على الأمن والاستقرار والدفاع الشامل والبعد التعاوني التنموي كمطمح إرادة الشعوب ومستقبل الأجيال.

III.    إعادة مجدنا وحضورنا الفاعل بين الأمم المتقدمة في غمرة الإرادة والتفاؤل والثقة في خضم عالم كوني لا يرحم من لا يكون فيه يقضا فاعلا.

* كاتب سياسي