إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. ترشحات استعراضية.. !!

 

مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية، المرتقب تنظيمها قبل نهاية 2024، أثار إعلان بعض الأسماء مبكرا ترشحها لهذه المحطة الانتخابية الهامة، والدخول في السباق المثير المرتقب، الكثير من الجدل، لتزداد الاستفهامات مع تعالي أصوات بعض "الحالمين" بالوصول إلى قصر قرطاج، وطرح برامجهم، ومواقفهم، ورؤاهم، لاسيما أن بعض نوايا الترشح، بدت غير جدية، بما يجعلها مجرّد ترشحات شكلية و"استعراضية"، لها تداعياتها الكارثية على العملية الانتخابية، وقد تكون الصورة أسوأ باعتبار أن العشرات منهمكون في وضع ترتيباتهم، ويعدون العدة لإعلان ترشحهم في اللحظات الحاسمة، وفق تقديرهم بطبيعة الحال.

صحيح أنه من حقّ كل تونسي تتوفر فيه الشروط المطلوبة، الترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي، وصحيح أيضا أن خدمة الوطن من منصب رئاسة الجمهورية، طموح مشروع لكل كفاءة تأنس في نفسها الكفاءة، لكن أن تتحول العملية الى إعلان الترشح من طرف "من هب ودب"، ونوايا مبيتة، وأسماء هدفها الأول والأكبر والأسمى، شد الاهتمام فقط، وصنع "البوز"، بمنطق "الاسم يدور"، فهذا ما يجب نقده وانتقاده والتشهير به، خاصة أن حديثنا يتعلق بفئة معينة، وممارسات مرفوضة.

العملية الانتخابية وما تقتضية من شفافية، وتكافؤ الفرص من صميم الديمقراطية، وهذه الديمقراطية لها ضوابطها، ونواميسها، لكن ذلك لا يعني أن الديمقراطية تُشرّع لك الركوب على الحدث، ومحاولة لـ"الاستثمار" وتسجيل نقاط، وهذا هو المقصد الأساسي لا غير، لاسيما أن هذه الأساليب المفضوحة، والألاعيب المكشوفة، أصبحت غاياتها معلومة، لدى القاصي والداني، و"عارية" أمام التونسيين.

اللافت والمضحك، أنه مع تعدد الحالمين، وتوسع قائمة المترشحين تدريجيا، تنوعت برامجهم الانتخابية، واختلفت وعودهم "العسلية"، وكُل يعتقد أنه سينجح في "دغدغة" الناخبين، والعزف على وتر "الغافلين"، استمعنا الى من يعد بالجنة الموعودة، لتعود بنا الذاكرة الى تلك الوعود الوهمية التي صدعت رؤوس التونسيين، مع كل محطة انتخابية جديدة، من تحويل سبخة السيجومي الى منتجع سياحي، وتشييد قنطرة بين تونس وايطاليا، الى تخفيض سعر الخبز إلى 80 مليم، وضمان منحة "ملكية" لكل العاطلين، وإعادة الاعتبار لكل جائع أو فقير، وغيرها من العبارات والشعارات الرنانة.

البعض يعلم جيدا، أنه محدود وأفقه مسدود، لا يملك لا كفاءة علمية، لا تجربة سياسية ولا خبرة في المجالات الحيوية، وهو كذلك على يقين، بينه وبين نفسه، أنه "مفلس" من جميع الجوانب، أينما قلّبته، ومع ذلك يدعي البعض في العلم فلسفة، ويحاولون إيهام الرأي العام أنهم جهابذة زمانهم، ومنقذون حقيقيون، وهم في حقيقة الأمر غير قادرين على تسيير عائلاتهم، وفاشلون حتى في ترتيب أمورهم، فما بالك بمنصب رئاسة الجمهورية، ومسؤولية وطن، وما تتطلبه من حكمة ومسؤولية، وروح وطنية.

ولعل ما يدعو الى الاستغراب أكثر، أن كل مترشح من هؤلاء يعتبر نفسه، الأقدر والأجدر والأفضل، والرجل المناسب في المكان المناسب، أما البقية فإنهم مجرد هواة، ونشاز، في العملية الانتخابية، يعزف على وتر النعرات الجهوية، أو النقاط الخلافية، والتصريحات الغريبة، والهدف دوما دغدغة العقول والتسلل الى القلوب، وقد لا يدري أن هذه الممارسات، من شأنها أن تمس من صورة الانتخابات، لدى الجمهور الانتخابي، في زمن العزوف عن الاقتراع.

مثل هؤلاء فاتهم أن التونسي استفاق من غيبوبته، زمن الضحك على الذقون ولى وانتهى، وزمن الوفود التي تشد رحالها الى المناطق الريفية والجهات المهمشة، لتوزيع وعودها الوهمية تجاوزه الزمن، وعهد القوافل التي تشتري أصوات المحرومين والمعدومين، بمجرد "قفة"، ذهب بلا رجعة، لأن التونسي ملّ السياسة، وفقد الثقة في السياسيين، بمختلف تلويناتهم السياسية، ومرجعياتهم الأيديولوجية.

المحصلة أن السباق نحو قصر قرطاج، مفتوح أمام الجميع، لكن من المفروض أن يكون مفتوحا أمام الكفاءات الحقيقية، وأصحاب البرامج الفعلية، والنوايا الصادقة لخدمة البلاد والعباد، لا للطامعين في كرسي القصر، وفخامة القصر، وجاه القصر، وسطوة القصر، وتبقى صناديق الاقتراع هي الفيصل.

محمد صالح الربعاوي

 

 

 

 

 

مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية، المرتقب تنظيمها قبل نهاية 2024، أثار إعلان بعض الأسماء مبكرا ترشحها لهذه المحطة الانتخابية الهامة، والدخول في السباق المثير المرتقب، الكثير من الجدل، لتزداد الاستفهامات مع تعالي أصوات بعض "الحالمين" بالوصول إلى قصر قرطاج، وطرح برامجهم، ومواقفهم، ورؤاهم، لاسيما أن بعض نوايا الترشح، بدت غير جدية، بما يجعلها مجرّد ترشحات شكلية و"استعراضية"، لها تداعياتها الكارثية على العملية الانتخابية، وقد تكون الصورة أسوأ باعتبار أن العشرات منهمكون في وضع ترتيباتهم، ويعدون العدة لإعلان ترشحهم في اللحظات الحاسمة، وفق تقديرهم بطبيعة الحال.

صحيح أنه من حقّ كل تونسي تتوفر فيه الشروط المطلوبة، الترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي، وصحيح أيضا أن خدمة الوطن من منصب رئاسة الجمهورية، طموح مشروع لكل كفاءة تأنس في نفسها الكفاءة، لكن أن تتحول العملية الى إعلان الترشح من طرف "من هب ودب"، ونوايا مبيتة، وأسماء هدفها الأول والأكبر والأسمى، شد الاهتمام فقط، وصنع "البوز"، بمنطق "الاسم يدور"، فهذا ما يجب نقده وانتقاده والتشهير به، خاصة أن حديثنا يتعلق بفئة معينة، وممارسات مرفوضة.

العملية الانتخابية وما تقتضية من شفافية، وتكافؤ الفرص من صميم الديمقراطية، وهذه الديمقراطية لها ضوابطها، ونواميسها، لكن ذلك لا يعني أن الديمقراطية تُشرّع لك الركوب على الحدث، ومحاولة لـ"الاستثمار" وتسجيل نقاط، وهذا هو المقصد الأساسي لا غير، لاسيما أن هذه الأساليب المفضوحة، والألاعيب المكشوفة، أصبحت غاياتها معلومة، لدى القاصي والداني، و"عارية" أمام التونسيين.

اللافت والمضحك، أنه مع تعدد الحالمين، وتوسع قائمة المترشحين تدريجيا، تنوعت برامجهم الانتخابية، واختلفت وعودهم "العسلية"، وكُل يعتقد أنه سينجح في "دغدغة" الناخبين، والعزف على وتر "الغافلين"، استمعنا الى من يعد بالجنة الموعودة، لتعود بنا الذاكرة الى تلك الوعود الوهمية التي صدعت رؤوس التونسيين، مع كل محطة انتخابية جديدة، من تحويل سبخة السيجومي الى منتجع سياحي، وتشييد قنطرة بين تونس وايطاليا، الى تخفيض سعر الخبز إلى 80 مليم، وضمان منحة "ملكية" لكل العاطلين، وإعادة الاعتبار لكل جائع أو فقير، وغيرها من العبارات والشعارات الرنانة.

البعض يعلم جيدا، أنه محدود وأفقه مسدود، لا يملك لا كفاءة علمية، لا تجربة سياسية ولا خبرة في المجالات الحيوية، وهو كذلك على يقين، بينه وبين نفسه، أنه "مفلس" من جميع الجوانب، أينما قلّبته، ومع ذلك يدعي البعض في العلم فلسفة، ويحاولون إيهام الرأي العام أنهم جهابذة زمانهم، ومنقذون حقيقيون، وهم في حقيقة الأمر غير قادرين على تسيير عائلاتهم، وفاشلون حتى في ترتيب أمورهم، فما بالك بمنصب رئاسة الجمهورية، ومسؤولية وطن، وما تتطلبه من حكمة ومسؤولية، وروح وطنية.

ولعل ما يدعو الى الاستغراب أكثر، أن كل مترشح من هؤلاء يعتبر نفسه، الأقدر والأجدر والأفضل، والرجل المناسب في المكان المناسب، أما البقية فإنهم مجرد هواة، ونشاز، في العملية الانتخابية، يعزف على وتر النعرات الجهوية، أو النقاط الخلافية، والتصريحات الغريبة، والهدف دوما دغدغة العقول والتسلل الى القلوب، وقد لا يدري أن هذه الممارسات، من شأنها أن تمس من صورة الانتخابات، لدى الجمهور الانتخابي، في زمن العزوف عن الاقتراع.

مثل هؤلاء فاتهم أن التونسي استفاق من غيبوبته، زمن الضحك على الذقون ولى وانتهى، وزمن الوفود التي تشد رحالها الى المناطق الريفية والجهات المهمشة، لتوزيع وعودها الوهمية تجاوزه الزمن، وعهد القوافل التي تشتري أصوات المحرومين والمعدومين، بمجرد "قفة"، ذهب بلا رجعة، لأن التونسي ملّ السياسة، وفقد الثقة في السياسيين، بمختلف تلويناتهم السياسية، ومرجعياتهم الأيديولوجية.

المحصلة أن السباق نحو قصر قرطاج، مفتوح أمام الجميع، لكن من المفروض أن يكون مفتوحا أمام الكفاءات الحقيقية، وأصحاب البرامج الفعلية، والنوايا الصادقة لخدمة البلاد والعباد، لا للطامعين في كرسي القصر، وفخامة القصر، وجاه القصر، وسطوة القصر، وتبقى صناديق الاقتراع هي الفيصل.

محمد صالح الربعاوي

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews