إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

روح المؤرخ والمفكر هشام جعيّط في رحاب كلّية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

انتظم يوم الأربعاء 20 أكتوبر 2021 بكلّية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة سوسة يوم دراسيّ تكريما لروح فقيد الجامعة التونسية المؤرّخ والمفكّر هشام جعيّط نظّمه ثلّة من الأساتذة المختصّين في علم التاريخ من مختلف كلّيات الجمهورية التونسية وجامعاتها وشاركوا فيه. 
وكان برنامج اليوم الدّراسيّ ثريّا جدّا أثّثته مداخلات متنوّعة وثمينة على مدار الحصّتين الصباحيّة والمسائيّة. 
وقد انطلقت الحصّة الصّباحيّة في حدود الساعة الثامنة والنّصف واُستهلّت بكلمتي  عميد كليّة الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة وعبد الحميد الفهري أستاذ التاريخ الوسيط ومدير مركز سرسينا بقرقنة بصفته منسّق اليوم الدّراسي. ثم انطلقت الجلسة العلميّة الأولى برئاسة أستاذ تاريخ المغرب الإسلامي وعضو المجمع التّونسي بيت الحكمة محمّد حسن. وكانت البداية مع أستاذ التاريخ الثقافي بجامعة تونس لطفي عيسى الذي تناول في مداخلته موضوع "الأزمة والثقافة والتاريخ في ضوء مباحث هشام جعيّط وعبد الله العروي". وعلى إثر ذلك، تناولت الكلمة أستاذة التاريخ الإسلامي الوسيط بكليّة العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس حياة عمامو لتتحدّث من خلال مداخلتها عن "سياسة التمصير عند المسلمين في فترة الإسلام المبكّر". وبعدها اُسندت الكلمة لأستاذ التاريخ الوسيط بجامعة تونس خالد كشير وكانت مداخلته تحت عنوان «Hichem Djait, maître d’une école historique pour l’étude de l’islam ». وخاضت أستاذة تاريخ الأديان بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة سلوى بالحاج صالح في موضوع "استكمال السّيرة المحمّدية لهشام جعيّط: النّبيّ محمّد والمؤلّفة قلوبهم". 
أما الجلسة العلميّة الثانية فقد ترأّستها الأستاذة حياة عمامو واستهلّها أستاذ تاريخ المغرب الإسلامي وعضو المجمع التّونسي بيت الحكمة محمّد حسن بمداخلة تحت عنوان "سؤال الماضي وهاجس المصير في بواكر كتابات هشام جعيّط". وتناول الكلمة على إثره أستاذ التاريخ الوسيط ومدير مركز سرسينا بقرقنة عبد الحميد الفهري ليكشف مواقف "جعيّط في مسائل طبيعة المجتمع العربي وأنماط الإنتاج في المعهد الكلاسيكي". وتطرّق أستاذ التاريخ الوسيط بكليّة الآداب والفنون والإنسانيّات بجامعة منّوبة لطفي بن ميلاد من خلال مداخلته إلى مسألة "الأنا والآخر وعائق التّجاوز".
وأثناء الفترة المسائيّة، أشرف أستاذ التاريخ الوسيط ومدير مركز سرسينا بقرقنة عبد الحميد الفهري على الجلسة العلميّة الأخيرة التي تضمّنت مداخلة أستاذ الحضارة بجامعة صفاقس محمّد الخراط وعنوانها "المنزع الإنساني في كتابات هشام جعيّط" ومداخلة أستاذ التاريخ المعاصر بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة عادل يوسف وموضوعها «le souci démocratique chez Hichem Djait : d’après ses deux articles célèbres (1967/1988) et une lettre inédite (1978) ». وتجدر الإشارة إلى انفراد هذه المداخلة التي اجتهد من خلالها الأستاذ عادل يوسف في نقل مواد صحفيّة إلى مادّة تاريخيّة توثيقيّة فيما يتعلّق بأزمة جعيّط مع بورقيبة على إثر ما جدّ من خلاف حادّ بين بورقيبة والمفتي جعيّط بخصوص الإفتاء بصوم رمضان أو تركه. ثم أُحيلت الكلمة إلى السّيد نادر الحمامي أستاذ الدّراسات الإسلاميّة بجامعة قرطاج تونس الذي تحدّث عن "سؤال المصادر في تاريخيّة الدّعوة المحمديّة في مكّة لهشام جعيّط" معتبرا أنّ جعيّط لم يكن ماركسيّا متكلّفا ومشدّدا على أنّ الفقيد لم يدخل عالم الكتابة والتفكير بمنطق مادّي جدليّ فحسب وإنّما أيضا بتوجّهات متّصلة بعمق القرآن. واُختتم اليوم الدّراسي بثلاث مداخلات لكلّ من أستاذ التاريخ الوسيط بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة حميدة التوكابري «somme théologique sur le gain, al-kasb, en islam »، أستاذ التاريخ الوسيط بكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة البشير العبيدي "أطفال غير المسلمين في المشرق الإسلامي خلال القرن الأوّل للهجرة بين المنظور الفقهي والواقع" وأستاذ التاريخ الوسيط الإسلامي بجامعة منوبة نبيل قريسة "هشام جعيّط المؤرّخ وفيلسوف التّاريخ". 
الأستاذ عبد الحميد الفهري: 
" جعيط في مسائل طبيعة المجتمع العربي وأنماط الإنتاج في العهد الكلاسيكي
 نتّفق على تصنيف جعيط من بين المفكّرين الذين اتبعوا المنهج الماركسي والنيو ماركسي مع ميول قومية صريحة في ظل ما اتصل بأبعاد الأمّة. ومعلوم أن هذا العلاّمة يميل عند كتابة التاريخ إلى شرح رؤى المدارس والمناهج صمن المدرسة الألمانية بأسسها من الهيقلية إلى الماركسية أأكد على أن ما أقدّمه يندرج في سياق تراكمي ولا أدعي اصلاح أو تعويض أي قراءة لمسألة الأمة وطبيعة المجتمع العربي وأنماط الإنتاج التي توافق العلاقات القائمة بين الفاعلين في تطوره. وأقترح نتائج عقد كامل من البحث أعده للنشر في عمل قد يظهر في أواخر سنة 2022 محاولا تقديم رؤية شاملة لمسائل نمط الانتاج وطبيعة المجتمع اعتمادا على المصادر المتوفرة تناول الطور المفصلي للنظام السياسي الاجتماعي عند العرب منذ ما قبل الإسلام ن إلى نهاية الدولتين وقيام القوى الاسلامية غير العربية وذلك بفحص الجدلية التي قامت بين العروبة والإسلام أساسا وما يستدعي ذلك من العودة إلى أصول العرب، ونقلتهم الجامعة بين العسر واليسر لعهود طويلة من العرف إلى فترة قصيرة من الشريعة انتهى بتحويرات ذات بال لخصوصيات المجتمع العربي التنظيمية. " 
الأستاذ لطفي عيسى:
" حاولت هذه المساهمة تقليب وجهات النظر بخصوص علاقة المسألة الثقافية بالكتابة التاريخية، بالاستناد على مراجعة نقدية للتصوّرات التي صاغها المؤرخ هشام جعيط ضمن مؤلفيه الموسومين بـ "الشخصية والمصير العربي الإسلامي" و"أزمة الثقافة الإسلامية"، وهي عروض شكل كتاب "أزمة المثقفين العرب: تقليدية أم تاريخانية" لعبد الله العروي، وباعتراف جعيط نفسه، واقدا في عملية صياغة جوانب مهمّة من مضامينها. ويكمن الهدف من إنجازها في تعقّب مظان التوافق ومواضع الافتراق بين المسارين، في توضيح الدور الذي لعبته المنعرجات السياقية التاريخية في صياغة وجهات نطر كلاهما، خاصة فيما يتعلق بضرورة انتقال مجال المغارب من معاودة انتاج نفس البنيات التقليدية إلى ابتكار فكر جديد قادر على مجادلة ماضيه بمسافة وعقلانية وتجاوز أزمته الفكرية والثقافية. 
لبلوغ ذلك تم التركيز على علاقة تاريخ المغرب الإسلامي بالثقافة والدين منذ انتشار الإسلام وحتى تشكّل ظاهرة الإسلام السياسي، وذلك على خلفية انسداد أفق التجارب الإصلاحية للدول الوطنية الناسلة عن تصفية الاستعمار، وفشل مشاريعها التنموية في صياغة انتقال حاسم بهذا الصدد. 
ولعل ما ينبغي التفطن له هو قيمة المفهوم الاجرائي الذي اشتغل عليه عبد الله العروي ضمن مؤلف "أزمة المثقفين العرب" 1974، وهو أثر تم إنجازه ونشره بعد مؤلفيه الأولين "الأيديولوجيا العربية المعاصرة" (1967) و"مجمل تاريخ المغرب" (1970)، حيث توصلت عارضة العروي الفكرية وبكثير من التوفيق والألمعية، إلى إكساب فكرة التقليد معنى التسنّن الذي تم غالبا ما تم استدعاؤه بغية التمسك بالماضي، الأمر الذي ينبغي معه ردّ القديم إلى المعالجة العقلانية أو إلى التاريخانية، قصد التدقيق في أشكال مصادقته على الجديد وتدعيم حقه في الوجود إزاء مختلف المنظومات القديمة المنافسة له. وهو ذات ما حاول هشام جعيط البتّ في صوابه بتعميق النظر في الشخصية التونسية 1974 وفي امتداداتها المغاربية (أزمة الثقافة الإسلامية 1999)، بردهما إمّا إلى المعالجة النفسانية، أو إلى القراءة التاريخية أو إلى الاثنين معا، منتهيا إلى أن استفحال ظاهرة الإسلام السياسي لا يعود إلى الأثر العميق للاستعمار فحسب، بل إلى بالتحديث السريع لدولة الاستقلال. وهو تحديث تم إدراكه باعتباره اغتراب أو ارتهان. الشيء الذي حوّل الإسلام السياسي إلى نوع من الثأر الثقافي، أو إلى عودة مبدئية إلى الداخلي والذاتي تمثل هدفها في مناهضة الاستعمار وامتدادات مشروعه السياسي والثقافي داخليا. لذلك فسواء تمكّنت تلك الحركة من تقلّد السلطة أو لا، أو توصلت إلى اخترق المجتمع أم لم تخترقه، فإنها قد مثّلت من وجهة نظره "رغبة عميقة لدى شرائح واسعة تأثرت بانهيار جميع الطوباويات"، لتقع في النهاية في شرك "تاريخ يصنع المآزق دون أن يقدّم الوسائل لتجاوزها." 
الأستاذ محمّد الخرّاط:
" من وجوه الأنسنة في كتابات هشام جعيّط قراءته التاريخ والمتون بحثا عن الإنسان. وحتى قراته للسيرة النبوية إنما كانت بحثا عن شخصية محمد النبي/الإنسان. فضلا عن ذلك يعتبر جعيّط الثقافة الاسلامية إنسانية في مختلف تجلياتها بما في ذلك النص المؤسس/القرآن الذي هو خطاب موجه للإنسان من أجل خير الإنسان وخلاصه. فالقرآن تبنّى القيم العربية الرفيعة كالمروءة والحلم والتضامن ووصف الذات الإلهية إنما هو وصف مستمدّ من أرقى قيم الثقافة العربية وهو يدل على أن هذه القيم موجودة في الإنسان ولكن الله يمتلكها بامتياز."
 
والملاحظ بصفة جليّة أنّ حضور الطّلبة كان مهمّا وأنّ الأجواء بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة كانت جدّ احتفائيّة وقد عبّرت عن عميق شّعور جميع الأساتذة المتتلمذين على يدي الأستاذ هشام جعيّط رحمه الله خاصّة بالوفاء والعرفان الدّائمين له. وكان القاسم المشترك في شهادات المتدخلين هو التأكيد أنّ المفكّر هشام جعيّط كان لا يفتأ يدعوهم إلى التّدقيق والتّمحيص في المصادر التي ينهلون منها معارفهم ويستقون منها معلوماتهم ويحثّهم خاصّة على عدم الأخذ بالمسلّمات التاريخية. 
ولا بدّ من الإشارة إلى حضور السيّد فوزي الشّرفي ابن أخت الأستاذ هشام جعيّط رحمه الله بصفته مرشّح عائلة جعيّط المضيّقة والموسّعة لنيابتها في رثاء فقيدها وتعداد مناقبه والإشادة بموروثه الفكري والثقافي والأكاديمي. وقد قام السيّد فوزي الشّرفي بتقديم الشّكر لكلّ من الأساتذة المنظّمين لليوم الدّراسي والمتدخّلين فيه ولكليّة الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة. وثمّن الشّرفي المجهودات المبذولة في هذا اليوم الدّراسي من أجل تكريم روح خاله الأستاذ هشام جعيّط معتبرا أنّ أشغال اليوم الدّراسي قد فاقت تطلعاته وتطلّعات العائلة في تخليد ذكرى الأستاذ هشام جعيّط. وأهدى المشرفون على اليوم الدّراسي فوزي الشّرفي باقة من الورود ليكلّل بها ضريح فقيده وفقيد الجامعة التونسيّة المؤرّخ والمفكّر هشام جعيّط رحمه الله.
مصدّق الشّريف
 
ندوة_هشام_جعيط.jpg
روح المؤرخ والمفكر هشام جعيّط في رحاب كلّية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة
انتظم يوم الأربعاء 20 أكتوبر 2021 بكلّية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة سوسة يوم دراسيّ تكريما لروح فقيد الجامعة التونسية المؤرّخ والمفكّر هشام جعيّط نظّمه ثلّة من الأساتذة المختصّين في علم التاريخ من مختلف كلّيات الجمهورية التونسية وجامعاتها وشاركوا فيه. 
وكان برنامج اليوم الدّراسيّ ثريّا جدّا أثّثته مداخلات متنوّعة وثمينة على مدار الحصّتين الصباحيّة والمسائيّة. 
وقد انطلقت الحصّة الصّباحيّة في حدود الساعة الثامنة والنّصف واُستهلّت بكلمتي  عميد كليّة الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة وعبد الحميد الفهري أستاذ التاريخ الوسيط ومدير مركز سرسينا بقرقنة بصفته منسّق اليوم الدّراسي. ثم انطلقت الجلسة العلميّة الأولى برئاسة أستاذ تاريخ المغرب الإسلامي وعضو المجمع التّونسي بيت الحكمة محمّد حسن. وكانت البداية مع أستاذ التاريخ الثقافي بجامعة تونس لطفي عيسى الذي تناول في مداخلته موضوع "الأزمة والثقافة والتاريخ في ضوء مباحث هشام جعيّط وعبد الله العروي". وعلى إثر ذلك، تناولت الكلمة أستاذة التاريخ الإسلامي الوسيط بكليّة العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس حياة عمامو لتتحدّث من خلال مداخلتها عن "سياسة التمصير عند المسلمين في فترة الإسلام المبكّر". وبعدها اُسندت الكلمة لأستاذ التاريخ الوسيط بجامعة تونس خالد كشير وكانت مداخلته تحت عنوان «Hichem Djait, maître d’une école historique pour l’étude de l’islam ». وخاضت أستاذة تاريخ الأديان بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة سلوى بالحاج صالح في موضوع "استكمال السّيرة المحمّدية لهشام جعيّط: النّبيّ محمّد والمؤلّفة قلوبهم". 
أما الجلسة العلميّة الثانية فقد ترأّستها الأستاذة حياة عمامو واستهلّها أستاذ تاريخ المغرب الإسلامي وعضو المجمع التّونسي بيت الحكمة محمّد حسن بمداخلة تحت عنوان "سؤال الماضي وهاجس المصير في بواكر كتابات هشام جعيّط". وتناول الكلمة على إثره أستاذ التاريخ الوسيط ومدير مركز سرسينا بقرقنة عبد الحميد الفهري ليكشف مواقف "جعيّط في مسائل طبيعة المجتمع العربي وأنماط الإنتاج في المعهد الكلاسيكي". وتطرّق أستاذ التاريخ الوسيط بكليّة الآداب والفنون والإنسانيّات بجامعة منّوبة لطفي بن ميلاد من خلال مداخلته إلى مسألة "الأنا والآخر وعائق التّجاوز".
وأثناء الفترة المسائيّة، أشرف أستاذ التاريخ الوسيط ومدير مركز سرسينا بقرقنة عبد الحميد الفهري على الجلسة العلميّة الأخيرة التي تضمّنت مداخلة أستاذ الحضارة بجامعة صفاقس محمّد الخراط وعنوانها "المنزع الإنساني في كتابات هشام جعيّط" ومداخلة أستاذ التاريخ المعاصر بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة عادل يوسف وموضوعها «le souci démocratique chez Hichem Djait : d’après ses deux articles célèbres (1967/1988) et une lettre inédite (1978) ». وتجدر الإشارة إلى انفراد هذه المداخلة التي اجتهد من خلالها الأستاذ عادل يوسف في نقل مواد صحفيّة إلى مادّة تاريخيّة توثيقيّة فيما يتعلّق بأزمة جعيّط مع بورقيبة على إثر ما جدّ من خلاف حادّ بين بورقيبة والمفتي جعيّط بخصوص الإفتاء بصوم رمضان أو تركه. ثم أُحيلت الكلمة إلى السّيد نادر الحمامي أستاذ الدّراسات الإسلاميّة بجامعة قرطاج تونس الذي تحدّث عن "سؤال المصادر في تاريخيّة الدّعوة المحمديّة في مكّة لهشام جعيّط" معتبرا أنّ جعيّط لم يكن ماركسيّا متكلّفا ومشدّدا على أنّ الفقيد لم يدخل عالم الكتابة والتفكير بمنطق مادّي جدليّ فحسب وإنّما أيضا بتوجّهات متّصلة بعمق القرآن. واُختتم اليوم الدّراسي بثلاث مداخلات لكلّ من أستاذ التاريخ الوسيط بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة حميدة التوكابري «somme théologique sur le gain, al-kasb, en islam »، أستاذ التاريخ الوسيط بكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة البشير العبيدي "أطفال غير المسلمين في المشرق الإسلامي خلال القرن الأوّل للهجرة بين المنظور الفقهي والواقع" وأستاذ التاريخ الوسيط الإسلامي بجامعة منوبة نبيل قريسة "هشام جعيّط المؤرّخ وفيلسوف التّاريخ". 
الأستاذ عبد الحميد الفهري: 
" جعيط في مسائل طبيعة المجتمع العربي وأنماط الإنتاج في العهد الكلاسيكي
 نتّفق على تصنيف جعيط من بين المفكّرين الذين اتبعوا المنهج الماركسي والنيو ماركسي مع ميول قومية صريحة في ظل ما اتصل بأبعاد الأمّة. ومعلوم أن هذا العلاّمة يميل عند كتابة التاريخ إلى شرح رؤى المدارس والمناهج صمن المدرسة الألمانية بأسسها من الهيقلية إلى الماركسية أأكد على أن ما أقدّمه يندرج في سياق تراكمي ولا أدعي اصلاح أو تعويض أي قراءة لمسألة الأمة وطبيعة المجتمع العربي وأنماط الإنتاج التي توافق العلاقات القائمة بين الفاعلين في تطوره. وأقترح نتائج عقد كامل من البحث أعده للنشر في عمل قد يظهر في أواخر سنة 2022 محاولا تقديم رؤية شاملة لمسائل نمط الانتاج وطبيعة المجتمع اعتمادا على المصادر المتوفرة تناول الطور المفصلي للنظام السياسي الاجتماعي عند العرب منذ ما قبل الإسلام ن إلى نهاية الدولتين وقيام القوى الاسلامية غير العربية وذلك بفحص الجدلية التي قامت بين العروبة والإسلام أساسا وما يستدعي ذلك من العودة إلى أصول العرب، ونقلتهم الجامعة بين العسر واليسر لعهود طويلة من العرف إلى فترة قصيرة من الشريعة انتهى بتحويرات ذات بال لخصوصيات المجتمع العربي التنظيمية. " 
الأستاذ لطفي عيسى:
" حاولت هذه المساهمة تقليب وجهات النظر بخصوص علاقة المسألة الثقافية بالكتابة التاريخية، بالاستناد على مراجعة نقدية للتصوّرات التي صاغها المؤرخ هشام جعيط ضمن مؤلفيه الموسومين بـ "الشخصية والمصير العربي الإسلامي" و"أزمة الثقافة الإسلامية"، وهي عروض شكل كتاب "أزمة المثقفين العرب: تقليدية أم تاريخانية" لعبد الله العروي، وباعتراف جعيط نفسه، واقدا في عملية صياغة جوانب مهمّة من مضامينها. ويكمن الهدف من إنجازها في تعقّب مظان التوافق ومواضع الافتراق بين المسارين، في توضيح الدور الذي لعبته المنعرجات السياقية التاريخية في صياغة وجهات نطر كلاهما، خاصة فيما يتعلق بضرورة انتقال مجال المغارب من معاودة انتاج نفس البنيات التقليدية إلى ابتكار فكر جديد قادر على مجادلة ماضيه بمسافة وعقلانية وتجاوز أزمته الفكرية والثقافية. 
لبلوغ ذلك تم التركيز على علاقة تاريخ المغرب الإسلامي بالثقافة والدين منذ انتشار الإسلام وحتى تشكّل ظاهرة الإسلام السياسي، وذلك على خلفية انسداد أفق التجارب الإصلاحية للدول الوطنية الناسلة عن تصفية الاستعمار، وفشل مشاريعها التنموية في صياغة انتقال حاسم بهذا الصدد. 
ولعل ما ينبغي التفطن له هو قيمة المفهوم الاجرائي الذي اشتغل عليه عبد الله العروي ضمن مؤلف "أزمة المثقفين العرب" 1974، وهو أثر تم إنجازه ونشره بعد مؤلفيه الأولين "الأيديولوجيا العربية المعاصرة" (1967) و"مجمل تاريخ المغرب" (1970)، حيث توصلت عارضة العروي الفكرية وبكثير من التوفيق والألمعية، إلى إكساب فكرة التقليد معنى التسنّن الذي تم غالبا ما تم استدعاؤه بغية التمسك بالماضي، الأمر الذي ينبغي معه ردّ القديم إلى المعالجة العقلانية أو إلى التاريخانية، قصد التدقيق في أشكال مصادقته على الجديد وتدعيم حقه في الوجود إزاء مختلف المنظومات القديمة المنافسة له. وهو ذات ما حاول هشام جعيط البتّ في صوابه بتعميق النظر في الشخصية التونسية 1974 وفي امتداداتها المغاربية (أزمة الثقافة الإسلامية 1999)، بردهما إمّا إلى المعالجة النفسانية، أو إلى القراءة التاريخية أو إلى الاثنين معا، منتهيا إلى أن استفحال ظاهرة الإسلام السياسي لا يعود إلى الأثر العميق للاستعمار فحسب، بل إلى بالتحديث السريع لدولة الاستقلال. وهو تحديث تم إدراكه باعتباره اغتراب أو ارتهان. الشيء الذي حوّل الإسلام السياسي إلى نوع من الثأر الثقافي، أو إلى عودة مبدئية إلى الداخلي والذاتي تمثل هدفها في مناهضة الاستعمار وامتدادات مشروعه السياسي والثقافي داخليا. لذلك فسواء تمكّنت تلك الحركة من تقلّد السلطة أو لا، أو توصلت إلى اخترق المجتمع أم لم تخترقه، فإنها قد مثّلت من وجهة نظره "رغبة عميقة لدى شرائح واسعة تأثرت بانهيار جميع الطوباويات"، لتقع في النهاية في شرك "تاريخ يصنع المآزق دون أن يقدّم الوسائل لتجاوزها." 
الأستاذ محمّد الخرّاط:
" من وجوه الأنسنة في كتابات هشام جعيّط قراءته التاريخ والمتون بحثا عن الإنسان. وحتى قراته للسيرة النبوية إنما كانت بحثا عن شخصية محمد النبي/الإنسان. فضلا عن ذلك يعتبر جعيّط الثقافة الاسلامية إنسانية في مختلف تجلياتها بما في ذلك النص المؤسس/القرآن الذي هو خطاب موجه للإنسان من أجل خير الإنسان وخلاصه. فالقرآن تبنّى القيم العربية الرفيعة كالمروءة والحلم والتضامن ووصف الذات الإلهية إنما هو وصف مستمدّ من أرقى قيم الثقافة العربية وهو يدل على أن هذه القيم موجودة في الإنسان ولكن الله يمتلكها بامتياز."
 
والملاحظ بصفة جليّة أنّ حضور الطّلبة كان مهمّا وأنّ الأجواء بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة كانت جدّ احتفائيّة وقد عبّرت عن عميق شّعور جميع الأساتذة المتتلمذين على يدي الأستاذ هشام جعيّط رحمه الله خاصّة بالوفاء والعرفان الدّائمين له. وكان القاسم المشترك في شهادات المتدخلين هو التأكيد أنّ المفكّر هشام جعيّط كان لا يفتأ يدعوهم إلى التّدقيق والتّمحيص في المصادر التي ينهلون منها معارفهم ويستقون منها معلوماتهم ويحثّهم خاصّة على عدم الأخذ بالمسلّمات التاريخية. 
ولا بدّ من الإشارة إلى حضور السيّد فوزي الشّرفي ابن أخت الأستاذ هشام جعيّط رحمه الله بصفته مرشّح عائلة جعيّط المضيّقة والموسّعة لنيابتها في رثاء فقيدها وتعداد مناقبه والإشادة بموروثه الفكري والثقافي والأكاديمي. وقد قام السيّد فوزي الشّرفي بتقديم الشّكر لكلّ من الأساتذة المنظّمين لليوم الدّراسي والمتدخّلين فيه ولكليّة الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة. وثمّن الشّرفي المجهودات المبذولة في هذا اليوم الدّراسي من أجل تكريم روح خاله الأستاذ هشام جعيّط معتبرا أنّ أشغال اليوم الدّراسي قد فاقت تطلعاته وتطلّعات العائلة في تخليد ذكرى الأستاذ هشام جعيّط. وأهدى المشرفون على اليوم الدّراسي فوزي الشّرفي باقة من الورود ليكلّل بها ضريح فقيده وفقيد الجامعة التونسيّة المؤرّخ والمفكّر هشام جعيّط رحمه الله.
مصدّق الشّريف
 
ندوة_هشام_جعيط.jpg

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews